هل تعيد الدول الأوروبيّة فرض الخدمة العسكريّة الإلزامية؟

أوروبا 16-03-2025 | 13:13

هل تعيد الدول الأوروبيّة فرض الخدمة العسكريّة الإلزامية؟

فاجأ قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين غزو أوكرانيا مطلع عام ‏‏2022 أوروبا وتزايدت المخاوف بشأن متانة حلف شمال الأطلسي
هل تعيد الدول الأوروبيّة فرض الخدمة العسكريّة الإلزامية؟
قوات فرنسية بعد محاكاة قتالية خلال مناورات في معسكر كانجو (أ ف ‏ب)‏
Smaller Bigger

تدرس الدول الأوروبية إعادة فرض الخدمة العسكرية الإلزامية لتعزيز ‏قدراتها الذاتية في مواجهة أي عدوان روسي، مدفوعة بخشيتها من ‏احتمال فك الولايات المتحدة ارتباطها الدفاعي، وحرب موسكو المستمرة ‏منذ ثلاث سنوات ضد أوكرانيا.‏

فاجأ قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين غزو أوكرانيا مطلع عام ‏‏2022 أوروبا، وتزايدت المخاوف بشأن متانة حلف شمال الأطلسي ‏‏(ناتو) في ظلّ التغييرات الجذرية التي يدخلها الرئيس دونالد ترامب على ‏السياسة الخارجية الأميركية، وتشديده على وجوب أن تهتم أوروبا بأمن ‏القارة.‏

يقرّ كل من المحللين العسكريين والحكومات الأوروبية بأن خطر العدوان ‏الروسي حقيقي، بل وأعلى بكثير مما كان عليه منذ ثلاث سنوات.‏

يقول ألكسندر بوريلكوف، الباحث في معهد العلوم السياسية بجامعة ‏هايدلبرغ، إن "الجيش الروسي اليوم أكبر وأفضل ممّا كان عليه في 24 ‏شباط/فبراير 2022. لدى الروس نوايا عدائية تجاه دول البلطيق ‏والجناح الشرقي للاتحاد الأوروبي".‏

وتفيد دراسة شارك بوريلكوف في إعدادها لصالح مركز بروغل البحثي ‏ومعهد كيل، بأنّ أوروبا قد تحتاج إلى 300 ألف جندي إضافي لردع ‏العدوان الروسي، بالإضافة إلى 1,47 مليون عسكري في الخدمة حالياً.‏

ويوضح الباحث "يجب أن يؤدي التجنيد الإلزامي دوراً في (توفير) أعداد ‏كبيرة كهذه من القوات الجديدة".‏

من باريس إلى وارسو، يسعى القادة إلى زيادة الإنفاق الدفاعي لدولهم في ‏مواجهة التهديدات الأميركية بسحب ضماناتها الأمنية لأوروبا.‏

لكن العديد من الدول، بما في ذلك فرنسا وبريطانيا، تعاني لتجنيد العديد ‏والاحتفاظ بهم. وقد تكون إعادة فرض شكل من أشكال الخدمة العسكرية، ‏الإلزامية أو الطوعية، أصعب.‏

وبحسب استطلاع رأي أجرته مؤسسة يوغوف، تؤيد غالبية في فرنسا ‏‏(68%) وألمانيا (58%) الخدمة العسكرية الإلزامية للشباب. في ‏المقابل، ينقسم الإيطاليون والبريطانيون بشأنها، بينما يعارضها غالبية ‏الإسبان (53%).‏

لكن الدراسات تظهر أيضا أن العديد من الأوروبيين غير مستعدين للدفاع ‏عن بلدانهم في ساحة المعركة.‏

وتوضح الخبيرة الفرنسية بينيديكت شيرون التي تدرس الروابط بين ‏المجتمع والقوات المسلحة "في مجتمع ليبرالي، أصبح فرض القيود ‏العسكرية شبه مستحيل".‏

تضيف "ما دام لا يوجد غزو، فإن تقبّل التكاليف السياسية لمعاقبة ‏الرافضين للاستدعاء، يبدو أمرا لا يمكن تصوّره".‏


‏"حوافز" ‏
وألغت معظم الدول الأوروبية التجنيد الإجباري بعد الحرب الباردة، ‏باستثناء تسع دول لم تعلّقه بتاتا وهي اليونان، قبرص، النمسا، سويسرا، ‏الدنمارك، إستونيا، فنلندا، النروج، وتركيا.‏

وأعادت ليتوانيا العمل بالتجنيد الإجباري في 2015، بعد عام من ضم ‏روسيا لشبه جزيرة القرم في جنوب أوكرانيا.‏

