"جزرة نوبل"... ورقة أوروبا لاستمالة ترامب؟

بالنسبة إليها، الأمر سهل.
اقترحت مجلة "إيكونوميست" مؤخراً أن يعلن الأوروبيون، وبشكل صاخب، أنهم يدعمون الرئيس الأميركي دونالد ترامب للحصول على "جائزة نوبل للسلام"، وإطلاق تلميحات إلى أنهم تحدثوا إلى أوسلو لدراسة الموضوع. يمكّنهم ذلك من الدفع بمصالحهم القومية مع ترامب. وكتبت المجلة أن الرئيس الأميركي، وحين اتصل بوزير المالية النرويجي ليتحدث عن الرسوم، تطرق أيضاً إلى موضوع "نوبل".
مع ذلك، يبقى الواقع معقّداً لتحويل أوروبا هذا الطموح إلى "جزرة" لاستمالة الرئيس.
بوتين غير صامت
ليس الأوروبيون وحدهم من يستطيعون إغراء ترامب بالكلمات والوعود. أثبت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه قادر على دغدغة مشاعر نظيره الأميركي، حين قال في قمة ألاسكا إنه لو كان ترامب لا يزال رئيساً للولايات المتحدة سنة 2022، لما وقعت الحرب.
بالرغم من أن الجزم بما كان ليحصل في تاريخ موازٍ هو مستحيل، يبقى أنه من الآمن الاعتقاد بأن الحرب كانت واقعة حتى لو فاز ترامب. فقد ظلت أوكرانيا محدِّد الإرث الأكبر الذي سعى بوتين إلى تحقيقه، بصرف النظر عن هوية ساكن البيت الأبيض.
كذلك، لا يستطيع الرئيس الأميركي الاحتماء طوال الوقت خلف سلفه جو بايدن. ترامب هو الرئيس الآن، ولو كان لديه التأثير على بوتين لوقف الحرب سنة 2022 فمن المنطقي أن يكون لديه تأثير مماثل سنة 2025. وللتذكير، ظلت الحرب مستعرة في دونباس طوال ولايته الأولى. على أي حال، يعرف بوتين كيف يغازل ذوق نظيره الأميركي. مع ذلك، لن يكون الأوروبيون مجردين من أي تأثير.
حظهم جيد؟
من محاسن الصدف بالنسبة إلى الأوروبيين أن يتوقف عدد من الحروب على يد الإدارة الحالية، أو في ظل ولايتها. يزعم ترامب أنه استطاع وقف 6 نزاعات. بحسب ما نقله موقع "ذا كونفرسيشن" عن خبراء في الحروب التي ادعت الإدارة أنها أوقفتها، جاء التقييم مختلطاً. حققت الإدارة "بعض النتائج الإيجابية" على المسرح الدولي، لكن ادعاء ترامب بأنه أوقف ست حروب "لا يستقيم تماماً".
بصرف النظر عن الوقائع الموضوعية، يؤمن ترامب بأنه حقق نجاحات متتالية في وقف النزاعات. هذا التصور مفيد للأوروبيين على قاعدة أن الرئيس الأميركي يفكر على الأرجح بحاجته إلى حل نزاع إضافي كبير، مثل ذلك الدائر بين روسيا وأوكرانيا، ليحصد الجائزة المرموقة. هكذا تصبح "الجزرة" أكثر قيمة بيد بروكسل. لكن مجدداً، ليس الأمر بهذه السرعة.
الخلاصة في السلوك الاقتصادي؟
ربما يخشى ترامب من أن يؤدي أي ضغط أميركي على روسيا إلى إذكاء نيران الحرب بدلاً من إخمادها، وبالتالي، إلى ربط بلاده بنزاع لا يريده. قد يكون هذا الهاجس أكبر من أي طموح بحصد جائزة نوبل.
في السلوكيات الاقتصادية ما يُعرف بـ"النفور من الخسارة" وهو المبدأ الذي يقوم على أن الناس يخافون من ألم الخسارة أكثر مما تغريهم متعة الربح. لن يكون هذا الشعور الغريزي غريباً عن ترامب. هو قد يفسر إلى حد كبير سبب مواصلته تمديده للمواعيد النهائية - بطريقة لانهائية - كي يوقف بوتين حربه.
لا جدال في أن أوروبا قادرة على دغدغة مشاعر ترامب عبر التلويح بورقة "نوبل". لكن هذه الورقة محدودة التأثير على الرئيس الأميركي. تماماً كما هو تأثيره على قرارات بوتين العسكرية.