تصاعد خطاب الكراهية اليميني في ألمانيا... هل تنجو الديموقراطية من فوضى التطرف؟

أوروبا 11-08-2025 | 20:29

تصاعد خطاب الكراهية اليميني في ألمانيا... هل تنجو الديموقراطية من فوضى التطرف؟

أفادت التقارير الصادرة عن مكتب الشرطة الجنائية الألمانية عن تنفيذ أكثر من 180 مداهمة في جميع أنحاء البلاد أخيراً، تتعلق بمعظمها بتصريحات يمينية متطرفة.
تصاعد خطاب الكراهية اليميني في ألمانيا... هل تنجو الديموقراطية من فوضى التطرف؟
مؤيدة لحزب "البديل" تؤدي تحية هتلر خلال احتجاج ضد الحكومة الألمانية. (رويترز)
Smaller Bigger
يسجّل مكتب الشرطة الجنائية الألمانية عدداً متزايداً من منشورات الكراهية الإجرامية التي يديرها الطيف اليميني المتطرف في العالم الرقمي، إذ تسعى تلك الجماعات لتقويض الثقة في المؤسسات الديموقراطية وإهانة وتشويه سمعة السياسيين، وبث الخطابات المليئة بالكراهية والتحريض على الأفراد والجماعات، بل تدعو في الكثير من الأحيان، وعلى سبيل المثال، إلى التعرض للاجئين، وتتهمهم بارتكاب جرائم جنائية، وأحياناً تدعو للعنف ضد الأجانب، وصولاً إلى جمع ونشر معلومات وصور خاصة.

مستقبل قاتم للديموقراطية
في الوقت الذي يجري التأكيد على أن الشرطة الجنائية الفيديرالية عازمة على مكافحة هذه الظواهر، أفادت التقارير الصادرة عن المكتب المذكور عن تنفيذ أكثر من 180 مداهمة في جميع أنحاء البلاد خلال المرحلة الأخيرة، تتعلق بمعظمها بتصريحات يمينية متطرفة. وشملت العمليات تفتيش شقق واستجوابات وتحديد هويات. ويتهم المشتبه بهم، الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و55 عاماً، ومن بين أمور أخرى، بالتحريض على الكراهية وإهانة السياسيين وعرض رموز مخالفة للدستور. وفي خضم ذلك، سجلت الشرطة الجنائية الفيديرالية أكثر من 10732 جريمة تتعلق بما يسمى جرائم الكراهية، في العام 2024، وبزيادة 34% عن العام 2023، حتى أن الرقم تضاعف 4 مرات منذ العام 2021، وأن 44% من منشورات الكراهية جاءت من التيار اليميني المتطرف.
وعن الاستراتيجية المتبعة على وسائل التواصل الاجتماعي، بينت تحقيقات استقصائية أنه عدا عما يقدم عليه من يجاهرون بتطرفهم، يتم التركيز على المؤثرين عبر إنستغرام ويوتيوب وتيك توك، ويقدمون أنفسهم للمجتمع في المقام الأول كفنانين من أصحاب الفن الترفيهي الساخر. ويتصدر المشهد في هذا الإطار اسم تيم كيلنر، الذي يعتمد أساليب بلاغية من خلال السخرية التي يستخدمها من جهة للتسلية، ومن جهة أخرى لإخفاء تصريحاته المناهضة لحقوق الإنسان والديموقراطية، لتنهال بعدها موجات الكراهية عبر تعليقات متابعيه الذين يتخطى عددهم الـ 750 ألفاً.
وعن هذه الأساليب الملتوية، أفادت "آيه أردي" الإخبارية عن أندرياس زيك، الباحث في شؤون السلام والصراعات في جامعة بيليفيلد، بأن هذا هو الخطر تحديداً، إذ يريد التيار اليميني هذا الفضاء ما قبل الإيديولوجي، فضاء لا يتسم بوضوح بالتطرف اليميني ولا يهاجم النظام الأساسي الحر بوضوح؛ وهذا ما يجذب شبكات اليمين المتطرف ويجعل خطاب الكراهية مقبولاً اجتماعياً؛ وكله بفعل انتشار منشوراته وفيديواته وعروضه الصاخبة التي تمكنهم من مد جسور تواصل مع المجتمع المحلي.
وفي هذا الصدد، دعا وزير داخلية ولاية شمال الراين-وستفاليا هربرت رويل في تصريحات إعلامية إلى اتخاذ إجراءات أكثر حسماً في التعامل مع الكراهية على الإنترنت، داعياً لإحالة كل البلاغات إلى القضاء بعد أن تحقق الشرطة في الأمر.