وحذت السويد حذوها عام2017، ولاتفيا عام 2023. ولكن نظرا ‏للتكاليف السياسية والاقتصادية، لا تعتزم معظم الدول الأوروبية الخمس ‏الأكثر إنفاقا في حلف شمال الأطلسي، أي فرنسا وألمانيا والمملكة ‏المتحدة وإيطاليا وبولندا، لجعل الالتحاق بالقوات المسلحة إلزاميّاً.‏

وأعلنت بولندا التي ألغت التجنيد الإجباري في عام 2008، مؤخرا عن ‏خطط لتقديم تدريب عسكري لمئة ألف مدني سنويا، بدءاً من 2027.‏

وسيكون هذا البرنامج طوعياً، بينما تخطط السلطات لاعتماد نظام "دوافع ‏وحوافز"، بحسب رئيس الوزراء دونالد توسك.‏

في ألمانيا، أعرب المستشار العتيد فريدريش ميرتس عن تأييده لإعادة ‏اعتماد سنة إلزامية يمكن للشباب خلالها أداء الخدمة العسكرية أو ‏المجتمعية.‏

وفي بريطانيا، تم تسريح آخر جنود الخدمة الوطنية عام 1963، ولا ‏تخطط الحكومة للعودة عن ذلك.‏

وصرّح بات ماكفادن، وزير شؤون مجلس الوزراء "لا ندرس التجنيد ‏الإجباري، لكننا أعلنا بالطبع عن زيادة كبيرة في الإنفاق الدفاعي".‏

في فرنسا، حيث انتهت الخدمة الإلزامية عام 2001، يبحث الرئيس ‏إيمانويل ماكرون عن سبل لتشجيع الشباب على الخدمة العسكرية.‏

وأكد في تصريحات للصحافيين نشرت السبت أن فرنسا باتت تفتقد ‏‏"الوسائل اللوجستية" لإعادة فرض الخدمة الإلزامية، لكنه يريد "البحث ‏عن سبل لتعبئة المدنيين"، وسيُصدر إعلاناً في هذا الشأن في الأسابيع ‏المقبلة.‏

ويرى المؤرخ العسكري الفرنسي ميشال غويا أن إعادة فرض الخدمة ‏الوطنية "ستعني تحويل جزء كبير من الجيش إلى مراكز تدريب".‏

في إيطاليا، استبعد وزير الدفاع غيودو كروسيتو إعادة فرض الخدمة، ‏لكنه أيد فكرة إنشاء قوة احتياط.‏

ويرى باحثون أن على سياسيي أوروبا الغربية التعلم من دول الشمال ‏الأوروبي ودول البلطيق، وخاصة فنلندا والسويد. وتمتلك فنلندا التي ‏تتشارك حدوداً طويلة مع روسيا وغزاها الاتحاد السوفياتي عام 1939، ‏إحدى أكبر قوات الاحتياط في أوروبا.‏

ويؤكد بوريلكوف "لا يزال الانقسام بين الشرق والغرب مشكلة. قلة من ‏الناس في أوروبا الغربية على استعداد للقتال".‏

ويعتبر أن إقناع الأوروبيين بالتطوع يتطلب حملات مناصرة.‏

ويوضح "هناك أيضا علاقة بين ما إذا كان الناس يرون أن الانتصار ‏ممكن في الحرب وما إذا كانوا يرغبون في الخدمة، لذا فإن التحسين ‏الجذري للقدرات العسكرية الأوروبية سيزيد من ثقة الناس بها".‏

ويؤكد ميشال غويا أن الأوروبيين صُدموا بهشاشتهم وضعفهم دفاعياً.‏

ويشير إلى أن الدعم الأميركي "ينحسر، والعديد من الدول الأوروبية تقرّ ‏بأنها في النهاية، مكشوفة بعض الشيء".‏

الأكثر قراءة

سياسة 11/6/2025 10:23:00 AM
"حزب الله": بصفتنا مكوّناً مؤسِّساً للبنان الذي التزمناه وطناً نهائياً لجميع أبنائه، نؤكد حقنا ‏المشروع في مقاومة الاحتلال والعدوان
سياسة 11/6/2025 8:21:00 PM
هيئة البث: "إسرائيل تُصعّد من وتيرة هجماتها في عمق لبنان، لإيصال رسالة مفادها بأنه ما دام حزب الله لم يُنزع سلاحه، يُمكن لتل أبيب أن تُؤدي إلى تصعيد كبير"...
اقتصاد وأعمال 11/6/2025 6:37:00 AM
تماسك الدولار عند أقل بقليل من أعلى مستوى في أربعة أشهر الذي وصل إليه في الجلسة السابقة، وسط تزايد الإقبال على الأصول الأعلى في المخاطر
سياسة 11/6/2025 6:00:00 PM
اعتبر الرئيس اللبناني جوزف عون أن "ما قامت به إسرائيل في جنوب لبنان يُعد جريمة مكتملة الأركان"...