ميرتس وسيطاً للمصالح الأوروبية: استعادة الدور لألمانيا بين الفرص والمخاطر

أوروبا 22-08-2025 | 06:42

ميرتس وسيطاً للمصالح الأوروبية: استعادة الدور لألمانيا بين الفرص والمخاطر

فشلت ألمانيا منذ حقبة المستشارة السابقة أنغيلا ميركل في اتباع سياسة خارجية فاعلة وأداء دورها كوسيط لحل القضايا والنزاعات على مستوى العالم.
ميرتس وسيطاً للمصالح الأوروبية: استعادة الدور لألمانيا بين الفرص والمخاطر
المستشار الألماني فريدريش ميرتس. (أ ف ب)
Smaller Bigger

فشلت ألمانيا منذ حقبة المستشارة السابقة أنغيلا ميركل في اتباع سياسة خارجية فاعلة وأداء دورها كوسيط لحل القضايا والنزاعات على مستوى العالم، كما تراجع أداؤها كقوة دافعة داخل الاتحاد الأوروبي، على الرغم من كونها قاطرة اقتصادية وسياسية وعسكرية للقارة العجوز. فهل ينجح المستشار فريدريش ميرتس، بصفته رئيس حكومة أكبر دولة عضو في التكتل، بإعادة الدور الريادي الذي طال انتظاره لألمانيا؟


تشير قراءات سياسية إلى أن نجاح ميرتس في جمع أكبر عدد من رؤساء الدول والحكومات الأوروبية مع الرئيس الأميركي  دونالد ترامب، بحضور الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في قمة افتراضية عُقدت قبيل لقاء ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا أخيراً، شكّل إنجازاً ديبلوماسياً لافتاً، من شأنه أن يؤتي ثماره في السياسة الخارجية الألمانية. كما أن حضور ميرتس ومواقفه في الانعطافات السياسية والأمنية الأوروبية زادا من التوقعات تجاهه، في ظل طاقته وأفكاره الجديدة، وهو الذي يؤكّد باستمرار من بروكسل رغبته في مراعاة مخاوف الدول الأصغر حجماً في التكتل، بما يذكّر بتوجهات هيلموت كول. ويستند ميرتس إلى فريق مستشارين سياسيين واقتصاديين ذوي خبرة، إلى جانب خطواته لترميم العلاقات مع فرنسا وإعادة ترتيب العلاقة مع بريطانيا.
وقال وزير الصحة الأسبق ينس شبان إن المستشار كان قوة دافعة في جهود أوروبا لإيجاد حل سلمي لأوكرانيا، مضيفاً لوكالة الأنباء الألمانية أن الفضل يعود لميرتس في تمكّن أوروبا من امتلاك موقف موحّد وصوت مسموع، وأن الولايات المتحدة مستعدة أيضاً لتقديم ضمانات أمنية – وإن كانت غامضة – لأوكرانيا.
أما الباحث السياسي توماس برغمان، فيقول لـ"النهار" إن التصويت الألماني في بروكسل لم يعد يتسم بالتحفظ أو الاكتفاء بتسويات داخلية بلا أثر خارجي، بعدما التزمت حكومة ميرتس بتشديد تنسيق السياسات الأوروبية وتعزيز دور المستشارية، التي وُصفت سابقاً بـ"العملاق المتردد" في أوروبا. وأضاف أن ألمانيا، القوية اقتصادياً فقط، قادرة على استعادة نفسها بشكل مناسب، على أن يتوافر النمو الاقتصادي والاستقرار الأمني والنفوذ الدولي.
وفي تعليقها لصحيفة "تاغسشبيغل"، رأت نورا مولر، رئيسة قسم السياسة الدولية في مؤسسة "كوربر ببرلين"، أن ضعف الاقتصاد سيقود حتماً إلى تراجع التأثير السياسي، مشدّدة على أن على ألمانيا أن تكون قوية اقتصادياً لتفرض نفوذاً على المسرح الدولي، وهو أمر لم يحظَ بالاهتمام الكافي في السنوات الماضية.
وبحسب الخبير المخضرم نوربرت روتغن، من الحزب المسيحي الديموقراطي، فإن ما يمكن أن تفعله أوروبا الآن يعتمد بشكل حاسم على الرئيس الأميركي ترامب. وفي هذا السياق، رأى برغمان أن نجاح ميرتس يكمن في ترسيخ مكانته كوسيط للمصالح الأوروبية، لكنه حذّر من أن استعادة النفوذ لا تتحقق بالتصريحات وحدها، بل بالأفعال، وبأن تتحرك أوروبا بسرعة قبل فوات الأوان.