مستقبل قاتم للديموقراطية
وفي حين يُقال إن المتهمين ينتمون إلى أوساط يمينية ويسارية على حد سواء، بينت شبكة "أن دي آر" أنه وفقاً لدراسة صادرة عن معهد أبحاث الجريمة في ولاية ساكسونيا السفلى حول العنف والاعتداء على السياسيين، استطلع فيها الباحثون آراء نحو 1500 سياسي على المستويين المحلي والاتحادي، ظهر أن 60% منهم تعرضوا للعنف في مرحلة ما ولمرة واحدة على الأقل، وأن 20% منهم غيروا سلوكهم نتيجة تجاربهم مع العنف، حتى أن العديد منهم اعتذروا عن حضور فعاليات أو المشاركة في حملات انتخابية.
وفي هذا الصدد، تم تظهير ما تتعرض له السياسية عن حزب الخضر ستيفاني فون بيرغ منذ 10 سنوات من العنف اللفظي والكراهية، لأنها ألقت خطاباً في برلمان ولاية هامبورغ عام 2015 تحدثت فيه عن الاندماج الناجح للاجئين والجوانب الإيجابية للمجتمع التعددي، فقامت بعدها كتلة حزب البديل اليميني الشعبوي بنشر مقتطف من الخطاب على فايسبوك، وأخرجته من سياقه، لتبدو فيه فون بيرغ كأنها سعيدة بأن الألمان سيصبحون أقلية قريباً؛ ومنذ ذلك الحين لم تتوقف تعليقات الكراهية ضدها. وأسوأ ما حصل لها كان عندما اتصل أحدهم في أيام عيد الميلاد ورد ابنها على الهاتف فسمع رجلاً يقول: "لن ترى عائلتك ليلة رأس السنة".
واستناداً إلى ما سبق، قالت معدة الدراسة آنا-كاترين كريفت إن أحد أسباب ضعف الرغبة في التبليغ عن منشورات الكراهية والتهديدات هو البيروقراطية، معربة عن اعتقادها بأن وجود مدعين عامين متخصصين قد يساعد في الأمر، وكذلك يسرع في الإجراءات. وخلصت إلى أنه إذا ما استمر هذا التوجه الذي يتظهر في الدراسات والبيانات، فالتوقعات هي أن مستقبل الديموقراطية قاتم.

الإنترنت ليس فضاء بلا قانون
أمام هذه المعطيات، يعتبر الباحث والناشط السياسي راينر ديفرث، في حديث لـ"النهار"، أن "الإنترنت ليس فضاء بلا قانون، وسلوك الطيف اليميني المتطرف سيؤدي إلى إقصاء وجهات نظر مختلفة في النقاش السياسي. لكن عدد المداهمات التي تنفذ من قبل الشرطة الجنائية تبرهن إدراك السلطة لمخاطر تنامي أحقاد هؤلاء ضد المعارضين لأفكارهم، وكذلك ضد الأجانب واللاجئين المقيمين في البلاد بتحقيرهم لقدراتهم ومعتقداتهم الدينية".
ويضيف ديفرث: "لا بد من التشدد في الرقابة على من يغذي هذه التوجهات عبر الشبكة، فهم مختبئون خلف هواتفهم المحمولة أو أجهزة الكمبيوتر، ويستهدفون في خطاباتهم جيل الشباب؛ ومن الطبيعي أن تتم ملاحقتهم قضائياً على جرائمهم التي ترسخ الفرقة في المجتمع، ولا سيما أن تصرفاتهم قد تصل لحد ارتكاب أعمال إجرامية".
ويشير إلى أنه "من الضروري التمييز بين الرأي والحض على الكراهية؛ فحرية الرأي والتعبير حقان أساسيان مكفولان في الدستور، إلا أن هذا الحق ينتهي بحدود انتهاك حقوق الآخرين. وفي مثل هذه الحالة قد يشكل التصريح جريمة جنائية، ولا سيما إذا كانت تشكل تهديداً، وكلها مواد منصوص عنها في القانون الجزائي الألماني".

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 10/8/2025 3:44:00 AM
أقدم شقيق النائب الأردني السابق قصي الدميسي على إطلاق النار من سلاح رشاش تجاه شقيقه عبد الكريم داخل مكتبه، ما أدى إلى وفاته على الفور.
اقتصاد وأعمال 10/8/2025 7:17:00 PM
ما هو الذهب الصافي الصلب الصيني، ولماذا هو منافس قوي للذهب التقليدي، وكيف سيغير مستقبل صناعة المجوهرات عالمياً، وأهم مزاياه، وبماذا ينصح الخبراء المشترين؟
النهار تتحقق 10/8/2025 9:20:00 AM
إعلان مفرح من محمد شاكر خلال الساعات الماضية. "صدر حكم ببراءة والدي، فضل شاكر"، وفقاً للمتناقل. فيديو تكشف "النّهار" حقيقته.  
سياسة 10/8/2025 1:16:00 AM
تمام بليق يوضح حقيقة ما جرى مع الشيخ حسن مرعب في صيدا