ثلاث سنوات على مهسا أميني: هل انتصرت حركة المرأة الإيرانية؟

ايران 18-09-2025 | 19:45

ثلاث سنوات على مهسا أميني: هل انتصرت حركة المرأة الإيرانية؟

يرى البعض أن حركة مهسا أميني انتهت ونُسيت، وأن وفاتها استُغلت من قبل معارضي الجمهورية الإسلامية لإضعافها. 
ثلاث سنوات على مهسا أميني: هل انتصرت حركة المرأة الإيرانية؟
أشعلت وفاة مهسا أميني شرارة احتجاجات واسعة في إيران عام 2022. (انترنت)
Smaller Bigger

في الذكرى الثالثة لوفاة مهسا أميني، التي توفيت في 16 أيلول/ سبتمبر 2022 أثناء احتجازها لدى الشرطة الإيرانية بسبب عدم الالتزام بالحجاب الإجباري، ما أشعل شرارة احتجاجات واسعة، شكّلت حينها أكبر حركة اجتماعية لحقوق المرأة في إيران، برز سؤال مهم في المجتمع الإيراني: لماذا، رغم اتساع وقوة هذه الحركة في عام 2022، وبعد مرور ثلاث سنوات فقط على هذا الحدث، لا نشهد احتفالات رسمية من جانب الحكومة، أو حتى احتفالات غير رسمية تذكارية أو احتجاجية في إيران؟ ولماذا اقتصر الأمر على تجمعات لإيرانيين في الخارج؟ بمعنى آخر، هل انتهت حركة المرأة في إيران؟

الإجابات متنوعة ومتناقضة
البعض يرد بالقول إن النظام الأمني والشرطي في إيران منع حدوث أي احتفالات أو تجمعات. ويرى آخرون أن حركة مهسا انتهت ونُسيت، وأن وفاتها استُغلت من قبل معارضي الجمهورية الإسلامية لإضعافها. بينما يعتقد فريق ثالث أن الأوضاع العامة في إيران بعد الحرب مع إسرائيل التي أثرت على الاستقرار الداخلي، دفعت الناس إلى الخوف من استغلال أي تجمع أو مظاهرة من قبل "النظام الصهيوني" أو الولايات المتحدة لإثارة الفوضى أو المساس بالأمن العام.
ربما يمكن العثور على أدلة لكل من هذه الإجابات ولكل منها أنصار، لكن هناك تقدير آخر  يقول إنّ حركة مهسا أميني، أو ما يُعرف بحركة "المرأة – الحياة – الحرية"، نجحت إلى حد كبير وأحدثت تأثيرات ملموسة على المجتمع الإيراني. ومن الطبيعي في أي حركة اجتماعية أن يتدخل أفراد أو مجموعات وحتى حكومات لاستغلال شعارات الحركة لصالحهم، وقد حدث هذا أيضاً في هذه الحالة، لكن هذا لا يجب أن يوقع المراقبين في خطأ تحليلي.

صرخة ضد الإجبار
جوهر هذه الحركة لم يكن سوى صرخة النساء والبنات الإيرانيات من أجل تحقيق حقوقهن، وبشكل خاص رفض الحجاب والغطاء الإجباري. والنساء الإيرانيات لم يكنّ معارضات للحجاب بحد ذاته، بل ضد فرضيته والإلزامية، وضد محاولة الرجال تحديد حدود المجتمع وتوحيدها وفق أطر قسرية. حتى النساء اللواتي التزمن بالحجاب الإسلامي انضممن إلى الحركة، مؤكدات أنهن اخترن غطاءهن بحرية، وأن الحكومات ليس لها حق تحديد هذا الإطار، بل يعود الأمر إلى العرف والثقافة العامة.

