خامنئي يرفض التفاوض ولا يُغلق الباب: ماذا يريد المرشد من ترامب؟
لدى استقباله كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين في إيران، رفض المرشد الأعلى علي خامنئي طلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب التفاوض مع واشنطن التي قال إنها ليست بصدد إجراء محادثات بل تريد "التآمر والتحكم بغطرسة وفرض مطالبها" على طهران.
ولم يرفض خامنئي دعوة ترامب فحسب، بل عرّج أيضاً على البيان الذي أصدرته الدول الأوروبية الثلاث (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) قبل أيام بشأن عدم وفاء إيران بالتزاماتها النووية، وانتقد عدم وفاء الدول الأوروبية بالتزاماتها الواردة في الاتفاق النووي خلال السنوات الماضية، معتبراً أنها "تمارس الصلافة ونكران الجميل".
وفضلاً عن المواقف الشفافة لخامنئي، صدرت عنه إشارتان في هذا الاجتماع تعكسان معارضته اقتراح ترامب: الأولى، الآية 159 من سورة "آل عمران" التي عُلقت في لافتة على صدر المجلس، وهي "فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ". والثانية، هي ترتيب جلوس كبار القادة العسكريين والشرطيين إلى يمينه، الأمر الذي لم يسبق أن حصل من قبل. إن هاتين الإشارتين، إلى جانب كلمة خامنئي، تظهر أن إيران لا تعتزم التنازل والتراجع عن سياساتها المختلف عليها مع أميركا وأوروبا، أي إنها غير جاهزة للتفاوض بشأن الموضوعات الخمسة التالية:
1- خفض تخصيب اليورانيوم من 60 في المئة إلى ما دون 20 في المئة.
2- خفض مخزونات اليورانيوم المخصب التي يقال إنها تبلغ 275 كيلوغراماً.
3- وصول مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية من دون قيود.
4- القدرات الدفاعية الإيرانية، وخاصة الصواريخ الباليستية.
5- وقف الدعم الشامل لقوى المقاومة في لبنان وفلسطين واليمن.
لكن خامنئي لم يُغلق في كلمته هذه ومواقفه السابقة باب المحادثات بصورة عامة، بل يبدو أنّه يمارس الديبلوماسية العلنية مع ترامب بدلاً من الجلوس خلف طاولة المفاوضات، لارغامه من خلال تحديد الخطوط الحمر للجمهورية الإسلامية على تقديم مقترحات أكثر جاذبية وحداثة تكون مقبولة من إيران.
بيد أن القضية المهمة والرئيسية التي لفتت انتباه المراقبين الدوليين والرأي العام في إيران أكثر هي ردود الفعل الأميركية والإسرائيلية المحتملة على مواقف خامنئي، وعما إن كانت إيران ستتجه في ضوء هذه السياسة نحو مواجهة عسكرية. ويبدو أن كل التطورات تسير وفق رغبة إسرائيل التي تُعتبر ورئيس وزرائها بنيامين نتنياهو من المعارضين علناً للمحادثات بين إيران وأميركا والتوصّل إلى اتفاق، وتطلب من أميركا دعمها عسكرياً وسياسياً لتوفير الظروف التي تمكّنها من ضرب المنشآت النووية الإيرانية.
وقبل العمل العسكري، تحرص أميركا على تحقيق مطالبها عن طريق الديبلوماسية، لا سيما أن ترامب يتطلع على ما يبدو إلى الفوز بجائزة نوبل للسلام. وإن استطاع ترامب بعد إقرار وقف إطلاق النار في غزة وضع نهاية للحرب بين روسيا وأوكرانيا، والتوصّل إلى اتفاق مع إيران، فإنه سيفوز حتماً بهذه الجائزة، غير أن إيران لم تستجب حتى الآن لأجندته المقترحة للمحادثات.
وتفيد بعض الأخبار غير الرسمية بأن إيران وجّهت رسالة عن طريق السعودية مفادها أنها إذا تعرّضت لأيّ ضربة عسكرية، فإنها ستستهدف كل القواعد التي تتواجد فيها قوات أميركية، وفي أي بلد كانت، وهذا يعني اندلاع حرب كبيرة في الشرق الأوسط. كما نُشرت أخبار تفيد بأن قوة "الجو فضاء" التابعة للحرس الثوري، تتهيّأ لتنفيذ هجوم ثالث على إسرائيل تحت عنوان "الوعد الصادق 3".
وبالتالي، يمكن القول إن الأشهر المقبلة ستكون حبلى بالتوترات والتصعيد بين إيران من جهة وأميركا وإسرائيل من جهة ثانية، وليس واضحاً إلى أين سينتهي بها المطاف.
نبض