ايران 09-07-2025 | 19:07

تسلّل إلى البنية الأمنيّة... لماذا نجح الموساد في اختراق إيران؟

لا يمكن النظر إلى تنامي نشاط الموساد ‏على أنه مجرّد اختراق أمني عابر في إيران.
تسلّل إلى البنية الأمنيّة... لماذا نجح الموساد في اختراق إيران؟
خرق كبير للموساد للبنية الأمنية الإيرانية (وكالات)‏
Smaller Bigger

تزامناً مع سلسلة ضربات إسرائيلية غير مسبوقة استهدفت إيران على مدار 12 يوماً، كشفت وسائل إعلام إيرانية عن عمليات ‏توقيف طالت عدداً من الأشخاص بتهمة التجسس لمصلحة إسرائيل في ‏مختلف أنحاء البلاد.‏

ووصلت حصيلة التوقيفات بتهمة التجسس لمصلحة إسرائيل إلى أكثر من ‏‏700 شخص، فيما لم يُعلن بعد عن العدد الدقيق للاعتقالات في ‏طهران، بحسب ما أفادت وكالة "نور نيوز".‏

وشملت التهم المنسوبة إلى الموقوفين توجيه طائرات مسيّرة صغيرة ‏ومسيّرات انتحارية، فضلاً عن صنع قنابل محلية، وتصوير مراكز ‏عسكرية حساسة، وإرسال معلومات إلى الجيش الإسرائيلي. وفي طهران وحدها، تم اكتشاف ومصادرة أكثر من 10 آلاف مسيّرة صغيرة.‏

وتستند تلك الإحصائيات إلى تقارير رسمية نشرتها المؤسسات الأمنية ‏والقضائية في البلاد، إلا أنها لا تشمل الحالات المتعلقة بالرعايا الأجانب ‏المحتجزين.‏

وكانت مصادر إسرائيلية قد كشفت سابقاً أن فرقاً من الموساد انتشرت ‏على الأراضي الإيرانية، ودرّبت مجموعات عدة قبل أشهر من تفجّر ‏الحرب. ‏

انتشر الموساد في إيران قبل أشهر من تفجّر الحرب (وكالات)‏
انتشر الموساد في إيران قبل أشهر من تفجّر الحرب (وكالات)‏

 

الموساد لاعب مركزي

وفي قراءة  لظاهرة انتشار خلايا الموساد وأسبابها في إيران، يقول ‏المتخصص بالشأن الإيراني الدكتور خالد الحاج في حديث لـ"النهار": ‏‏"لطالما شكّل جهاز الموساد الذراع الطويلة لإسرائيل في ‏الحروب غير التقليدية. لكن منذ بداية عام 2000 تحوّل الموساد من ‏جهاز استخبارات كلاسيكي إلى لاعب مركزي في رسم السياسات ‏الإسرائيلية، خصوصاً تجاه إيران، بل أصبح هو من يصنع الحدث، ‏وبذلك تحوّلت عقيدة الموساد إلى الأسلوب الهجومي بدل الدفاعي".‏

اختراق النواة الأمنية الإيرانية
ويشرح أنه "في الحالة الإيرانية، لا يمكن النظر إلى تنامي نشاط الموساد ‏على أنه مجرّد اختراق أمني عابر، بل هو تحوّل بنيوي في مفهوم ‏الصراع بين الدولتين. إذ باتت إسرائيل تخوض مواجهتها مع إيران من ‏داخل إيران، مستخدمة أدواتها الاستخبارية، وقدراتها التقنية، وشبكاتها ‏السرية التي نسجتها على مدى عقدين في العمق الإيراني".‏

ويقول: "منذ عام 2010، ومع تسارع وتيرة البرنامج النووي الإيراني، ‏بدأت عمليات نوعية تنسب مباشرة إلى الموساد، بدءاً من اغتيالات ‏العلماء النوويين، ثم جاءت عملية سرقة الأرشيف النووي من طهران ‏عام 2018".

ويضيف: "غير أن الضربة الأكثر قسوة تمثّلت باغتيال ‏محسن فخري زادة، الذي لم يكن مجرد عالم، بل رأس المشروع النووي ‏العسكري. ونُفذت العملية في تشرين الأول/نوفمبر 2020 باستخدام ‏سلاح آلي يتم التحكم به عن بعد عبر الأقمار الاصطناعية، ما كشف عن ‏طفرة نوعية في تكنولوجيا الموساد، واختراقه الزمني والمكاني للنواة ‏الأمنية الإيرانية".‏

ويتابع الحاج: "رافقت تلك العمليات موجات من التفجيرات الصناعية ‏والتخريب الإلكتروني في منشآت كبرى كنطنز وبارشين، ما سبّب ‏تأخيرات تقنية ملموسة في المشروع النووي، وأعاد توجيه بوصلة ‏الصراع من الحدود إلى البنى التحتية الداخلية".‏

 

استمرت الحرب بين إيران وإسرائيل 12 يوماً (وكالات)
استمرت الحرب بين إيران وإسرائيل 12 يوماً (وكالات)

 

