الكرادلة يجتمعون في كونغريغاتيون اليوم بعد وفاة البابا فرنسيس
أعلن ماتيو بروني رئيس دائرة الصحافة التابعة للكرسي الرسولي أن الكرادلة سيجتمعون في كونغريغاتيون عقب وفاة البابا فرنسيس.
وكان البابا فرنسيس قد توفي صباح يوم 21 نيسان/أبريل عن عمر ناهز الـ 88 عاماً.
والإثنين، أعلن متحدث باسم الفاتيكان أن أول اجتماع للكرادلة بعد وفاة البابا فرنسيس سيعقد اليوم الثلاثاء، ولكن هذا ليس مجمع الكرادلة المغلق.
وأوضح بروني بأنه تمّ إرسال الدعوات إلى الكرادلة، لكن من الصعب تحديد عدد الذين سيتمكّنون من الوصول إلى روما.
وأشار إلى أنه إذا لم يتّخذ الكرادلة قراراً مخالفاً فسيتم عرض جثمان البابا فرنسيس في كاتدرائية القديس بطرس يوم 23 نيسان/أبريل ليودّعه المؤمنون، موضحاً بأن هذا الإجراء محتمل، بالرغم من أن الكرادلة قد يقررون خلاف ذلك؛ وعادة ما تستمر مراسم التوديع ثلاثة أيام بينما سيتم تحديد موعد الجنازة خلال اجتماع الكرادلة.
يذكر أن البابا الراحل أوصى بدفنه في بازيليكا سانتا ماريا مادجوريه، إحدى الكنائس البابوية الرئيسية.
ولفّ الحزن العالم مع إعلان الفاتيكان وفاة البابا فرنسيس صباح أمس، وذلك بعد ساعات من إطلالته في عظة عيد الفصح الأحد، للمرة الأخيرة من شرفة كاتدرائية القديس بطرس في الفاتيكان، مباركاً آلاف المحتشدين لإحياء المناسبة.
وأطلّ البابا جالساً على الكرسي خلال عظة الأحد، وحرص على الدعوة إلى وقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة قائلاً: "الحرب تولّد الموت والدمار، وتسبّب وضعاً إنسانياً مروّعاً ومشيناً".
وأعلن الفاتيكان، الإثنين، في بيان مقتضب عبر منصة "X" وفاة البابا قائلاً: "توفي البابا فرنسيس في إثنين الفصح 21 نيسان/أبريل 2025، في الثامنة والثمانين من العمر، في مقر إقامته في دار القديسة مارتا بالفاتيكان".
وفي بيان ثانٍ له، نعى الفاتيكان البابا فرنسيس قائلاً: "لقد كرّس حياته كلها لخدمة الرب وكنيسته"، مضيفاً: "لقد علّمنا أن نحيي قيم الإنجيل بأمانة وشجاعة ومحبّة شاملة، خاصة تجاه الأشخاص الأشدّ فقراً وأكثرهم تهميشاً".
وتابع البيان: "وبامتنان كبير لمثاله كتلميذ حقيقي للرب يسوع، نودّع روح البابا فرنسيس إلى محبة الله اللامتناهية والرحيمة، الإله الواحد في الثالوث".
ووسط توافد الحشود لساحة القديس بطرس للوداع، أعلن الفاتيكان أن مراسم التأكّد من وفاة البابا فرنسيس رسمياً، ووضع جثمانه في التابوت، انطلقت ليل الإثنين. ووفقاً للأعراف، من المتوقع أن يعلن عن الكاردينال الذي يشغل منصب "الكاميرلنغو" (نائب الكرسي الرسولي) حالة "الكرسي الشاغر"، بموجب القانون الكنسي، ليتولى إدارة المرحلة الانتقالية في الفاتيكان إلى حين انتخاب البابا الجديد.
وسارع قادة وزعماء العالم إلى نعي "بابا السلام"، مؤكدين أنه "كرّس حياته للعدالة، وعمل بلا كلل لتعزيز التسامح، وقرعت أجراس الكنائس على امتداد العالم، وأعلنت دول عدة الحداد الرسمي على البابا الراحل.
وعادة ما تستمر مراسم التوديع 3 أيام، بينما يتم تحديد موعد الجنازة خلال اجتماع الكرادلة.
من جانبها، كشفت وكالة "رويترز" أن هناك تسعة كرادلة مرشحين محتملين لخلافة البابا فرنسيس، هم: رئيس أساقفة مارسيليا (فرنسا) جان مارك أفيلين (66 عاماً)، ويُعرف في الأوساط الكاثوليكية الفرنسية بـ"يوحنا الرابع والعشرين"، والأمين العام لمجمع الأساقفة الكاردينال ماريو غريتش (68 عاماً)، وهو من مالطا، وقد تحوّل من المحافظة إلى تبني إصلاحات البابا فرنسيس، ورئيس أساقفة برشلونة السابق الكاردينال الإسباني خوان خوسيه أوميلا (79 عاماً).
وأشارت الى أن وزير خارجية الفاتيكان الكاردينال الإيطالي بيترو بارولين (70 عاماً) يُعتبر المرشح الأوفر حظاً، والكاردينال الفيلبيني لويس أنطونيو تاغلي (67 عاماً)، ويُلقب بـ"فرنسيس الآسيوي"، ورئيس أساقفة نيويورك الكاردينال الأميركي جوزيف توبين (72 عاماً)، والكاردينال الغاني بيتر توركسون (76 عاماً)، وأخيراً رئيس أساقفة بولونيا الإيطالي ماتيو ماريا زوبي (69 عاماً)، ويُعرف بـ"الكاهن الشارعي" لاهتمامه بالفقراء والمهاجرين.
