هل بات ترامب مؤيداً لنصر أوكراني كامل؟

هو أعنف انتقاد لروسيا منذ بداية ولايته الرئاسية الثانية. انتقل الرئيس الأميركي دونالد ترامب من اعتبار أن أوكرانيا "لا تملك الأوراق" وأن روسيا "دولة محارِبة" بطبيعتها، إلى القول إن الجيش الروسي يشبه "نمراً من ورق". وأعرب ترامب عن اعتقاده بأن أوكرانيا، وبدعم صبور من أوروبا والناتو، قادرة على استرجاع جميع أراضيها "وربما الذهاب أبعد من ذلك". وأضاف أنه بالتوازي على المشاكل الاقتصادية التي تواجهها روسيا، "هذا هو وقت أوكرانيا كي تتحرك". لكن ترجمة هذه التهديدات تتطلب أكثر من كلمات على موقع "تروث سوشل".
معنى المنشور
كتب ترامب أنه سيواصل تزويد الناتو بالأسلحة "كي يفعل الناتو بها ما يريد". من جملة علامات الاستفهام هو ما إذا كانت واشنطن ستقبل بمد أوكرانيا بالأسلحة الهجومية الطويلة المدى القادرة على ضرب العمق الروسي، بالرغم من أن الجواب أقرب إلى النفي. ومع أنه أشار إلى "الوضع الاقتصادي السيئ" لروسيا، لا يبدو ترامب راغباً بفرض عقوبات إضافية، على الأقل، ليس قبل وقف أوروبا استيراد الطاقة من الروس. لكن اللافت للنظر إشارته إلى طوابير السيارات التي تصطف أمام محطات الوقود، وهي مشاهد حديثة نسبياً أعقبت الهجمات الأوكرانية على المصافي النفطية الشهر الماضي. معنى ذلك أن ترامب مهتم بالحصول على معلومات محدّثة عن الحرب.
ما يظهره منشور الرئيس الأميركي لغاية اللحظة أن العبء الأكبر للحرب لا يزال واقعاً على كاهل الأوروبيين. سيكون على بروكسل تحديد الحاجات الأوكرانية العسكرية وصولاً إلى الإجراءات الاقتصادية المتوقعة. كما كتب وزير الدفاع الأوكراني الأسبق أندري زاغورودنيوك في "فورين أفيرز"، تحتاج كييف إلى المزيد من المسيّرات والأسلحة العالية التقنية والمساعدة على الابتكار والدمج، كما على فرض مناطق حظر جوي.
وبحسب صمويل راماني من صحيفة "التلغراف"، تحتاج أوروبا إلى استخدام الأصول الروسية المجمدة لتمويل الدعم العسكري لأوكرانيا وإعادة الإعمار. وذكر أن قبول واشنطن ببيع السلاح إلى بروكسل يسمح لأوروبا بإبقاء كييف في المعركة من دون إرهاق مخزوناتها الخاصة. هذه بعض أوراق القوة التي بإمكان أوروبا البناء عليها.
خبرة بوتين
إذاً، فوق الميدان ما من تطورات كبيرة مرتقبة بناء على كلام ترامب. أغلب الظن أن موقفه الجديد مبني على "خيبة أمل" من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومن الصعب الاعتقاد بأن خيبة الأمل هذه تحولت بهذه السرعة إلى استراتيجيا جديدة. ما هو في غاية السهولة عادة بالنسبة إلى ترامب، تحويل الغضب إلى انتقادات لاذعة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وعلى أي حال، بات بوتين خبيراً في "تنفيس" غضب ترامب، عبر خطوات رمزية لا تنتهي، مثل اقتراحات هدنة قصيرة أو عقد قمة أخرى مع الرئيس الأميركي. ويمكنه أيضاً اقتراح فكرة عقد قمة ثلاثية تجمعه مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لإظهار إصراره على "نيته" بوقف الحرب. لقد أتت قمة ألاسكا نفسها على خلفية فرض ترامب رسوماً جمركية ثانوية على الهند.
في الشق المعنوي، سيعطي كلام ترامب أوكرانيا دفعة أمل جديدة، في وقت تواجه أوضاعاً داخلية صعبة على مستوى التمويل والتجنيد والثقة بالمستقبل بحسب تقرير حديث لمجلة "إيكونوميست".
مع ذلك، إن دلت السنوات القليلة الماضية على شيء، فهو أن أمل أوكرانيا بالتطورات الخارجية مراوغ إلى حد بعيد.