ايران 03-09-2025 | 18:09

إيران ما بعد الحرب مع إسرائيل: حريّة اجتماعيّة غير مسبوقة تثير التّساؤلات!

حتى لو عادت الحكومة إلى سياساتها السابقة، فإن المجتمع الإيراني، خاصة النساء والفتيات فيه، لن يعود إلى الماضي، وسيحمي بحزم حقه في اختيار أسلوب الحياة.
إيران ما بعد الحرب مع إسرائيل: حريّة اجتماعيّة غير مسبوقة تثير التّساؤلات!
ايرانية في أحد شوارع طهران.
Smaller Bigger

بعد الصراعات والتوترات الواسعة بين الحكومة والمجتمع في إيران في 2022، تحت شعار "المرأة، الحياة، الحرية" في انتفاضة اندلعت عقب وفاة الشابة الكردية مهسا أميني في حجز الشرطة الأخلاقية، لم تعد النساء والفتيات الإيرانيات يعشن الظروف التي كانت سائدة قبل الانتفاضة، إذ رفضن النماذج الرسمية للزي المقدمة من المؤسسات الحكومية. 

ورغم أن الشرطة خفضت عدد دوريات النهي عن المنكر المعروفة بدوريات الإرشاد، وأوقفت التعامل الجسدي مع الفتيات والنساء غير المحجبات، فإن الشرطة حاولت منع تثبيت التغييرات الاجتماعية لمصلحة حريات النساء والفتيات، خاصة الجيل الجديد، بفرض غرامات مالية باهظة، ومصادرة سيارات النساء.

التوترات الجديدة والتشريعات القاسية
وعندما أدت هذه الطريقة أيضاً إلى نشوب توترات اجتماعية جديدة، وأثارت عدم رضا الشعب، قام نواب متشددون وغيرهم من المؤسسات المناهضة للحجاب الاختياري، والتي تتمتع بدعم جزء من المجتمع التقليدي والديني في إيران، بإقرار قانون يشدد العقوبات والقيود ضد النساء غير المحجبات.

عارض العديد من الحقوقيين والمثقفين والصحافيين والطبقات الاجتماعية هذا القانون، لكن مجلس الشورى الإسلامي أقره، وأكده مجلس صيانة الدستور المكون من 12 عضواً، 6 منهم فقهاء يعيّنهم المرشد.

في الوقت نفسه، لم تسجل أي علامة على تغيير أسلوب حياة النساء أو تراجعهن، حتى أعلن مسعود بزشكيان، رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية، أن تنفيذ هذا القانون غير ممكن، وقد يؤدي إلى تكرار أحداث 2022. وارتفعت احتجاجات المتشددين ضد موقف الرئيس، لكن المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني أوقف تنفيذ القانون.

دور القيادة والسكوت المتشدد
ومع الأخذ في الحسبان أن تنفيذ قرارات المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران يتطلب موافقة وتأكيد المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، اختار المتشددون والمؤيدون  للحزم في قضية الحجاب الصمت، وهدأت النزاعات بشأن عدم تنفيذ القانون المذكور. 

اللافت للنظر هو أن جزءاً واسعاً من المجتمع الإيراني، خاصة في المدن الصغيرة والقرى، لا يزال ملتزماً تماماً الحجاب الشرعي، لكنهم أيضاً غير راضين عن تدخل الحكومة في قضية الحجاب. وقد استمر هذا الاتجاه حتى حرب الـ12 يوماً التي شنتها إسرائيل على إيران. 

توقعات ما بعد الحرب: تعزيز الوحدة الوطنية
بعد الحرب، بات المجتمع الإيراني الذي أظهر صموداً أمام إسرائيل، يتوقع أن تقدم الحكومة الإيرانية تنازلات للمجتمع، خصوصاً في مجال الحريات الاجتماعية، للحفاظ على الانسجام والوحدة الوطنية. 

لذلك، لم يعد هناك أثر لدوريات الإرشاد بعد الحرب، وحتى الغرامات ومصادرة سيارات النساء غير المحجبات توقفت، ولم تعد النساء تواجه أي قيود من الحكومة في اختيار زيهن في الأماكن العامة. هذه الواقعية أكثر وضوحاً وانتشاراً في المدن الكبرى والمناطق الغنية وفي الجيل الجديد.

ولا شك في أن زائر طهران أو المتجول داخل المراكز التجارية، سيلاحظ حرية اجتماعية غير مسبوقة في اختيار زي النساء والتواصل بين الفتيات والفتيان المراهقين والشباب. ويمكن القول إن هذه الحرية غير مسبوقة من حيث الحجم والانتشار، منذ الثورة الإسلامية.
يتجاوز عدد قليل من فتيات الجيل الجديد في هذه الحرية المحدثة، العرف الاجتماعي والثقافي، ما يثير غضب الطبقات الاجتماعية الدينية والتقليدية واستياءها. لكن علماء الاجتماع يعتقدون أن هذه السلوكيات المتطرفة هي ردة فعل على التشدد السابق، وأن نقطة التوازن ستتحقق  مع مرور الوقت.

النشاط الاجتماعي رغم الضغوط الاقتصادية
ولكن على الرغم من الضغوط الاقتصادية الشديدة، خصوصاً على الطبقات الاجتماعية الضعيفة، يمكن رصد نوع من النشاط الاجتماعي الناتج من تراجع الحكومة عن إلزام النساء بالزي الإجباري وطريقة التعامل والتواصل الاجتماعي. 

بالطبع، لا أحد يعرف إذا كانت هذه السياسة موقتة ومصلحية، خوفاً من أن يؤدي التشدد في ظل تهديد بهجوم إسرائيلي جديد على إيران إلى أزمة اجتماعية، أم أن هذه الحرية هي نقطة بداية لسياسة ثقافية واجتماعية جديدة؟ قد تحتاج الإجابة عن هذا السؤال أشهراً قليلة.

لكن يمكن القول بيقين: حتى لو عادت الحكومة إلى سياساتها السابقة، فإن المجتمع الإيراني، خاصة النساء والفتيات فيه، لن يعود إلى الماضي، وسيحمي بحزم حقه في اختيار أسلوب الحياة.

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

شمال إفريقيا 10/6/2025 7:23:00 AM
فرض طوق أمني بالمنطقة ونقل الجثتين إلى المشرحة.
سياسة 10/5/2025 3:09:00 PM
تابعت: "إن الدستور اللبناني يكفل المساواة بين اللبنانيين، مقيمين كانوا أم مغتربين. وتحقيق هذه المساواة يقتضي تعديل القانون الحالي بإلغاء المادة 112، بما يسمح لكل مغترب بالاقتراع في بلدته الأم".
مجتمع 10/4/2025 12:02:00 PM
من المتوقع أن تتأثر المنطقة اعتباراً من بعد ظهر الثلاثاء بمنخفض جوي متوسط الفعالية مركزه شمال غرب تركيا.
مجتمع 10/4/2025 3:23:00 PM
العملية تأتي في إطار الحملة الأمنية التي ينفذها الجيش في المنطقة لضبط المطلوبين ومواجهة التفلّت الأمني منذ ساعات الصباح الأولى.