غزو غزة يفاقم أزمة الرهائن: غضب شعبي متصاعد وانقسامات داخل إسرائيل
تتصاعد التوترات داخل إسرائيل بسبب قرار غزو مدينة غزة وأزمة الرهائن، مع ضغوط متزايدة من عائلاتهم وغضب شعبي متصاعد ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. واتهم أهالي الرهائن الحكومة بتعريضهم للخطر، بعدما حذّرت "حماس" من أن التوغل البري يعني نهاية أي أمل بعودتهم.
وحذرت "حماس" من أن التوغل البري في مدينة غزة يعني أن إسرائيل فقدت أي فرصة لإخراج رهائنها من القطاع، أحياءً كانوا أم أمواتاً. وفي رسالة إلى الجيش الإسرائيلي، قالت "كتائب القسام" إن نتنياهو أصدر حكما بالإعدام على الرهائن.
ويأتي تحذير الحركة الفلسطينية في الوقت الذي يتصاعد فيه الغضب الشعبي ضد نتنياهو وحكومته داخل إسرائيل، حيث وصلت التظاهرات الأسبوعية في تل أبيب، المطالبة بإنهاء الحرب ووقف إطلاق النار، إلى ذروتها، وقادتها بعض عائلات الرهائن.
كذلك، هرعت عائلات المحتجزين إلى تنظيم احتجاج خارج مقر إقامة نتنياهو في القدس وسط تقارير تفيد بأن الجيش بدأ عمليات برية في مدينة غزة. وأعربت عن قلقها من استخدام "حماس" لأقاربهم كدروع بشرية.
وصرّح العديد من عائلات الرهائن بأن خطط إسرائيل للسيطرة على المدينة ستكون بمثابة حكم إعدام على أحبائهم، بحسب شبكة "سي إن إن" ووسائل اعلام اسرائيلية. (لا يزال 48 رهينة في غزة، يُعتقد أن 20 منهم على قيد الحياة).
وانتشر مقطع فيديو هذا الأسبوع يُظهر إيناف زانغاوكر، والدة الرهينة الإسرائيلي ماتان زانغاوكر، وهي خارج منزل نتنياهو مع عائلات رهائن آخرين، تصرخ: "أخرجوا وأخبروني كيف كذبتم عليّ وأخبرتوني أنكم ستتوصلون إلى اتفاق وتعيدون الجميع. أخرجوا وأخبروني كيف كذبتم عليّ".
Einav Zangauker: “Sara, come out and tell what you promised me at Nir Oz. There are other mothers and fathers here — come out and tell me how you lied to my face, saying you were going to reach an agreement and bring everyone back. Come out and tell me how you lied to me. You… pic.twitter.com/wbPgnPp4d8
— Yael Freidson יעל פרידסון (@YaelFreidson) September 15, 2025
وفي المجمل، قُتل 42 من الرهائن في الأسر بغزة، وفقاً لإسرائيل. من بين هؤلاء، وقعت 20 حالة وفاة على الأقل وسط النشاط العسكري الإسرائيلي، بما في ذلك عمليات إعدام على يد خاطفيهم، وإطلاق نار عرضي، ووفيات في تفجيرات.
تراجع الدعم والتأييد
في موازاة ذلك، تشير استطلاعات الرأي إلى تراجع تأييد نتنياهو إسرائيلياً ودولياً بعد قرار التوغل البري في مدينة غزة. أشار استطلاع رأي نشرته صحيفة "معاريف" الإسرائيلية إلى تراجع دعم حزب "الليكود"، وضعف ائتلاف نتنياهو على خلفية الاجتياح.
وأظهر الاستطلاع أيضا أن أغلبية الإسرائيليين (52%) لا يثقون بنتنياهو كرئيس للوزراء.
كذلك، أشار استطلاع أجرته وكالة "أسوشيتد برس" ومركز نورك إلى أن عدداً أكبر من البالغين الأميركيين يرى أن التدخل العسكري الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية مُفرط و"تجاوز الحدود".
بدوره، اقترح الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات، وخلص تقرير مفوضية الأمم المتحدة إلى أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية.

تحدٍّ عسكري
وتفيد تقارير غربية بأن من الصعب عسكرياً التوغل في مدينة غزة والقضاء على "حماس" من دون تعريض الرهائن للخطر أو التسبب بقتلهم، ما يشكل تحدياً كبيراً للجيش الإسرائيلي.
وبحسب تقرير لـ"وول ستريت جورنال"، يشعر المسؤولون العسكريون بقلق بالغ إزاء المخاطر، لدرجة أنهم يُبطئون هجومهم على المدينة المكتظة بالسكان. ومن المحتمل إذاً أن الهجوم البري عملية طويلة الأمد، وسيستغرق عدة أشهر، وهو أمر بعيد كل البعد عن النصر السريع الذي تأمله إدارة ترامب ومواطنو إسرائيل المنهكون من الحرب.
ومع ذلك، يجادل رئيس الوزراء بأن الضغط العسكري على "حماس" هو السبيل الوحيد لإعادة الرهائن إلى ديارهم، معتبرا أن هذه الطريقة سبق وساعدت في تأمين اتفاقيتي وقف النار اللتين تضمنتا إطلاق سراحهم.
في المقابل، يقول المنتقدون إن نتنياهو يعرّض حياة الرهائن للخطر بتأخيره صفقات كان من الممكن التوصل إليها في وقت سابق. ويرون أنه أطال أمد الحرب ليحافظ على سلطته من خلال استرضاء أعضاء اليمين المتطرف في ائتلافه الحاكم. كما أن إطالة أمد الصراع حال دون محاسبة عامة على إخفاقات الحكومة والاستخبارات قبل هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر.
الخلافات تتزايد بين نتنياهو والمسؤولين الأمنيين
ويبدو أن تقدم إسرائيل نحو مدينة غزة لا يقتصر على انقسام الرأي العام الإسرائيلي فحسب، بل أظهر أيضا خلافاً غير عادي بين القيادة العسكرية والحكومة، بحسب "نيويورك تايمز".
وذكرت "وول ستريت جورنال" نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين أن كبار مسؤولي الأمن حثّوا نتنياهو سراً على عدم توسيع نطاق الهجوم البري على مدينة غزة، والتوصل بدلاً من ذلك إلى اتفاق.
وأفادت "نيويورك تايمز" بأن كبار المسؤولين العسكريين والأمنيين اختلفوا مع نتنياهو مؤخراً بشأن 3 سياسات حاسمة: قراراته بالسيطرة على مدينة غزة، واستهداف كبار مسؤولي "حماس" في قطر، ونهجه في المفاوضات لإنهاء الحرب.
وأشارت الصحيفة إلى أن موقف نتنياهو المتشدد من القضايا الثلاث لم يُعمّق عزلته الدولية فحسب، بل زاد أيضاً من حدة التساؤلات داخلياً إلى أين يقود إسرائيل.
بالرغم من تصاعد الخلافات الداخلية والانتقادات الدولية، لا يواجه نتنياهو معارضة تُذكر من شركائه في الائتلاف. ومع الدعم القوي من إدارة ترامب، يبدو أن القوى الدولية الأخرى لا تملك نفوذاً حقيقياً لإحداث تغيير في سياساته. فهل سيستمر نتنياهو في نهجه المتشدد أم أن الضغوط المتزايدة من الداخل والخارج ستجبر القيادة الإسرائيلية على إعادة التفكير في مسارها؟
نبض