ويتم انتخاب البابا الجديد عبر المجمع المغلق الذي يجمع الكرادلة الناخبين تحت قبة كنيسة سيستينا، فيما يستمر التصويت حتى يحصل أحد المرشحين على أغلبية الثلثين.

كيف ينتخب مجمّع الكرادلة البابا الجديد؟
خلال المجمّع الفاتيكاني، يجتمع الكرادلة الناخبون في جلسة مغلقة في كنيسة سيستينا لانتخاب خلف البابا فرنسيس.

في ما يأتي لمحة عن مجريات التصويت، التي حدّدها الدستور الرسولي "Universi Dominici Gregis"، الذي أقرّه البابا يوحنا بولس الثاني في 1996.
التحضيرات
ينتقل الكرادلة الناخبون الذين هم دون الثمانين من العمر (والبالغ عددهم اليوم 135) إلى بيت القدّيسة مرتا في الفاتيكان، حيث يمكثون طوال المجمّع.
في صباح اليوم الأوّل، يحضرون قدّاساً في كاتدرائية القدّيس بطرس.
وبعد الظهر، يصلّون للروح القدس بحللهم الليتورجية الحمراء والبيضاء.
وعلى أنغام الترانيم، يدخلون في موكب إلى كنيسة سيستينا التي يعاد تنظيمها للمناسبة وتخضع لإجراءات عزل مشدّدة.
ثمّ يحلفون على الإنجيل.
ووفق تقليد موروث من القرون الوسطى، ينطق مدير المراسم بعبارة "إكسترا أومنس" (الجميع خارجاً)، فيخرج الأشخاص غير المخوّلين بالتصويت وتُغلق الأبواب، بهدف عزل الكرادلة عن العالم قدر المستطاع وتجنّب أيّ تأثير خارجي.
الانتخاب
بالقرعة، يُختار ثلاثة كرادلة لفرز الأصوات، وثلاثة آخرين لجمع أصوات من هم بحالة مرض، وثلاثة مراجعين يدقّقون في عملية الفرز.
ويتلقّى الكرادلة الجالسين جنباً إلى جنب، تحت اللوحة الجدارية الشهيرة لميكال أنجلو "يوم الدينونة" أوراق اقتراع مستطيلة الشكل، كُتب في أعلاها "أنتخب كحبر أعظم" مع فراغ في الأسفل.
ويكتب الناخبون يدوياً اسم مرشّحهم "بخطّ لا يمكن التعرّف عليه"، ويطوون الورقة مرّتين. ومن حيث المبدأ، يحظر على الكاردينال التصويت لنفسه.
يتوجّه كلّ كاردينال بدوره إلى المذبح رافعاً بيده ورقة الاقتراع، بحيث يمكن رؤيتها بوضوح، ويدلي بصوت عالٍ بقسم باللاتينية مفاده "أشهد بيسوع المسيح، الذي سيحكم عليّ، أنّني أعطي صوتي لمن أعتبر أنه يجدر -بحسب مشيئة الله- انتخابه".
ويضع البطاقة في صندوق الاقتراع بواسطة صينية على مرأى من فارزي الأصوات، وينحني أمام المذبح قبل الرجوع إلى مقعده.
وهؤلاء الذين لا يسمح لهم وضعهم الصحيّ أو سنّهم بالتوجّه إلى المذبح يسلّمون البطاقة إلى فارز الأصوات، الذي يضعها في الصندوق نيابة عنهم.
وبعد جمع كلّ الأصوات، يخضّ الفارز الصندوق لخلط الأوراق، وينقلها إلى وعاء آخر قبل تكليف فارز ثانٍ بعدّها.
يدوّن فارزان الأسماء، في حين يتلوها ثالث بصوت عالٍ من خلال ثقب الأوراق بإبرة عند مستوى كلمة "أنتخب"، ويصلها واحدة بالأخرى قبل أن يتحقّق المراجعون من عملية الفرز.
إذا لم يحصل أيّ كاردينال على ثلثي الأصوات، ينتقل المجمّع مباشرة إلى الجولة الثانية. ويجري الكرادلة أربع جولات في اليوم، منها اثنتان صباحاً، والأخريان في فترة ما بعد الظهر إلى حين انتخاب بابا.
تُتلف أوراق الجولات السابقة وتحرق في موقد على يد الكاردينال المكلّف تصريف الأعمال لحين انتخاب بابا جديد. ويتصاعد من المدخنة التي يمكن رؤيتها من ساحة القدّيس بطرس دخان أسود، إذا لم يتمّ انتخاب أيّ بابا، في حين يتحوّل لون الدخان إلى أبيض من خلال إضافة مواد كيميائية إذا تمّ تعيين حبر أعظم.
وإذا لم يتمّ التوصّل إلى نتيجة بعد ثلاثة أيّام، يتوّقف الكرادلة ليوم صلاة قبل استئناف دورات الانتخاب لحين تعيين بابا جديد.
"لدينا بابا"
ويتعيّن على البابا الجديد بعد انتخابه الردّ على سؤالين يوجّههما إليه عميد الكرادلة هما: أتقبلون انتخابكم الكنسيّ حبراً أعظم؟ وأيّ اسم بابوي تريدون انتقاءه؟ وعند الردّ بالإيجاب على السؤال الأوّل، يصبح الكاردينال المنتخب تلقائياً أسقف روما ورأس الكنيسة الكاثوليكية.
يقوم كلّ كاردينال بدوره بتحيّة البابا مبايعاً إيّاه حبراً أعظم، قبل أن يعلن عميد الكرادلة للمؤمنين "لدينا بابا"، وفق العبارة اللاتينية "أبيموس بابام"، فيخرج البابا الجديد إلى شرفة كنيسة القديس بطرس ليعطي بركته للمدينة والعالم.
نبض