هشاشة البيئة الداخلية الإيرانية
لكن السؤال الأهم يبقى: لماذا نجح الموساد في اختراق إيران بهذا ‏الشكل؟‎ ‎الجواب، وفقاً للحاج لا يكمن فقط في براعة الموساد، بل أيضاً ‏في هشاشة البيئة الداخلية الإيرانية في لحظات التحوّل.‏

ويلفت الحاج الى أن "الداخل الإيراني تحوّل إلى ساحة حرب استخباراتية ‏غير معلنة، وظهر الموساد كفاعل ميداني يُدير معركته بصبر استراتيجي ‏طويل، يهدف إلى إنهاك بنية النظام لا إسقاطه المباشر، لكن أخطر ما ‏يُظهر عمق الاختراق الإسرائيلي، ليس فقط في اغتيال علماء أو تفجير ‏منشآت، بل في تسلل الموساد إلى داخل البنية الأمنية الإيرانية نفسها".‏

الموساد (وكالات)
الموساد (وكالات)

 

الوضع الاقتصادي والنظام
من ناحيته، يرى المحلل المتابع للشؤون الإقليمية إبراهيم ريحان أن ‏‏"هناك أسباباً عدة لانتشار خلايا الموساد في إيران، والسبب الرئيسي ‏يعود إلى الوضع الاقتصادي المتردّي بسبب العقوبات وحاجة الناس إلى ‏الأموال، إضافة إلى أن البعض داخل إيران يحمّل مسؤولية ما وصلت ‏إليه الأوضاع إلى النظام الحالي، وبالتالي هم على استعداد للتعاون مع ‏أي طرف لإلحاق الضرر به". ويضيف: "هناك قسم من الجيل الثاني والثالث بعد ‏ثورة (روح الله) الخميني لا يعتبرون أنفسهم ملزمين أيديولوجياً بالنظام الحالي، ‏وأيضاً وجود ميل لدى الشعب الإيراني للانفتاح نحو الغرب أكثر من ‏الشرق عكس النظام".‏

وعن قراءته لانتشار هذه الظاهرة بكثرة، يقول ريحان لـ"النهار": ‏‏"السلطات الإيرانية لم تبذل الجهد الكافي خلال السنوات الماضية لمكافحة ‏انتشار خلايا الموساد، وذلك لانشغالها بمعارك الإقليم وخصوصاً محاولة ‏تمتين نفوذها في سوريا، بالتالي فإن تركيزها على الخارج أفقدها التركيز ‏على الداخل. كما يدل ذلك على وجود مزاج لدى فئة كبيرة من الشعب ‏الإيراني لا ترى أن النظام الحالي يمثل تطلّعاتها لا من حيث شكل النظام ‏ولا من حيث صدامه مع الغرب". ‏

دور أساسي خلال الحرب

أما عن تأثير ودور العملاء على مسار الحرب الإسرائيلية - الإيرانية، ‏فيؤكد ريحان أن "العملاء لعبوا دوراً أساسياً في الحرب لناحية ‏تحديد الدفاعات الجوية وتعطيلها عبر إطلاق الطائرات المسيرة من ‏مسافات قريبة، بالإضافة الى تحديد أماكن ضباط وقادة الحرس الثوري ‏وفيلق القدس والعلماء النوويين".‏

ويضيف أن "بعض الخلايا بالداخل نفّذت عمليات اغتيال للعلماء ‏النوويين، لذا كان لها تأثير كبير من الناحية الأمنية لناحية تزويد ‏الإسرائيليين بالمعلومات الاستخبارية في ما يتعلق بالعناصر البشرية، ‏وأيضاً تحديد أماكن الدفاعات الجوية ومنصات الصواريخ المخبأة بالجبال ‏وبعض المنشآت الأساسية التي تدخل ضمن البرنامج النووي والتي كانت ‏تعتبر سرية". ‏

ووفقاً لريحان، فإن "الجغرافيا الإيرانية الواسعة سهّلت على هذه الشبكات ‏إنشاء قاعدة مسيّرات داخل شاحنات وتجهيزها. وبسبب المساحات ‏الواسعة من الصعب على أي جهاز أمني بوضع إيران المضطرب أن ‏يتمكن من ضبط الخلايا الموجودة أو ملاحقتها". 


في الختام، يتضح أن نشاط الموساد داخل إيران لا يقتصر على عمليات ‏استخباراتية تقليدية، بل يشمل شبكات معقدة من العملاء المحليين ‏والعمليات النوعية تستهدف الأمن القومي الإيراني.‏


الأكثر قراءة

العالم العربي 9/29/2025 5:14:00 PM
"نحن أمام مشروع ضخم بحجم الطموح وبحجم الإيمان بالطاقات"
تحقيقات 9/30/2025 4:06:00 PM
تقول سيدة فلسطينية في شهادتها: "كان عليّ مجاراته لأنني كنت خائفة"... قبل أن يُجبرها على ممارسة الجنس!
ثقافة 9/28/2025 10:01:00 PM
"كانت امرأة مذهلة وصديقة نادرة وذات أهمّية كبيرة في حياتي"
اقتصاد وأعمال 9/30/2025 9:12:00 AM
كيف أصبحت أسعار المحروقات في لبنان اليوم؟