إعادة تفعيل "آلية الزناد"... كيف ستردّ إيران؟
دخل السجال بشأن البرنامج النووي الإيراني مرحلة جديدة اليوم، مع إعلان فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا تفعيل الآلية التي تتيح إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران بسبب عدم وفائها بالتزاماتها، وذلك في رسالة إلى مجلس الأمن الذي يعقد الجمعة اجتماعاً طارئاً للبحث في هذا التطور.
وجاء في الرسالة أن الدول الثلاث "ترغب في إبلاغ مجلس الأمن أنه، استناداً الى أدلة عملية، ترى مجموعة إي3 أن ايران لا تحترم التزاماتها" بموجب اتفاق 2015 بشأن برنامجها النووي، و"تلجأ تالياً إلى الآلية المعروفة باسم آلية الزناد"، ومهلتها ثلاثون يوما قبل إعادة فرض سلسلة من العقوبات تم تعليقها قبل عشرة أعوام.
وكان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أعلن أنه مستعد للمفاوضات بشرط أن تضمن واشنطن عدم شن هجوم عسكري على الجمهورية الإسلامية خلال المحادثات.
مخاوف من الخداع الأميركي والإسرائيلي
يقول المسؤولون الإيرانيون إن الهجوم الإسرائيلي على إيران في حزيران/يونيو 2025 وقع في وقت كانت طهران وواشنطن قد أجرتا خمس جولات من المفاوضات السياسية، وأن هذا الهجوم الإسرائيلي والأميركي كان نوعاً من الخداع، ما يدل على أنهم لا يسعون إلى السلام وحلّ الخلافات، خاصة في ما يتعلق بالقضايا النووية. كما أكد المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، مرة أخرى، أن أميركا لن ترضى بأقل من استسلام إيران غير المشروط، وبالتالي فإن المفاوضات "غير مجدية".
لكن جهاز السياسة الخارجية الإيراني، الذي يواجه ضغوطاً شديدة من الرأي العام والجماعات السياسية لتنشيط الديبلوماسية، يحاول الحفاظ على طرق الحوار مع أوروبا وأميركا مفتوحة لمنع حرب جديدة وعودة العقوبات.

خطوات ديبلوماسية نحو التهدئة
في هذا الإطار، التقى ديبلوماسيون إيرانيون وأوروبيون الثلاثاء في جنيف لمناقشة هذا الأمر. وبعد ذلك، وصلت المجموعة الأولى من مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى طهران الأربعاء لاستئناف عمليات التفتيش والإشراف على الأنشطة النووية الإيرانية.
ويُقال إن الدول الأوروبية تطالب بوصول المفتشين الدوليين إلى المنشآت النووية المتضررة في الهجمات الأميركية والإسرائيلية، خاصة في منشأة فوردو. كما يدّعون أن إيران تمتلك كميات من اليورانيوم المخصب بنسبة تفوق 60%، والتي يجب تسليمها إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
في ظل تدهور العلاقات بين إيران وأوروبا، أعدّت روسيا مسودة قرار بشأن إيران يؤجّل قرار مجلس الأمن الرقم 2231 المتعلق بعودة العقوبات ضد إيران لمدة ستة أشهر، ويوقف خلال هذه الفترة أي إجراء ضدها. هذا الإجراء الروسي هو بالضبط ما تريده طهران، إذ يمنحها وقتاً إضافياً للمشاورات الديبلوماسية ويمنع اندلاع حرب جديدة. لكن بعض المصادر تقول إن أميركا والترويكا الأوروبية قد ترفضان هذا القرار. وفي مثل هذه الظروف، قال بعض المسؤولين الإيرانيين، ومن بينهم نواب في البرلمان، في تصريحات علنية، إن طهران أيضاً لا ترغب في تمديد القرار 2231، لأن الاتفاق النووي كان لمدة عشر سنوات وتنتهي صلاحيته في نهاية آب، وإن أميركا وأوروبا هما اللتان انتهكتا الاتفاق في السنوات الماضية، ما جعله غير صالح.
عودة المفتشين وسط تهديدات برلمانية
وتأتي عودة المفتشين إلى طهران في وقت هدد نواب البرلمان الإيراني بأنه في حال تفعيل آلية الزناد وعودة العقوبات، سيتم سنّ قانون يؤدي إلى طرد المفتشين من إيران، وأن طهران لن تسمح طوعاً بعد ذلك بإشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية على أنشطتها النووية.
وقبيل إقرار إعادة تفعيل "آلية الزناد"، ارتفعت أسعار الذهب والعملات الأجنبية في البلاد، ما يعكس قلق الناس والناشطين الاقتصاديين من المستقبل. وتجاوز سعر الدولار الأربعاء في الأسواق الإيرانية 100 ألف تومان، وهو ما حدث مرة واحدة فقط أثناء الحرب الـ12 يوماً.
ظلال الحرب الجديدة وآفاق المفاوضات
لا يزال شبح الحرب الجديدة يلوح في أفق إيران، وبعضهم يقول إن عدواناً جديداً من أميركا وإسرائيل ضدها أمر لا مفر منه، وأن قضايا مثل آلية الزناد وغيرها مجرد ذرائع للهجوم الجديد. أعلنت إيران استعدادها للرد المتبادل على أي عدوان، وفي الوقت نفسه تواصل تحركاتها الديبلوماسية.
ويقول بعض الخبراء في إيران إن التوتر في العلاقات بين طهران وواشنطن سيظل قائماً ما لم تتفاوضا بشأن أبرز نقاط الخلاف الرئيسية وتتوصلا إلى اتفاق لحلها، فيما ستسعى إسرائيل للاستفادة من هذا الوضع لمصلحتها.
نبض