أزمة مياه خانقة في إيران والسلطات ترد بـ"الغاز المسيّل للدموع والرصاص"

كتب نيك كوسار، الصحافي الإيراني الأميركي الحائز على جوائز ومحلل قضايا المياه، وعلي رضا نادر، الباحث المستقل في شؤون إيران والشرق الأوسط، في مجلة "فورين بوليسي" أن الانهيار البيئي في إيران لم يعد مشكلة تتفاقم ببطء ويتجاهلها القادة لعقود بل أصبح حقيقة واقعة، يتسارع ويهدد بقاء البلاد نفسها. فقد كشف الجفاف القاسي الذي ضرب البلاد هذا الصيف، والذي تراكم مدى عقود من سوء الإدارة وهوس النظام بالصراعات الإقليمية، عن حقيقة صارخة: المياه على وشك النفاد في إيران.
"لطالما كانت إيران بلداً جافاً، حيث لا تتلقى سوى ثلث متوسط هطول الأمطار في معظم الأماكن. لكن في السنوات القليلة الماضية، ساءت الأوضاع، وتمر البلاد الآن بعامها الخامس على التوالي من الجفاف. ما كان في السابق أزمة بطيئة أصبح الآن يتفاقم بسرعة. من 2003 إلى 2019، عندما كان عدد سكان إيران أقل من 90 مليوناً وكانت الأمطار أعلى مما هي عليه اليوم، فقدت البلاد قرابة 211 مليار متر مكعب من المياه. وهذا ما يقارب ضعف إمداداتها المتجددة، وهي كمية المياه التي يتم تجديدها بشكل طبيعي، بمستويات اليوم"، بحسب كوسار ونادر.
وفقاً لهما: "في السنوات الجافة والحارة، ينخفض الإمداد المتجدد بشكل حاد بسبب جفاف التربة بشكل أسرع، وزيادة التبخر ، وانخفاض تغذية طبقات المياه الجوفية. وفي الوقت نفسه، غالباً ما تظل معدلات الاستهلاك من دون تغيير، مما يتسبب بزيادة العجز بشكل كبير. ومع ضعف هطول الأمطار في السنوات القليلة الماضية، تباطأت الخسائر السنوية، لكن الضغط على المياه الجوفية لا يزال شديداً مع ارتفاع درجات الحرارة وتفاقم الجفاف.
بينما تركز العناوين الرئيسية غالباً على طموحات إيران النووية أو حروبها بالوكالة، فإن التهديد الوجودي الحقيقي يكمن تحت السطح - حرفياً. النظام الذي كان يفتخر في يوم من الأيام بقدراته الهندسية في بناء السدود ومشاريع نقل المياه، أصبح الآن مسؤولاً عن نظام هيدرولوجي معطل. جفت الأنهار. اختفت البحيرات. تنهار طبقات المياه الجوفية".
اعترف الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان صراحة في تموز/يوليو بأن "أزمة المياه أكثر خطورة مما يُناقش اليوم. طهران تنفد من المياه، وإذا استمر هذا الوضع، فلن نتمكن من إمداد المدينة".
ويضيف الكاتبان:"شوهد عدد من السكان يحملون أباريق إلى منازل أقاربهم لجلب المياه، بينما ارتفع الطلب على المضخات المنزلية وخزانات التخزين، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل حاد. وسافر آخرون إلى المقاطعات الشمالية هرباً من النقص. في الوقت الحالي، يتعامل سكان طهران مع الوضع بشكل عملي - بمزيج من الخوف والإحباط - ولكن لم تشهد العاصمة أي احتجاجات في الشوارع حتى الآن. في جميع أنحاء البلاد، يواجه المواطنون حرارة لا تطاق ومخاوف متزايدة من استمرار نقص المياه. خارج طهران اندلعت احتجاجات في الشوارع. في السنوات العشر الماضية على المياه، من خوزستان إلى أصفهان. نزل المزارعون والعمال والأسر إلى الشوارع، متسائلين عن سبب جفاف أنهارهم ونضوب آبارهم. مع تراجع الإمدادات العامة، لجأتت أسر إلى صهاريج المياه الخاصة لمجرد تلبية حاجاتها.
ما كان رد النظام على الاحتجاجات؟ الغاز المسيّل للدموع والرصاص، بحسب كوسار ونادر.