السوريون... في مهداف المتطرفين الأوروبيين!
"أريد أن تعود بلادي إلى ما كانت عليه دوماً... غالبية سكانها من البيض... ولا تجد فجأة 20 أو 30 سورياً يعيشون في منطقتك ويتحرشون بابنتك الصغيرة"!
هذا ما قاله شاب في مقتبل العمر حينما سُئل عن سبب مشاركته في مسيرة السبت الماضي التي قادها الناشط اليميني تومي روبنسون وأغرقت لندن بشعارات عنصرية معادية للمهاجرين وللإسلام.
الاتهامات مقلقة، وخصوصاً أنها جديدة وألقيت جُزافاً في مسيرة غاضبة كانت عرض عضلات يوحي بأن شوكة اليمين البريطاني المتطرف قد قويت أكثر من المتوقع. فجريمة التحرش الجنسي غالباً ما تُلصق بذوي الأصول الباكستانية. لكنها باتت توجه للسوريين بشكل ظالم دونما أدلة. ومعروف أن شيطنة مجموعة ما توفر الفرصة للانقضاض عليها.

وإذا بات اللاجئون السوريون الذين يقدر عددهم في بريطانيا بأقل من 9 آلاف شخص موضع استهداف من قبل "زعران" عنيفين نسبياً هناك، فكيف يشعر مواطنوهم الموجودون في ألمانيا (نحو 700 ألف) والسويد (250 ألفاً) حيث العنصريون أشد بأساً وأعمق تجربة في التعاطي بقسوة مع الأجانب؟
فرّ بشار الأسد تحت جنح الظلام، وبقي ضحاياه في مدن أوروبا عرضة للفقر والاستغلال والاتهامات المتجنية التي يخشى أن تمهد لاعتداءات مباشرة ضدهم. فماذا فعلت، أو تفعل، دمشق حيال مليون لاجئ سوري هربوا إلى أوروبا من بطش النظام البائد بعد 10 أشهر من سقوطه؟
صحيح أن أكواماً من الملفات المهمة تنتظر المعالجة، فلا بد أن تركة "الدولة الفاشلة" التي خلفها نظام "الأبد" ثقيلة. لكن، ألا يجدر بالسلطات أن تُدرج قضايا هذا العدد الكبير من أبناء البلاد في أوروبا ضمن أولوياتها بعدما باتت علاقاتها مع دول القارة العجوز طبيعية وصار بوسعها، من حيث المبدأ، أن توفر لهم الحماية القانونية التي يحتاجونها؟
والحق أن ثمة مبررات كثيرة لاهتمام دمشق بهؤلاء السوريين في أوروبا وخارجها، الذين تقدر وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة عددهم بـ 6 ملايين و 200 ألف لاجئ، أي قرابة خمس سكان البلاد. فهم مواطنون لهم حقوق وعليهم واجبات منها الانتخاب والمساهمة في بناء سوريا الجديدة بقدراتهم المختلفة عن تلك التي يتمتع بها المقيمون. وربما كان بينهم، من يستطيع أن يرسل الفتات لعائلته في الوطن، حيث 90 في المئة من الناس يعيشون تحت خط الفقر ولولا التبرعات التي تردهم من الخارج لمات كثيرون منهم جوعاً.
وليس من قبيل التهويل القول إن المدّ الشعبوي المتطرف في أوروبا أصبح كابوساً تتعاظم سطوته باستمرار، كما بدا واضحاً يوم السبت في أكبر تظاهرة معادية للمهاجرين في تاريخ لندن، حسنة التنظيم، شارك فيها نحو 150 ألف إنسان، بينهم ممثلون عن مجموعات أوروبية وكندية وأميركية متطرفة، وحظيت بدعم لافت من الملياردير إيلون ماسك.
وألقى هذا كلمة تحريضية لحث البريطانيين على الدفاع عن أنفسهم لأن "الحرب آتية إليكم"، مطالباً بحل مجلس العموم (المنتخب ديموقراطياً من قبل الشعب!) وتجريد الحكومة من صلاحياتها!
في هذه الاثناء، دعا متظاهرون إلى "اغتيال كير ستارمر" رئيس الوزراء، فيما ندد الخطباء، بمن فيهم ضيوف أوروبيون وأميركيون، بالإسلام مطالبين بإعادة اللاجئين إلى بلدانهم الأصلية.
كان العنف و خطاب "الحرب" نفسه الذي ارتفع في أميركا في أعقاب جريمة اغتيال المؤثر اليميني تشارلي كيرك، يتردد بقوة في المسيرة. فهل يُترك اللاجئون السوريون ليواجهوا الخطر العنصري وحدهم؟
نبض