اليوم، تم الاعتراف بهذه الحرية إلى حد كبير، رغم وجود عقبات واعتراضات، لكن الحكومة، نظراً للظروف بعد الحرب، قبلت بعدم التشبث بموقفها السابق. كما أن المشكلات الاقتصادية الحادة في إيران أبرزت أن الحكومة لديها أولويات أكبر يجب أن تركز مواردها وإمكانياتها عليها، مثل خفض التضخم، وحفظ قيمة العملة الوطنية، وخلق فرص عمل، وتأمين طاقة مستدامة.

 

آلاف الإيرانيين يحيون أربعينية مهسا أميني في مقاطعة كردستان غرب البلاد عام 2022. (أ ف ب)
آلاف الإيرانيين يحيون أربعينية مهسا أميني في مقاطعة كردستان غرب البلاد عام 2022. (أ ف ب)

 

مثال على الهشاشة: قصة نادره رضائي
لتوضيح هشاشة وضع حقوق المرأة في إيران بعد حركة مهسا أميني، يمكن الإشارة إلى تعيين السيدة نادره رضائي (فنانة ومديرة ثقافية معروفة بأسلوبها الحديث) نائباً فنياً لوزارة الثقافة الإيرانية بعد تولي حكومة مسعود بزشكيان (المنتخب رئيساً في تموز/ يوليو 2024)، وإقالتها بعد عام واحد، في الأسبوع الماضي.
رضائي تمثل جيل النساء الإيرانيات الجديد اللواتي يظهرن بغطاء وأسلوب وعلاقات مشابهة لمعظم الناس، ومختلفة جداً عن المديرات التقليديات في الجمهورية الإسلامية. خلال عام إدارتها، بحسب المتخصصين في الثقافة والفن، كان أداؤها مبهراً في الاستجابة لمطالب الشعب في المجال الفني، مثل تنظيم مهرجانات موسيقية متعددة في البلاد، بما في ذلك بوشهر، وكان آخرها عقد حفل موسيقي مجاني لهمايون شجريان (المغني الإيراني الشهير وابن المغني الراحل محمد رضا شجريان) في ميدان الحرية بطهران، الأمر الذي أدى في النهاية إلى إقالتها.
من البداية، عارض التيار المتشدد في البلاد خاصة في البرلمان عملها، وفي النهاية وقع 170 نائباً رسالة إلى وزير الثقافة طالبوا فيها بإقالتها.

الحركة حية
تحليل هذا الحدث يظهر أن تجربة نادره رضائي على الرغم من قصرها، برهنت على أن حركة حقوق المرأة في المجتمع الإيراني حية جداً، وأدلة ذلك واضحة في المجتمع، بل إنها أثرت حتى على مجالات الحكومة والحكم. لكن لا ينبغي المبالغة في التفاؤل، فهناك عقبات كثيرة في المجتمع وأجزاء قوية من الحكومة الإيرانية، وسيستمر هذا التنافس مستقبلاً. ومع ذلك، يمكن التنبؤ بأن نساء إيران، استناداً إلى تاريخ وثقافة البلاد وحاجات العصر، سيواصلن السعي لتحقيق حقوقهن، مع احتمال تحقيق نصر نهائي في هذا المسار.

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

كتاب النهار 11/3/2025 5:40:00 AM
يكفي الفلسطينيين إساءة الى لبنان الذي حضنهم، وإساءة الى اللبنانيين على مختالف فئاتهم ومكوناتهم
ثقافة 11/2/2025 10:46:00 AM
"والدي هو السبب في اكتشاف المقبرة، وكان عمره وقتها 12 عاماً فقط سنة 1922."
النهار تتحقق 11/3/2025 10:29:00 AM
تظهر المشاهد الرئيس عون في قاعة كبيرة، وسط أشخاص. وفي المزاعم، "كان يزور "معرض أرضي" في الضاحية". هل هذا صحيح؟ 
وُلدت دواجي في هيوستن بولاية تكساس لأسرة سورية، وقضت طفولتها بين الخليج والولايات المتحدة بعد انتقال عائلتها إلى دبي وهي في التاسعة من عمرها.