لماذا ترفض إيران "سلام ترامب" رغم الدعوة الأميركية للحوار؟

انتقدت إيران، اليوم الثلاثاء، دعوة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للحوار والسلام، ما يثير التساؤل حيال دلالة هذا الرد الإيراني رغم الطرح الأميركي.
وكان ترامب قد أكد في كلمة أمام الكنيست أنه يريد اتفاق سلام مع طهران. وقال: "سيكون رائعاً التوصل إلى اتفاق سلام مع إيران"، مضيفاً: "ألن يرضيكم هذا؟ ألن يكون ذلك جميلاً. أظن أنهم يريدون ذلك أيضاً". وتابع: "نحن مستعدون عندما تكونون مستعدين" للتوصّل إلى اتفاق.
في المقابل، ردت وزارة الخارجية الايرانية في هذا الصدد بالقول: "إن رغبة ترامب المُعلنة في السلام والحوار تتعارض مع سلوك أميركا العدائي والإجرامي ضد الشعب الإيراني، فكيف يُمكن لأحد أن يهاجم المناطق السكنية الآمنة والمنشآت النووية في بلد ما في خضم مفاوضات سياسية، ويقتل أكثر من ألف شخص، بمن فيهم نساء وأطفال أبرياء، ثم يدّعي السلام والصداقة؟!".
وأضافت: "تكرار الادعاءات الكاذبة حول البرنامج النووي السلمي الإيراني لا يبرر في أي حال من الأحوال الجريمة المشتركة للنظامين الأميركي والصهيوني في مهاجمة تراب إيران المقدّس واغتيال أبنائها".
وفي هذا الصدد، يقول الباحث في الشأن الايراني والإقليمي ملحم ريا لـ"النهار" إنه بالنسبة إلى النظام الإيراني "السلام مع إسرائيل أمر أشبه بالمستحيل لأنه يتعارض مع العقيدة السياسية التي بُنيت عليها الجمهورية الإسلامية الإيرانية في عام 1979، فإيران لا تعترف بدولة اسمها إسرائيل وعقيدتها تتعارض إذن مع فكرة الحوار أو السلام مع إسرائيل التي هي دولة غاصبة وينبغي أن لا تكون في المنطقة".
ويضيف: "إيران لا ترغب في أن تكون العلاقة بينها وبين أميركا علاقة تبعية، وبالتالي لا مشكلة لديها في أن تكون هناك علاقات مع واشنطن مبنيّة على الندية والاحترام المتبادل وعدم تدخل الولايات المتحدة في الشؤون الإيرانية.
أما علاقة إيران بالولايات المتحدة، فصحيح أنها انقطعت منذ 1979، لكن بالنسبة إلى الجانب الإيراني، يقول ريا إنه "لا مشكلة من التفاوض مع الولايات المتحدة إذا تعاملت واشنطن باحترام مع طهران ولم تفرض عليها شروطها في ما يتعلق بالبرنامج النووي وفي ما يتعلق بالسياسة الخارجية".
ويذكر ريا أن هذا الأمر حتى الآن لم يحصل للأسباب التي تتعلق بالدعم الأميركي المطلق لإسرائيل. ويرى أن علاقة الولايات المتحدة منذ أكثر من أربعة عقود مع إيران هي علاقة عداء.
كذلك، لا يمكن الحديث عن مفاوضات مباشرة أيضاً "ما دامت الولايات المتحدة تفرض عقوبات على إيران، تريد إلغاء برنامجها النووي كلياً، ودعمت إسرائيل في الحرب السابقة وربما تدعمها في الحرب المقبلة إن حصلت، واستهدفت المنشآت النووية الإيرانية في حرب الاثني عشر يوماً الأخيرة بما يخالف كل القوانين الدولية".
ومع ذلك، يشير ريا إلى أن هناك "بعض الأطراف السياسية الإيرانية بطبيعة الحال خاصة من التيار الإصلاحي تقول إنه ينبغي الانفتاح أكثر على الولايات المتحدة لتخفيف الضغوط الاقتصادية التي تفرضها العقوبات، وبالتالي على إيران أن تغيّر مقاربتها في السياسة الخارجية تحديداً مع الولايات المتحدة ولا مشكلة في الجلوس على طاولة المفاوضات بشكل مباشر وجهاً لوجه مع الأميركيين إن كان هذا الأمر سيرفع العقوبات عن الجانب الإيراني".
يبدو أن دعوة ترامب للسلام، رغم طابعها التصالحي، لم تلقَ صدى إيجابياً في طهران، التي ترى في الخطاب الأميركي تناقضاً مع أفعاله على الأرض. وبين انعدام الثقة، وتصاعد التوتر، والاختلافات العقائدية، تبقى فرص الحوار الحقيقي ضئيلة.