القدر يبتسم لبوتين

أوروبا 21-02-2025 | 06:01

القدر يبتسم لبوتين

فشلت كل جهود الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لكسب ود نظيره الأميركي القديم-الجديد دونالد ترامب. 
القدر يبتسم لبوتين
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين
Smaller Bigger

بعد ثلاثة أعوام على غزو أوكرانيا، بدأت "الدفة" تميل لمصلحة روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين. وهذه المرة بشكل لا لبس فيه. منذ فشل الهجوم الأوكراني المضاد في صيف 2023، حققت روسيا مكاسب ميدانية بطيئة لكن ثابتة.

 

بالحد الأدنى، سيطرت على 4500 كيلومتر مربع منذ خريف تلك السنة. الاختراق الوحيد الذي حققته أوكرانيا تجلى في سيطرتها على قسم ضئيل من منطقة كورسك الروسية، ناهز 500 كيلومتر مربع لغاية اليوم. والفرق شاسع بين ما تسيطر عليه روسيا من أراض أوكرانية، وما تسيطر عليه أوكرانيا من أراض روسية: نحو 20 في المئة مقابل نحو 0.003 في المئة على التوالي. بالتالي، إن أي تبادل مستقبلي بين الأراضي سيصب في مصلحة موسكو. يتعلق كل ذلك بالدفة العسكرية وحسب. الدفة السياسية اليوم هي الحدث. وبشكل مؤكد، الحدث الأهم.

 

فشلت كل جهود الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لكسب ود نظيره الأميركي القديم-الجديد دونالد ترامب. يصر الرئيس الأميركي على إنهاء الحرب بأي كلفة. بما أن أوكرانيا هي الطرف الأضعف في الصراع، ستتحمل العبء الأكبر من تلك الكلفة. لا يحتاج ترامب إلى فعل الكثير للضغط على كييف. وقف المساعدات العسكرية والمالية كافٍ لإرهاق أوكرانيا حتى من دون رفع العقوبات عن روسيا. وكل المواقف السياسية للرئيس الأميركي، بدءاً من الإشادة المتكررة بروسيا ورئيسها وصولاً إلى استبعاد أوكرانيا وأوروبا عن مفاوضات السلام، تظهر نتيجة واحدة: أن الرئيس الأميركي اختار طرفه المفضل في الصراع – بوتين.

 

أستاذ الدراسات الاستراتيجية في جامعة سانت أندروز الإسكتلندية فيليبس أوبراين كتب على "أكس" أن الذين يعتقدون بوجود خداع من بوتين لترامب لا يفهمون الواقع. "هو مؤيد لبوتين، ويريد روسيا أن تبلي بلاء حسناً، وليس بإمكانه أن يأبه لأوكرانيا بشكل أقل (وهو يكره زيلينسكي)". بينما قال ترامب الثلاثاء إنه يحب زيلينسكي، أضاف أن لا علاقة للعواطف بسياسته. لكن عندما يشير ترامب إلى أن شعبية الرئيس الأوكراني عند 4 في المئة، ومن دون تقديم أي دليل، تصبح الشكوك بهذه "المحبة" أكثر جدية. كل هذا والأمور لم تصل حتى إلى النبأ الأفضل لبوتين.

 

يتعامل ترامب مع روسيا بصفتها منتصراً في الحرب. دعوتها إلى طاولة التفاوض بطريقة ندية مع الأميركيين تذكر بمفاوضات مؤتمري يالطا وبوتسدام التي رسمت عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية. لكن على الأقل، كانت انتصارات الاتحاد السوفياتي على ألمانيا في الجبهة الشرقية واضحة في ذلك الحين. انتصار بوتين العسكري، قبل مجيء ترامب إلى البيت الأبيض، هو أقل وضوحاً وسرعة. وعلى الأقل، كان البريطانيون حاضرين في المؤتمرين.

 

اليوم، كل أوروبا مستبعدة عن المفاوضات. أقصى ما يمكن أن تأمله بريطانيا حالياً هو أن تلعب دور الوسيط بين واشنطن وبروكسل. وثمة تقارير عن احتمال سحب أميركا قواتها من أوروبا، بما فيها دول البلطيق الأطلسية المحاذية لروسيا. هكذا، يحصد بوتين نتائج سياسية لحرب لمّا تكتملْ نتائجها العسكرية بعد.

 

لكن كما هي الحال مع جميع ما يتعلق بالاستشراف المستقبلي، ثمة حاجة إلى التمهل. لا يزال من المبكر الحديث عن انتصار روسي كامل في الحرب حتى اللحظة. بعد ثلاثة أعوام، دفعت روسيا بشكل محتمل مئات الآلاف من القتلى والجرحى لكسب نحو 10 في المئة من الأراضي الأوكرانية. بين 2014 و2022، سيطرت روسيا على مساحة مماثلة من الأراضي وبتكاليف أقل بكثير. وفي بداية الغزو الواسع، كانت نسبة الأراضي الأوكرانية التي تسيطر عليها روسيا أكبر من نسبتها اليوم. ففي خريف 2022، حررت أوكرانيا نحو 12 ألف كيلومتر مربع. وإلى الآن، لا تزال أوكرانيا صامدة كدولة ولو منقوصة الأراضي.

 

ما إذا كانت النتائج المحققة تستحق كل هذه الكلفة أسئلة تنتظر النخب السياسية والعسكرية في روسيا. لكنها، وسط الاحتفالات المجازية أو الحقيقية في الكرملين، أسئلة تحتمل التأجيل.

 

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 12/20/2025 7:14:00 AM
"من فوق جبل قاسيون"... من هم القادة الذين شكرهم أحمد الشرع بعد رفع العقوبات عن سوريا؟
اقتصاد وأعمال 12/19/2025 7:25:00 PM
سلام: مشروع القانون الهادف إلى استرداد الودائع اعتمد معايير دولية وسيعيد الثقة الدولية بلبنان...
الولايات المتحدة 12/20/2025 1:50:00 AM
تضمنت المجموعة الضخمة من الوثائق سبع صفحات تحتوي على أسماء 254 "مدلكة" تم حجبها بالكامل بحجة "حماية معلومات ضحية محتملة".