فرنسوا هولاند لـ"النهار": الاعتراف بفلسطين لا يغير شيئاً... أضعنا عشر سنوات في سوريا وحالياً هناك نوبل للعجز
رأى الرئيس الفرنسي الأسبق فرنسوا هولاند أن اعتراف الغرب بالدولة الفلسطينية لا يغير ما يحصل اليوم في غزة والضفة الغربية، داعياً دوله إلى مواصلة الضغط من أجل وقف إطلاق النار. وحمّل الرئيس الأميركي دونالد ترامب مسؤولية عدم منع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من مواصلة حربه، واصفاً إياه بأنه يكره الديموقراطية والتعددية "وهو لم يوقف حربي أوكرانيا وغزة ليستحق جائزة نوبل للسلام". واعترف هولاند بتأخير إسقاط نظام بشار الأسد عشر سنوات. هنا حوار أجرته "النهار" مع هولاند:
+ بعد الاعتراف بالدولة الفلسطينية في مؤتمر حل الدولتين، يشعر كثيرون في المنطقة أن الغرب يتلاعب بالفلسطينيين بعد أن سمح لإسرائيل بتقويض أسس دولتهم. هل يعزز الغرب برأيك آمالاً باطلة بدولة وهمية؟
- دعونا لا نلوم الغرب على قرارات كان يجب اتخاذها منذ وقت طويل. الاعتراف بدولة فلسطينية لايغير شيئاً اليوم مما يحصل في غزة والضفة الغربية. ما يجب أن تفعله فرنسا وأوروبا خصوصاً، هو مواصلة الضغط من أجل التوصل إلى وقف للنار ومعاودة المفاوضات، لا مع الحكومة الاسرائيلية، ولكن أيضاً مع الولايات المتحدة.
نعرف اليوم أن من لا يمنع نتنياهو من مواصلة عمليته في غزة، هو دونالد ترامب. وفي وقت يبدو أن نتنياهو يهرب الى الأمام، لذا فإن الضغط الذي يتعين على الغرب، وتحديداً أوروبا، ممارسته هو على الرئيس الأميركي من أجل وقف الهجوم في غزة وإطلاق مفاوضات حقيقية.
+ هل تقول إن هذه الموجة الجديدة من الاعترافات الدولية بالدولة الفلسطينية لا تغير شيئاً؟
- لا أقول إنها لا تغير شيئاً، قول ذلك سيكون غير عادل، والدليل هو أن السلطة الفلسطينية رحبت بالمبادرات التي اتخذتها، لا فرنسا فحسب، بل دول عدة، ولكن هذه الخطوة لا تؤدي تلقائياً إلى السلام، بل هي خطوة تسمح للسلطة الفلسطينية وللفلسطينيين بإيجاد الأمل، النور، لكنه ضعيف جداً، في الظلام الذي يحدث اليوم في المنطقة.
+ هل لا يزال حل الدولتين في رأيك واقعياً، أو بات ضرورياً في هذه المرحلة البحث عن بدائل؟
- ما تسعى إليه حكومة نتنياهو هو جعل هذا النموذج مستحيلاً، من خلال الاستيطان، والحرب في غزة، وجعل لكنني أعتقد أن علينا مواصلة هذه العملية، ولا أعتقد أن حل الدولة الواحدة قابل للتطبيق.
+ ولكن ما هي الشروط الدنيا اللازمة لفتح أفق سياسي حقيقي للفلسطينيين والإسرائيليين؟
- بالنسبة إلى الفلسطينيين، أعتقد أن الوضوح بشأن "حماس" ضروري. هذا عدا عن إطلاق الرهائن، وهو الشرط الأول، ولكن اعطاء ضمانات لا للجانب الاسرائيلي فحسب، وإنما للمنطقة كلها، بابعاد حماس نهائيا. إعطاء مصداقية للدولة يحتم تهيئة الظروف الاقتصادية، أي أن تمتلك هذه الدولة الفلسطينية الوسائل اللازمة لضمان تنميتها. وهنا أيضاً، تكمن مسؤولية الدول العربية التي تعلن الدعم، وعليها أيضاً ترجمته إلى أفعال. وأخيراً، يجب إيجاد إطار قانوني، أي أن من الضروري، لإدارة دولتين، حل مسألة القدس وضمان أمن الدولتين، وكذلك مسألة الحدود النهائية.

+شنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب هجوماً لاذعاً على الأمم المتحدة يوم الثلاثاء، محذراً أوروبا من أنها متجهة نحو الدمار إذا لم تتوافق مع رؤيته المناهضة للهجرة والمشككة في تغير المناخ. ما الذي يكشفه هذا الخطاب عن رؤية ترامب للعالم؟
- على الأوروبيين أن يدركوا أن دونالد ترامب ليس مجرد شخصية غامضة، أو متقلبة، وإنما لديه أيضاً رغبة قوية في تحدي الديموقراطية والتعددية، بل وحتى ما يمكن أن يكون عليه العالم المتناغم، وهو ما يتجلى هنا تحديداً في قضية المناخ. لذا، على أوروبا أن تكون وواضحة اليوم في مواجهة خطاب لم يكن عدوانياً تجاه أوروبا فحسب، بل كان أيضاً يتحدى مبادئ الأمم المتحدة.
