روسيا تحقق اختراقاً "مقلقاً" في دونيتسك

كأنه لم يكن يكفي أوكرانيا أن تكون خائفة من قمة ألاسكا. في وقت تستعد لما هو سيئ سياسياً بسبب القمة الرئاسية بين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين، يبدو أنها تستعد أيضاً للسيئ عسكرياً. في 11 آب/أغسطس، أعلنت مجموعة "ديپ ستايت" الأوكرانية التي تتابع تطورات الحرب أن الروس حققوا اختراقاً باتجاه مدينة دوبروپيليا. واعترف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الثلاثاء بحصول هذا التقدم (نحو 10 كيلومترات) واصفاً الوضع هناك بأنه "الأكثر تعقيداً".
ما يجعل الاختراق مقلقاً لأوكرانيا هو أن دوبروپيليا تقع شمال مدينة بوكروفسك التي تعد أحد أشد خطوط الجبهة اشتعالاً. قال الجيش الأوكراني إن روسيا حشدت نحو 100 ألف جندي لاحتلال تلك المدينة. كما تقع دوبروپيليا على الطريق السريع نحو واحد من أهم المراكز المدنية واللوجستية في دونيتسك، مدينة كراماتورسك.
بين الخريطة والواقع
الجدير ذكره أن ما حصل هو تسلل لمجموعات صغيرة غير مدعومة بالمدرعات، وعلى الأرجح مدعومة لوجستياً، بشكل بسيط، عبر طائرات بلا طيار. لكن روسيا شرعت منذ السنة الماضية في الاعتماد على هذا التكتيك. فالمجموعات الصغيرة تخفف من حجم الخسائر وتكشف مواقع الأوكرانيين عبر إطلاق النيران الدفاعية. بعد انكشاف تلك المواقع، تتعرض للاستهداف عبر المسيّرات الروسية أو القنابل الانزلاقية. لاحقاً، وبعد تحقيق موطئ القدم، تتقدم المدرعات الروسية لتعزيز السيطرة على الأراضي المحتلة.
إذاً، إن التقدم الميداني المحرز ليس ثابتاً بعد لأن التعزيزات غائبة بحسب "معهد دراسة الحرب". في الوقت نفسه، يبدو أن أوكرانيا تشن هجمات مضادة على المحور المخترق حديثاً. قال زيلينسكي إنه تم إلقاء القبض على بعض المتسللين وقتل بعضهم الآخر. وثمة أنباء عن تحريك بضعة ألوية للهجوم المضاد.
ضمادة
حققت روسيا الشهر الماضي اختراقاً مشابهاً في بوكروفسك لكن القوات الأوكرانية تمكنت من طردهم لاحقاً. مع ذلك، تلوح أسئلة صعبة أمام الأوكرانيين. فتحريك الألوية لشن هجمات مضادة ليس خطة عملية على المدى البعيد. فهي تُنقل أساساً من أماكن حرجة تاركة نقاط ضعف إضافية خلفها قابلة للاستغلال الروسي. وفي حال تمكن المتسللون من تعزيز سيطرتهم على الأراضي الجديدة، سيكون طرد القوات المحتلة أمراً صعباً جداً. إذا كان الموقع الأساسي غير قابل للدفاع عنه، فسيكون بشكل أحرى غير قابل لاقتحامه مجدداً من دون تكلفة هائلة. وبما أن الأجواء الأوكرانية على خط الجبهة مكتظة بالمسيّرات الروسية، سيكون التنقل نفسه على خطوط الإمداد خطراً. لهذا السبب، ينتقد بعض الأوكرانيين محاولات شن هجمات مضادة بدلاً من صرف الجهود على تعزيز الدفاعات الخلفية.
كتبت الصحافية الأوكرانية سفيتلانا مورينيه في مجلة "سبكتيتور" البريطانية أن التقدم الروسي غير مفاجئ لأنه نتيجة أشهر من التعبئة غير الفعالة ونقص السلاح وفوضى التواصل بين الوحدات والتقارير المضللة التي تصل من الميدان إلى القيادة العليا. حتى "وول ستريت جورنال" عرضت تقريراً عن فقدان الجيش الأوكراني مرونته وغرقه في صناعة قرار على النمط السوفياتي.
المؤكد
بانتظار تبين الوقائع على الأرض خلال الأيام المقبلة، ثمة شيء واحد أكيد. حتى في حال طردت أوكرانيا القوات المتسللة إلى محيط دوبروپيليا، تبيّن الاختراقات قدرة روسيا على اكتشاف ثغرات في الدفاعات الأوكرانية. بطبيعة الحال، لن تستطيع أوكرانيا إعادة سدّ تلك الثغرات إلى ما لا نهاية.