لماذا تكبّدت روسيا خسائر بشرية "قياسية" في 2024؟

أوروبا 07-05-2025 | 15:23

لماذا تكبّدت روسيا خسائر بشرية "قياسية" في 2024؟

تقريرٌ يظهر أنّ روسيا فقدت ما لا يقلّ عن 11 ألف قتيل في شهرين من خريف 2024.
لماذا تكبّدت روسيا خسائر بشرية "قياسية" في 2024؟
دبابة روسية في كورسك (أ ف ب)
Smaller Bigger

45 ألف قتيل. أو بالتحديد، ما لا يقلّ عن 45287 قتيلاً.

 

هذا هو مجموع عدد القتلى الروس الذين سقطوا في أوكرانيا فقط خلال سنة 2024، بحسب بيانات حصلت عليها هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي". استند التقرير – وهو جهد مشترك بين الخدمة الروسية لـ "بي بي سي" ومنصة "ميديازونا" المستقلة ومتطوعين – إلى بيانات مفتوحة المصدر عن مدافن ونصب تذكارية عسكرية وأوراق نعي للروس.

 

قال خبراء عسكريون لـ "بي بي سي" إن هذه الأرقام قد تغطّي فقط بين 45 و65 في المئة من القتلى، مما قد يرفع عددهم إلى ما بين 164 ألف و237 ألف قتيل تقريباً. من جهته، قال قائد القوات الأوكرانية أولكسندر سيرسكي في كانون الثاني/ يناير الماضي، إن الجيش الروسي خسر نحو 150 ألف قتيل سنة 2024.

 

ولفت التقرير إلى أن هذا الحد الأدنى من الأرقام يمثل زيادة بثلاث مرات تقريباً عن عدد القتلى سنة 2022. وقفز الرقم بأكثر من 7 آلاف قتيل عن سنة 2023، بالرغم من أنها السنة التي شهدت معارك دموية حول باخموت. وسقط العدد الأكبر من القتلى بين أيلول/سبتمبر وتشرين الثاني/نوفمبر 2024 حين سيطر الروس على 2356 كيلومتراً مربعاً بكلفة لا تقل عن 11678 قتيلاً. يُذكر أن الاتحاد السوفياتي تكبّد نحو15  ألف قتيل طوال 10 أعوام في أفغانستان.

 

استعجال

يمكن إرجاع هذه الأرقام المحتملة إلى أكثر من سبب. يبدو أن الروس استعجلوا زيادة المساحات المحتلة قبل الانتخابات الأميركية لمراكمة النفوذ قبل الجلوس إلى طاولة التفاوض. ترافق ذلك مع قول مسؤولين عسكريين أميركيّين إنّ نوعية الجنود الروس تزداد سوءاً بشكل عام.

 

ووضع الروس نصب أعينهم السيطرة على مدن مهمة على صعيد المواصلات مثل بوكروفسك وتوريتسك وفوليدار وتشاسيف يار (دونيتسك). ليس واضحاً ما إذا كان هناك رهان في موسكو على حدوث انهيارات دفاعية فجائية للخطوط الأوكرانية، لكن محللين غربيين اقترحوا هذا الاحتمال. حتى الآن، لم تحدث أي انهيارات درامية بالرغم من سقوط فوليدار وسيطرة روسيا بشكل كبير على توريتسك وتشاسيف يار، وخطورة الوضع بالقرب من بوكروفسك.

 

وقبل ذلك، اندلعت المعركة الكبيرة للسيطرة على أفديفكا، المدينة المحصنة بشكل كبير في دونيتسك، والتي لم تسقط بيد الروس إلا بعد "موجات بشرية" متكررة استمرت على مدى سبعة أشهر تقريباً.

 

يسيطر الروس حالياً على أكثر من 70 في المئة من دونيتسك، علماً أنهم سيطروا على نحو 30 في المئة منها بين 2014 و2022. غيّر الروس تكتيكاتهم في الهجوم من خلال التوزع عبر مجموعات صغيرة تحاول اقتحام البلدات بشكل موجات متتالية، وأحياناً على دراجات نارية ومركبات رباعية الدفع. لكن التكتيكات لم تكن فعالة بما يكفي لتحقيق مكاسب سريعة وكسر موازين القوى بشكل أوضح لمصلحة موسكو. وقال قادة عسكريون أوكرانيون إن روسيا قد تحتاج إلى عام إضافي للسيطرة على كامل دونيتسك.