+ زعم الرئيس ترامب أنه أنهى سبع حروب منذ توليه منصبه. هل تؤيد ترشحه لجائزة نوبل للسلام؟
- ليس لي أي تأثير على جائزة نوبل للسلام، لكن كيف يقول إنه حقق السلام في وقت يستمر القصف يومياً في غزة وأوكرانيا يومياً... لا. في الوقت الحالي، هناك جائزة نوبل للعجز (عن وقف الحرب).
+ بعد قمة ألاسكا، اتخذت الحرب بين أوكرانيا وروسيا منعطفاً أكثر خطورة. إلى أين يتجه أول صراع كبير على الأراضي الأوروبية منذ الحرب العالمية الثانية؟
- هناك تحول في الموقف الأميركي، لا أعلم إن كان مستداماً، وهو اعتبار روسيا المعتدي. حتى وقت قريب، كان هذا هو الموقف الذي رفض دونالد ترامب تأييده. اليوم، لا يقتصر الأمر على التهديد المباشر لسلامة أراضي أوكرانيا، بعد الغزو، بل هناك طائرات مسيرة وطائرات تنتهك المجال الجوي الأوروبي. لذا، بالنسبة إلى دول حلف الناتو، يستدعي هذا رداً يتناسب مع الفعل التهديدي، أو على الأقل الفعل العدواني، الذي يُنسب الآن بوضوح إلى روسيا.
+ هل تقول إن العقوبات المفروضة على روسيا فشلت؟
- لا، أعتقد أن العقوبات ليست صارمة بما يكفي. لكي يتأثر الاقتصاد الروسي بشكل دائم، يجب تطبيق جكل التدابير الممكنة. مسألة شراء الغاز والنفط، والإجراءات التي يمكن اتخاذها ضد عدد من القادة الاقتصاديين الروس، وكذلك التحايل على العقوبات. اليوم، الدول التي تتحايل على العقوبات، كما نعلم، هي إيران والصين، وأيضاً الهند.
+ هل فاجأكم تغيير النظام في سوريا بعد 12 عاماً من قراركم الذي لم يكتمل بالتدخل العسكري هناك؟ كيف تنظرون إلى دعم الغرب لأحمد الشرع؟
- صدمت أخيراً بالانهيار السريع لنظام بشار الأسد، ما أقنعني أيضاً أنه في عام 2013، لو فعلنا ما كان متوقعاً منا، لكان هذا النظام قد انهار بالفعل. يعني أننا أضعنا عشر سنوات. نميل الى الاعتقاد أن الديكتاتوريات لا تتزعزع، وأن القوى التي ترتكب المجازر منيعة، ولكن هذا خطأ. ضاعت عشر سنوات، ولكن رحيل بشار الأسد حصل في غضون أيام قليلة، وبالتالي تستعيد سوريا نسمة من الحرية. ولكن الأمر غير محسوم. فهل سيقدم الشرع وعوداً أم سيذهب إلى أبعد من ذلك ويسمح مع الدستور الجديد، بحماية الحريات والأقليات وإعطاء الاستقرار لسوريا، وهو أمر مهم للغاية للمنطقة بأكملها. لذلك أعتقد أننا يجب أن نضع الشروط، وأن نكون يقظين للغاية. ويجب أن نتصرف عندما تكون هناك انتهاكات خطيرة، ولقد كانت هناك بعض الانتهاكات في ما يتعلق بالعديد من الأقليات، ولذلك يجب أن نبقي أعيننا مفتوحة.
+ في لبنان، تُكافح السلطات اللبنانية لضمان احتكار الدولة للسلاح، وهو شرط أساسي للحصول على المساعدات الدولية. هل ترى حلاً، أم أننا نواجه خطر حرب إسرائيلية أخرى؟
- ما يحصل حالياً يُرحّب الكثيرون به بشدة، أي هذه الرغبة المشتركة في العيش معاً في ظل حكومة تجمع كل الأطياف وتعمل لتمكين لبنان، رغم الظروف الراهنة، من الحفاظ على وحدته وسلامته وضمان نزع السلاح، ليكون الجيش اللبناني الجهة الوحيدة التي تمارس سلطة الأمن الشرعية.
+ ختاماً، أود أن أسالك عن الكتاب الذي قرأته هذه السنة وتعتبره كتاب 2025؟
- أعتقد أن الكتاب الأكثر أهمية هو كتاب "ساعة المفترسين" (L' heure des predateurs ) للكاتب الإيطالي جوليانو دا إمبولي، الذي كشف، بعدما فضح النظام الروسي، عن انحراف النموذج الأميركي.
نبض