أزمة قيادة في إسرائيل: الجيش يتحدّى المستوى السّياسي
عشية توسيع العملية العسكرية في غزة، وقبل سيطرة الجيش الإسرائيلي على المدينة، انفجرت مواجهة غير مسبوقة بين وزير الدفاع يسرائيل كاتس ورئيس هيئة الأركان إيال زامير، كشفت عنها القناة "12" الإسرائيلية، وأظهرت أن الحادثة التي فجّرت الخلاف تمثلت في منع زامير من دخول مكتب كاتس في مقر وزارة الدفاع (الكيرياه) في تل أبيب، رغم أن الاجتماع بينهما كان مقرراً لمناقشة التعيينات العسكرية.
وأوضحت القناة أن مكتب رئيس الأركان حاول خلال الأيام الأخيرة ترتيب لقاء مع وزير الدفاع للمصادقة على التعيينات، لكن في اليوم المحدد، وعند وصول زامير مساء الاثنين، أبلغه سكرتير الوزير: "لن تتمكن من الدخول، الوزير منشغل حالياً".
وبالرغم من رفض كاتس اعتماد التعيينات، نشر الجيش الإسرائيلي قائمته الجديدة بعد نحو ساعة من إعلان الوزير.
وقال مكتب كاتس إن "مناقشة التعيينات التي أجراها زامير تمت من دون تنسيق أو موافقة مسبقة، وهو ما يخالف الإجراءات المتبعة، ولن تتم مناقشة هذه الأسماء أو المصادقة عليها". وأضاف المكتب أنه سيطلب مستقبلاً من رئيس الأركان التنسيق المسبق قبل أي قرار يتعلق بالتعيينات، لا سيما في المناصب العليا.
في المقابل، أكد الجيش الإسرائيلي أن النقاش كان محدداً سلفاً "وفق القواعد"، وأن الهدف هو ضمان استبدال القادة الميدانيين بطريقة منظمة، مشدداً على أن ترقية الضباط ضرورة لفعالية العمليات الجارية.

تصعيد متدرج
المواجهة العلنية جاءت بعد سلسلة من المناوشات بين الجانبين. فقبل أيام، أرسل مساعد رئيس الأركان إلى مكتب وزير الدفاع قائمة بالمناصب المزمع شغلها، لكنها لم تتضمن أسماء المرشحين. كان من المقرر عقد اجتماع بين زامير وكاتس يوم الخميس لمناقشة الأمر، لكن الاجتماع أُلغي. وعلى مدار عطلة نهاية الأسبوع، حاول مكتب زامير تحديد موعد بديل، إلا أن مكتب الوزير رفض بحجة "جدول الأعمال المزدحم".
يوم الاثنين، أُلغي جدول أعمال كاتس ثم أُعيد تنظيمه، لكن عند حضور زامير، مُنع من الدخول. ورغم طلب الوزير تأجيل نشر قائمة التعيينات إلى ما بعد لقائه المقرر مع رئيس الأركان، أرسل زامير الأسماء إلى الإعلام قبل حصوله على موافقة وزير الدفاع، ما فجّر الخلاف إلى العلن.
لم يكن الصدام مفاجئاً؛ إذ إن العلاقة بين زامير وحكومة بنيامين نتنياهو متوترة منذ أسابيع، خاصة مع تسارع العملية العسكرية في غزة. وبحسب تقارير إسرائيلية، فإن زامير عارض خطة "الكابينيت" للسيطرة على مدينة غزة المكتظة بالسكان، فيما يرى مقربون من نتنياهو وكاتس أن التعيينات العسكرية أداة للضغط على رئيس الأركان وتهميشه قبل مرحلة حاسمة في الحرب.
الخلاف بلغ ذروته عندما أقرّ زامير ترقية 27 ضابطاً، بينهم براك حيرام لرئاسة شعبة عمليات الجيش، وهو أهم منصب برتبة عميد. كاتس رفض هذه الترقية بسبب الجدل الذي رافق أداء حيرام خلال أحداث 7 تشرين الأول/أكتوبر، رغم أن التحقيق العسكري لم يثبت إخفاقات جسيمة بحقه.
اتهامات بتسييس الجيش
أوساط عسكرية اتهمت وزير الدفاع بمحاولة "تسييس الجيش وضباطه" بشكل غير مسبوق، محذّرة من أن التدخل في التعيينات سيؤدي إلى إضعاف التسلسل القيادي، وربما يحوّل الجيش إلى جهاز شرطة خاضع للقرار السياسي. وأشارت هذه الأوساط إلى أن كاتس يسعى لدفع زامير لمجاراة مواقفه في ملفات حساسة، منها الحرب في غزة وقضية تجنيد المتدينين المتشددين "الحريديم".
رغم التصعيد، تؤكد مصادر عسكرية أن زامير لا ينوي الاستقالة، وأنه سيواصل إدارة شؤون الجيش وفق قنواته المؤسسية، في وقت تدخل فيه إسرائيل واحدة من أكثر مراحل الحرب حساسية وتعقيداً.
نبض