 

تصنيع شامل

من أسباب الخسائر الروسية الكبيرة أيضاً مهارة أوكرانيا في تصنيع المسيّرات على نطاق واسع، حيث وصل مجموع الطائرات بلا طيار إلى المليون سنة 2024 وحدها. بحسب تقرير في "ذا تايمز"، أسقطت تلك المسيّرات وحدها ما نسبته 70 في المئة من الخسائر البشرية الروسية. يُعدّ ذلك نبأ ساراً للأوكرانيين وسط التهديد الأميركي المتقطع، لكن المستمر، بوقف المساعدات العسكرية لأوكرانيا.

 

وبحسب كليمان مولان، باحث فرنسي في الشؤون العسكرية، دفع الاستخدام المكثف للطائرات بلا طيار الروس باتجاه التحول إلى نمط "الاستنزاف الأقصى" في الهجوم، مع تجنيد المزيد من المقاتلين.

 

ولا يبدو أن الأشهر الأربعة الماضية كانت أسهل على الروس، إذ خسروا نحو 99 قتيلاً مقابل كل كيلومتر مربع من الأرضي بحسب "معهد دراسة الحرب"، مقابل 59 بين أيلول وتشرين الثاني 2024، وهي الفترة الأقسى على الروس خلال السنة الماضية.

 

من مشاهد الحرب في أوكرانيا (أ ب)
من مشاهد الحرب في أوكرانيا (أ ب)

 

حسابات "المعهد" مبنية على الأرقام الأوكرانية. لكنها قريبة من تقديرات تقرير "بي بي سي". فرفعُ الحد الأدنى للقتلى الروس بنسبة 40 في المئة وحسب، لأخذ حسابات الخبراء العسكريين بالاعتبار، يرفع معه نسبة القتلى الروس مقابل كل كيلومتر مربع من الأراضي المحتلة في تلك الفترة إلى 27.

 

مع ذلك، وبالرغم من العدد الكبير للقتلى الروس، استطاعت موسكو تجنيد مقاتلين بما يفوق حجم خسائرها، عبر دفع رواتب أعلى من المعدل العام في بعض المناطق بأضعاف مضاعفة. لكن استدامة الهجمات الروسية ستظل أمراً صعباً. بحسب صحيفة "كييف بوست"، تقوم أوكرانيا بتصنيع نحو 200 ألف مسيّرة شهرياً وقد تصل إلى ما مجموعه 2.5 مليون مسيّرة هذه السنة، وهو رقم يبلغ ضعف ما أنتجته في السنة المقبلة.

 

تغيير طبيعة الحرب

تصنّع روسيا أيضاً مسيّراتها. قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنّ بلاده أنتجت نحو 1.5 مليون مسيّرة خلال السنة الماضية. يمكّنها ذلك أيضاً من تحقيق اختراقات على الجبهة وإن بشكل بطيء. وساهمت المسيّرات الروسية في استعادة منطقة كورسك، حيث تكبدت القوات الأوكرانية نحو 76 ألف قتيل وجريح بحسب أرقام قائد هيئة الأركان العامة للجيش الروسي الجنرال فاليري غيراسيموف.

 

والأرقام القليلة المتوفرة عن عدد القتلى الأوكرانيين تمتد على مدى الأعوام الثلاثة الماضية، وتتراوح بين 46 ألف قتيل بحسب تصريح للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، و100 ألف قتيل ومفقود بحسب ما نقله المراسل الأوكراني يوري بوتوسوف عن مصادره في الجيش الأوكراني.

 

قد تكون الأرقام التي يقدّمها الطرفان عن خسائرهما قابلة للأخذ والرد، لكنّ الأكيد أنّ المسيّرات غيّرت كثيراً من طبيعة الحرب. ربما هي التي تفسّر إلى حد بعيد شبه المراوحة العسكرية على خط الجبهة، بالرغم من عدم تكافؤ القوى البشرية والنارية بين روسيا وأوكرانيا.

 

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 10/8/2025 3:44:00 AM
أقدم شقيق النائب الأردني السابق قصي الدميسي على إطلاق النار من سلاح رشاش تجاه شقيقه عبد الكريم داخل مكتبه، ما أدى إلى وفاته على الفور.
اقتصاد وأعمال 10/8/2025 7:17:00 PM
ما هو الذهب الصافي الصلب الصيني، ولماذا هو منافس قوي للذهب التقليدي، وكيف سيغير مستقبل صناعة المجوهرات عالمياً، وأهم مزاياه، وبماذا ينصح الخبراء المشترين؟
اسرائيليات 10/9/2025 3:20:00 PM
جلس في أحد المقاهي البيروتية واحتسى فنجان قهوة بين الزوار المحليين.