 

لقاء ترامب مع القادة الأوروبيين في واشنطن لبحث إنهاء الحرب في أوكرانيا. (أ ف ب)
لقاء ترامب مع القادة الأوروبيين في واشنطن لبحث إنهاء الحرب في أوكرانيا. (أ ف ب)

 

ربط الاقتصاد بالأمن والسياسة
قدّم الدكتور فولفغانغ ميرز، الخبير السابق في صندوق النقد الدولي، تحليلاً نشرته "الأكاديمية الأوروبية" في برلين، أوضح فيه أن من الأهمية بمكان أن تربط ألمانيا الاقتصاد بالسياسة، مشيراً إلى أن الاضطرابات الجيوسياسية تتطلب وضوحاً وقيادة استراتيجية، محدداً خمسة مبادئ توجيهية أساسية: بناء هيكل دفاعي أوروبي، واتباع سياسة مالية مرنة، وتجديد العلاقات الثنائية، وتنفيذ إصلاحات لاتحاد أوروبي قادر على التوسع، ووضع رؤية مستقبلية للقارة.
وفي ما يخص القدرات العسكرية، رأى محللون أن ألمانيا مضطرة إلى المضي قدماً في إعادة التسلح، بعد إقرار ميزانية ضخمة، لتطوير وتجهيز البوندسفير سريعاً، رغم البيروقراطية والتحديات الأمنية الناجمة عن روسيا. ويحذّر خبراء من أن موسكو قد تكون مستعدة لخوض حرب كبرى بحلول عام 2029، مما يضع أمام ميرتس فرصة بناء جيش رادع وموثوق. وإذا نجحت ألمانيا في تحويل طموحاتها إلى قدرات عملية، فإن دولاً أوروبية أخرى ستحذو حذوها.

 

عبء السياسة الداخلية
ورغم التحركات الخارجية، يواجه ميرتس تحديات داخلية كبيرة. فبينما يحاول تعزيز نفوذ ألمانيا عبر أوروبا وترامب، لا يزال عبء السياسة الداخلية ثقيلاً، وسط خشية من تزايد الالتزامات المالية والعسكرية. وهو لم يتمكّن حتى الآن من ترك بصمة واضحة في إنعاش الاقتصاد أو تطوير الجيش أو معالجة قضايا العدالة الاجتماعية.
كذلك، يبرز الرفض الشعبي لإرسال جنود إلى كييف، والقلق من إنفاق المليارات على إعادة الإعمار وشراء الأسلحة من الولايات المتحدة، في وقت تواجه الصناعات الألمانية خطر الانهيار بسبب التعريفات الجمركية العقابية التي فرضها ترامب، والمنافسة الصينية في الأسواق الأوروبية، فضلاً عن تراجع قيمة المعاشات والتقديمات الصحية والتعليمية.


العلامات الدالة

الأكثر قراءة

النهار تتحقق 11/17/2025 9:19:00 AM
منذ ساعات، يستحوذ الفيديو على اهتمام مستخدمين كثر تفاعلوا معه بآلاف اللايكات والتعليقات. ما قصته؟ 
النهار تتحقق 11/17/2025 11:20:00 AM
"هذه الصور وصلتنا قبل قليل للخلية التي ألقت عناصر من الأمن والداخلية السورية القبض عليها، وهي تابعة لحزب الله..."، تقول المذيعة. ما حقيقة هذا المقطع؟
العالم 11/17/2025 6:30:00 AM
لم يتم بعد الكشف عن طبيعة الحادث الذي تعرضت له الحافلة.
سياسة 11/16/2025 7:55:00 PM
يتمتع مرتينوس بخبرة تزيد عن 25 عاماً في ممارسة المحاماة، وقد شغل عدة مناصب داخل نقابة المحامين في بيروت قبل ترشحه للنقابة