أوكرانيا وقمة ألاسكا... هل قضي الأمر؟

ستشاهد أوكرانيا اليوم، ومن بعيد، كيف ترسم أميركا وروسيا مستقبلها في ألاسكا. قد يتبين أن قمة الجمعة أسوأ حتى من تفاهم بودابست قبل 31 عاماً. فالأخير كلّف نفسه عناء منح أوكرانيا ضمانات روسية وغربية، ولو ظاهرية، مقابل تسليم السلاح النووي. هذه المرة، قد لا تُقدَّم ضمانات أمنية. والأسوأ أن المطلوب حالياً من أوكرانيا التنازل عن أراضيها، بالتوازي مع التنازل عن حقها بتعزيز قواتها المسلحة. بهذا المعنى، يبدو تفاهم بودابست كَرَماً "حاتميّاً" مقابل ما قد توفره ألاسكا.
أسباب أخرى للقلق
تحدث الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن "تبادل للأراضي". سيكون تبادل كهذا صوريّاً إلى حد كبير، إذ إن الأراضي المحتلة في سومي وخاركيف، والتي قد تتخلى عنها روسيا، لا تُقارَن بما قد تُدفع أوكرانيا إلى التخلي عنه في الدونباس وزابوريجيا وخيرسون والقرم.
رفض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي هذا العرض مشيراً إلى عدم سماح الدستور الأوكراني بذلك، مما أثار انزعاج ترامب: "لقد حصل على الموافقة للذهاب إلى الحرب وقتلِ الجميع، لكنه يحتاج إلى الموافقة (على تعديل دستوري) لتبادل أراضٍ".
وما يصعّب الوضع أكثر على أوكرانيا التباس الأمور على موفد ترامب الخاص ستيف ويتكوف. بحسب "وول ستريت جورنال"، لمح ترامب في حديث إلى القادة الأوروبيين، بعد عودة موفده من روسيا، إلى أن الرئيس فلاديمير بوتين مستعد لسحب قواته من زابوريجيا وخيرسون، مقابل السيطرة على كامل دونيتسك. لكن بعد يومين، قال ويتكوف للأوروبيين إن بوتين طالب أوكرانيا بسحب قواتها من دونيتسك مقابل وقف إطلاق النار. رداً على ذلك، قال مسؤول أوكراني لصحيفة "بيلد" الألمانية إن ويتكوف "لا يدري ما الذي يتحدث عنه". إذن، لا تبدو الاستعدادات الأميركية للقمة المقبلة مثالية للأوكرانيين.
تنزعج أوكرانيا أيضاً من تكرار ترامب وقائع عسكرية غير صحيحة مثل إرجاع سبب إخفاق الجيش الروسي إلى جنرال قرر قيادة الدبابات الروسية عبر الوحول، علماً بأن مشاهد المدرعات المحترقة على الطرقات بالقرب من مدينة كييف موثقة. إذن، يدخل ترامب القمة وهو يحمل وجهة نظر محابية للروس.
فهل قضي الأمر؟
ليس بعد. قلّل ترامب نفسه من إمكانية خروج القمة بنتائج إيجابية، ووصف اللقاء بأنه لمعرفة "ما يدور في ذهن" بوتين. وقال أيضاً إنه يريد تنظيم لقاء يجمعه إلى بوتين وزيلينسكي مباشرة بعد القمة. وأضاف ترامب أنه سيحاول استرجاع بعض الأراضي لأوكرانيا، كما وصف القادةَ الأوروبيين قبل التحدث إليهم حول القمة بأنهم "أشخاص رائعون". وعاود الأربعاء تهديد روسيا بـ "عواقب وخيمة جداً" إذا لم تنهِ الحرب، حيث قال مسؤول أميركي لـ "أكسيوس" إن الرئيس لا يزال غاضباً من بوتين. كذلك، تحدث نائبه جيه دي فانس عن أن الحرب ستتوقف عند الحدود الحالية، وأنه لن يُطلب من أوكرانيا التخلي عن أراضٍ لا تحتلها روسيا.
حتى الصحف الروسية بدت نهاية الأسبوع الماضي متحفظة في افتتاحياتها حول القمة، وأشارت إلى وجود الكثير من "رهاب روسيا" في واشنطن وهو قادر على تعطيل أي نتائج محتملة. يناقض ذلك الكثير من التحليلات الغربية التي تشير، كما في صحيفة "الغارديان" مثلاً، إلى أن ترْكَ ترامب وحيداً في غرفة مع بوتين هو "وصفة كارثية".
في المحصلة، يمكن أن تمر قمة ألاسكا من دون مفاجآت سلبية لأوكرانيا. لكن ذلك، إذا حدث، سيشكل افتراقاً كبيراً عن سياسات ترامب في الأشهر الأخيرة. فهل يكون بوتين هو الذي فرّط بهدايا ترامب؟