ايران 02-09-2025 | 06:00

"السناب باك" يعمّق الانقسام في إيران: صراع داخلي يسبق العقوبات الدولية

يطلق معارضو الاتفاق النووي على السياسيين الذين أبرموه أوصافاً مثل "الموالين للغرب" و"الخونة"، وخاصة ظريف الذي أنكر وجود آلية "سناب باك" لدى إبرام الاتفاق.
"السناب باك" يعمّق الانقسام في إيران: صراع داخلي يسبق العقوبات الدولية
لوحة إعلانية في طهران تعرض صوراً لعلماء نوويين وأجهزة طرد مركزي، وجملة باللغة الفارسية تقول: "العلم قوة". (أ ف ب)
Smaller Bigger

اقترح ممثلو بريطانيا وفرنسا وألمانيا في الأمم المتحدة يوم الجمعة 29 آب/أغسطس الماضي، أي غداة بدء المهلة الزمنية البالغة 30 يوماً لإعادة فرض العقوبات الأممية على إيران، في بيان مشترك، تأجيل تنفيذ آلية "العودة الفورية للعقوبات" أو "سناب باك" (Snapback) لمدة تصل إلى ستة أشهر، شرط سماح الجمهورية الإسلامية لمفتشي الأمم المتحدة بالوصول إلى مواقعها النووية، وأن تُبدد المخاوف بشأن مخزونها من اليورانيوم المخصب، وأن تدخل في حوار مع الولايات المتحدة.
لكن ممثل إيران في الأمم المتحدة أمير سعيد إيراواني، أعلن في اليوم التالي أن "إيران ملتزمة بالديبلوماسية، لكنها لن تتفاوض تحت ضغط التهديدات"، واصفاً الإجراء الأوروبي بأنه "انتهاك للالتزامات الدولية".
وبحسب هذه التطورات، إذا لم توافق إيران على شروط الدول الأوروبية الثلاث حتى نهاية أيلول/سبتمبر الجاري، فسيُطرح موضوع إعادة العقوبات الأممية على مجلس الأمن. من بين أعضائه الـ15، تدعم روسيا والصين وباكستان والجزائر موقف إيران، فيما تقف بريطانيا وفرنسا وسلوفينيا والدنمارك واليونان ولاتفيا والولايات المتحدة ضدها. أما أصوات غيانا وكوريا الجنوبية وسيراليون وبنما لا تزال غير محسومة.

عدم رغبة أميركية في التفاوض
ويقول مسؤول إيراني لـ"النهار"، طالباً عدم ذكر اسمه، إن الولايات المتحدة "لم تُبدِ أي رغبة في التفاوض بعد حرب الـ12 يوماً التي شنتها إسرائيل على إيران" في نيسان/أبريل الماضي، والتي شهدت تبادلاً للهجمات الصاروخية والطائرات الحربية والمسيّرة قبل وقف إطلاق النار. وهو ما يجعل احتمال إعادة فرض العقوبات مرتفعاً.
هذا المستجد زاد من حدة الخلافات الداخلية في إيران حيال "خطة العمل الشاملة المشتركة"، أو ما يُعرف بـ"الاتفاق النووي". فقد أصبحت القضية الأبرز في الإعلام ومواقع التواصل، وسط انقسام واضح بين مؤيدين ومعارضين.

هجوم المعارضين على الاتفاق النووي
يرى معارضو الاتفاق - وغالبيتهم من أنصار سعيد جليلي، المنافس الأبرز للرئيس مسعود بزشكيان في انتخابات 2024 - أن الاتفاق "لم يكن جيداً" إيران، موجّهين سهام انتقاداتهم نحو الرئيس الأسبق حسن روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف، معتبرين أن قبولهما إدراج آلية "السناب باك" قبل عشر سنوات أضرّ بالبلاد.
ويصف هؤلاء الاتفاق بـ"الاستعماري"، ويطلقون على السياسيين الذين أبرموه أوصافاً مثل "الموالين للغرب" و"الخونة"، وخاصة ظريف الذي أنكر وجود آلية "سناب باك" لدى إبرام الاتفاق. بل إن بعض مستخدمي شبكات التواصل سخروا بالقول إن ظريف يجب أن يعيد 75 قطعة ذهبية مُنحت له كمكافأة على الاتفاق ويُحاكم!
وفي السياق ذاته، كشف وزير الخارجية الأسبق علي أكبر صالحي، ورئيس منظمة الطاقة الذرية خلال مفاوضات 2015، أن روسيا عارضت إدراج "السناب باك" آنذاك، لكن اعتراضها لم يُؤخذ في الاعتبار.

