التاريخ إن حكى... ألاسكا تخدم بوتين
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ ب)
Smaller Bigger

هدية أولى: أن يعقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قمة مع نظيره الأميركي دونالد ترامب لمناقشة مستقبل دولة أوروبية. هدية ثانية: أن يعقدها في ولاية ألاسكا بالتحديد. ليس أسبوعاً سيئاً للروس.

 

حاجز نفسي

ثمة افتراضات عدة عن الأسباب الكامنة خلف توافق الطرفين على المكان. صحيح أن ألاسكا لا تبعد عن روسيا، من جهة الشرق، سوى 85 كيلومتراً عند أقرب نقطتين في بحر بيرينغ (يحمل البحر اسم المستكشف الدنماركي-الروسي الأول الذي وصل إلى ألاسكا فيتوس بيرينغ سنة 1741). مع ذلك، سيتعين على بوتين وترامب اجتياز أكثر من 7 ساعات من الطيران إذا انطلقا من الكرملين والبيت الأبيض نحو الولاية. لكن بالرغم من أن ألاسكا بعيدة عن موسكو وواشنطن، يبقى أنها أبعد من أي عاصمة أوروبية. وهذه إحدى الدلالات الرمزية الكبيرة.

 

إذاً، السؤال مشروع عما إذا كانت المسافة الجغرافية تعكس أيضاً مسافة نفسية وسياسية عن الأوروبيين. في ما يتعلق بأمن القارة الأوروبية، شهدت العلاقات بين واشنطن وبروكسل بعض التحسن في الآونة الأخيرة، على عكس أو على حساب العلاقات التجارية. لكن الأكيد أن الحاجز النفسي ولو العرضي الذي تبنيه ألاسكا بين الأميركيين والأوروبيين ملائم للكرملين.

 

التاريخ إن حكى

اشترت أميركا ألاسكا من الروس سنة 7186 بثمن بخس بلغ 7.2 مليون دولار. بأرقام اليوم، تبلغ الصفقة نحو 113 مليون دولار. تظهر بين الحين والآخر لافتات يضعها قوميون على الطرقات الروسية تشير إلى أن ألاسكا ستعود إلى روسيا. في منشور على "إكس"، كتب الباحث السياسي سيرغي سوملني أنه ترعرع في منطقة قريبة من موسكو حيث تعلم في صفوف الجغرافيا أن روسيا لم تبع ألاسكا إلى أميركا، بل أجّرتها إياها لمدة 100 عام، لكن واشنطن "زورت" المستندات لاحقاً.

 

بوتين (أ ب)
بوتين (أ ب)

 

لا شك في أن الروس نادمون لأنهم باعوا المنطقة بعدما أدركوا حجم ما فرطوا به. كان الروس بحاجة إلى المال بعد خسارتهم حرب القرم (1853-1856) أمام البريطانيين والفرنسيين والعثمانيين. ولم تستعد موازنتهم توازنها قبل سنة 1870 كما لم يسترجع الروبل مكانته كعملة دولية مستقرة قبل أواخر القرن التاسع عشر. وهذا يعني أيضاً أنه في فترة الاضطرابات، عجزت روسيا عن إدارة تلك الأرض وحمايتها. لا يعني هذا الندم الكثير على المستوى الاستراتيجي، فالروس مضطرون للتكيف مع الواقع. بمعنى آخر، لا أحد يتوقع مطالبة روسية رسمية للأميركيين باسترجاع الولاية. لكن ذلك يخدم بوتين أكثر مما يضره.

 

بين بوتين وألكسندر الثاني

لن يكون مستبعداً طرح بوتين خلال القمة مسألة أن الحدود غير مقدسة وتتغير بحسب الظروف. بإمكان بوتين استحضار هذه الفكرة، بصياغة أو بأخرى، خلال نقاشه مع ترامب: "ألم تتخلّ روسيا عن ألاسكا بثمن رمزي وقد أصبحت اليوم أميركية باعتراف الجميع؟".

 

لن يرفض ترامب هذا المقترح انطلاقاً من رؤيته العامة للمقايضات، أكانت تجارية أم سياسية. لم يجد ترامب حرجاً بالحديث عن "تبادل للأراضي"، وسيأتي بوتين إلى ألاسكا لترسيخ هذه الفكرة في ذهنه.

 

من جملة الأسباب التي دفعت القيصر ألكسندر الثاني إلى بيع ألاسكا خوفه من الاصطدام بالبريطانيين فيها وخسارته العسكرية أمامهم، ففضّل أن تستلمها الولايات المتحدة. اليوم ثمة حسابات مشابهة بعض الشيء. في الملف الاستراتيجي، أميركا الترامبية أقرب إلى روسيا من بريطانيا والأوروبيين. في ألاسكا، التاريخ يكرر نفسه، أو على الأقل، القافية نفسها.

 

 

الأكثر قراءة

العالم العربي 9/15/2025 8:43:00 PM
 خلف الحبتور: في موقف يعكس غطرسة لا حدود لها، يخرج رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو ليأمر سكان غزة بإخلاء مدينتهم، وكأنها ملك له يوزع أهلها كما يشاء
المشرق-العربي 9/12/2025 12:25:00 PM
إقفال منتجع "إكس بيتش" في منطقة وادي قنديل في محافظة اللاذقية.
شمال إفريقيا 9/15/2025 11:56:00 AM
محاكمة سيدة متهمة بقتل زوجها وأطفاله الستة في قرية دلجا التابعة لمركز ديرمواس بمحافظة المنيا
لبنان 9/14/2025 2:53:00 PM
 تغيير مسار طائرة تابعة لشركة طيران الشرق الأوسط المتجهة من بيروت إلى مطار هيثرو في لندن بسبب عارض صحي أصاب أحد الأطفال