الطائرات بدون طيار غيرت طبيعة الحرب... "جدار المسيرات" درع أوروبا الجديد في مواجهة التهديدات الجوية

في مواجهة التهديدات الجوية المتزايدة من الطائرات المسيرة الروسية، تريد بروكسل إنشاء ما يسمى "جدار المسيرات"، وهو نظام دفاعي على طول الجانب الشرقي للاتحاد الأوروبي يهدف إلى صد الطائرات بدون طيار القادمة من روسيا.
نشأت فكرة "جدار الدرونز" حين طرحت رئيسة المفوضية الاوروبية أورسولا فون دير لاين فكرة "مراقبة الجانب الشرقي" في خطابها السنوي عن حالة الاتحاد الشهر الماضي. حمل الاقتراح طابعاً عاجلاً بعد انتهاك مسيرات روسية المجال الجوي البولندي والروماني والدنماركي، ودخول طائرات مقاتلة روسية الأجواء الإستونية. لكن، لا تزال التفاصيل قليلة لأن المجهود في مراحله الأولى. ونظراً لتزايد اختراقات الطائرات بدون طيار الروسية للمجال الجوي الأوروبي مؤخراً، فإن المسؤولين لديهم دافع للتحرك بسرعة، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز".
وقال حلف الناتو، الذي يعمل مع الاتحاد الأوروبي على هذا المشروع، إن مبارة "جدار المسيرات" ضرورية وتوقيتها مناسب لأنه "لا يمكن إنفاق ملايين الدولارات على صواريخ لإسقاط الطائرات بدون طيار التي لا تكلف سوى بضعة آلاف من الدولارات".
دور أوكرانيا محوري
أدت الطائرات المسيرة الأوكرانية المستخدمة للدفاع والهجوم دوراً محورياً في ساحة المعركة على مدار أكثر من ثلاث سنوات منذ الغزو الروسي، ما أدى إلى تغيير طريقة خوض الحروب، وأصبحت الدول حريصة على إتقان تكنولوجيا ساحة المعركة الجديدة وسريعة التطور، بحسب وكالة "أسوشيتد برس". لكن استعداد أوروبا وتكنولوجيتها متخلفان كثيراً عن أوكرانيا وروسيا، حيث أصبحت حرب الطائرات بدون طيار المتطورة علامة فارقة لحربهما المسترة منذ 3 سنوات، بحسب قناة "اي بي سي نيوز".
تستفيد بولندا من خبرة أوكرانيا في حرب الطائرات بدون طيار التي تم اختبارها في المعارك، حيث أعلنت سلطات وارسو وكييف في الآونة الأخيرة عن إنشاء برامج تدريب عسكرية مشتركة ومشاريع تصنيع. وستقوم أوكرانيا وبولندا باختبار طرق جديدة لاعتراض الطائرات بدون طيار، وتبادل الخبرات العسكرية في مجال حرب الطائرات بدون طيار، بحسب ما نقلت وكالة "أسوشيتد برس" عن وزير الدفاع الأوكراني دينيس شميهال. كذلك، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن الجيش الأوكراني يشارك الدول الأوروبية خبرته في مكافحة المسيرات الروسية، حيث أرسل بعثة إلى الدنمارك لإجراء تدريبات مشتركة.
الطائرات المسيرة غيرت طبيعة الحرب
"جدار المسيرات" ليس مهماً من الناحية الجيوسياسية فحسب، بل يسلط الضوء أيضاً على موضوع متزايد الأهمية يتعلق بالتكنولوجيا والابتكار في الغرب، بحسب صحيفة "فاينانشال تايمز" التي لفتت إلى أن الطريقة التي تدافع بها أوكرانيا عن نفسها قد شهدت تحولاً غير متوقع.
في العام الماضي، أنتجت أوكرانيا أكثر من مليوني طائرة بدون طيار. ويمكن أن يتجاوز هذا الرقم 10 ملايين طائرة العام المقبل، إذا توفرت الأموال اللازمة. وهذا يعني أن أكثر من نصف الطائرات بدون طيار في أوكرانيا يتم إنتاجها محلياً الآن، ولم تعد الصين هي السباقة في هذا المجال. لذا يرغب مسؤولو الناتو الآن في التعاون مع أوكرانيا ويحرصون بشكل خاص على الوصول إلى الكنز الدفين من البيانات التي جمعتها طائراتها المسيرة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي المستقبلية. ورأت الصحيفة أن هذا قد يغير ميزان القوى الدبلوماسي: لم تعد أوكرانيا تطلب المساعدة الغربية فحسب، بل أصبح لديها أيضا ما تحتاجه أوروبا وأميركا.
"جدار المسيرات" ليس مجرد مشروع دفاعي، بل خطوة استراتيجية تعكس وعي أوروبا بالتحولات في طبيعة الحروب الحديثة. عبر التعاون مع أوكرانيا وتكامل التكنولوجيا، يسعى الاتحاد الأوروبي لتعزيز أمنه الشرقي وامتلاك زمام المبادرة في مواجهة التهديدات الجوية المستقبلية.