 

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان. (أ ف ب)
الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان. (أ ف ب)

 

دفاع المؤيدين عن فوائد الاتفاق
في المقابل، يؤكد أنصار الاتفاق النووي أنه خدم المصالح الوطنية، إذ سمح من خلال قرار مجلس الأمن رقم 2231 لعام 2015 بإلغاء كل القرارات السابقة التي فرضت عقوبات على إيران بين عامي 2006 و2010. ويرون أن غيابه كان سيؤدي إلى كوارث اقتصادية وسياسية، بينما أتاح الاتفاق عقداً من الانفراج.

ويحمّل هؤلاء المعارضين للاتفاق آنذاك، مثل الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد وجليلي – مسؤولية القرارات الدولية السابقة، معتبرين أنهم اليوم يفرحون بعودة "السناب باك" ويحمّلون الاتفاق كل مشاكل البلاد. ويقولون إن أسوأ ما في الأمر أنه قد يعيد إيران إلى عصر مفاوضات جليلي "غير المثمرة" مع الغرب، حين كان يعظ السياسيين الغربيين أخلاقياً بدلاً من السعي للمصالح الوطنية.
وفي هذا السياق، شدد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان على أن معارضي الاتفاق لا يحق لهم القلق من "السناب باك"، لأنه سيعيد البلاد إلى الوضع الذي وضعوه فيه سابقاً.

هل يغير "السناب باك" شيئاً؟
مع ذلك، يرى البعض أن العقوبات الأميركية الأحادية تشكل العبء الأكبر على الاقتصاد الإيراني، وبالتالي فإن تفعيل "السناب باك" لن يبدل كثيراً في الواقع التجاري والمالي، خصوصاً بعدما طورت طهران أدوات التفاف على العقوبات خلال العقد الماضي. ويُفسر ظهور اسم بابك زنجاني مجدداً في هذا السياق، وهو تاجر النفط الذي جمع ثروة هائلة تُقدّر بنحو 50 مليار دولار عبر بيع النفط خلال فترة العقوبات مقابل عمولات ضخمة، قبل أن يُدان بالفساد ويُحكم بالسجن 10 سنوات. وقد عاد اسمه إلى الواجهة مؤخراً بهجماته على رئيس البنك المركزي واتهامه ببيع الذهب والعملات بأسعار مرتفعة.

ضرورة الوحدة في وجه التحديات
تحتدم هذه الخلافات السياسية في وقت يرى فيه كثيرون أن وحدة الصف الداخلي ضرورة قصوى، خاصة مع احتمالات مواجهة عسكرية جديدة بين إسرائيل وإيران. وإذا ما فُعّلت "السناب باك" قريباً، فإن الانقسامات والاتهامات المتبادلة بالخيانة وارتكاب الأخطاء لن تحلّ المشكلة، بل ستزيدها تعقيداً.
وقد عبّر بزشكيان عن هذا القلق بوضوح خلال أسبوع تكريم الحكومة، قائلاً إنه أكثر انشغالاً بالخلافات الداخلية في إيران من "السناب باك" نفسه.

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

العالم العربي 9/15/2025 8:43:00 PM
 خلف الحبتور: في موقف يعكس غطرسة لا حدود لها، يخرج رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو ليأمر سكان غزة بإخلاء مدينتهم، وكأنها ملك له يوزع أهلها كما يشاء
المشرق-العربي 9/12/2025 12:25:00 PM
إقفال منتجع "إكس بيتش" في منطقة وادي قنديل في محافظة اللاذقية.
شمال إفريقيا 9/15/2025 11:56:00 AM
محاكمة سيدة متهمة بقتل زوجها وأطفاله الستة في قرية دلجا التابعة لمركز ديرمواس بمحافظة المنيا
لبنان 9/14/2025 2:53:00 PM
 تغيير مسار طائرة تابعة لشركة طيران الشرق الأوسط المتجهة من بيروت إلى مطار هيثرو في لندن بسبب عارض صحي أصاب أحد الأطفال