حادثة الدهس في ماغديبورغ... ماذا إذا كان الجاني مهاجراً معادياً للإسلام؟

حادثة الدهس في ماغديبورغ... ماذا إذا كان الجاني مهاجراً معادياً للإسلام؟
مكان الحادثة
Smaller Bigger


 
أبى العام الحالي بتوتراته السياسية والاقتصاية والاجتماعية على الداخل الألماني إلا أن ينتهي بحدث جرمي، إذ شكلت حادثة الدهس بسيارة داخل أحد الأسواق الميلادية في مدينة ماغديبورغ التابعة لولاية سكسونيا  يوم الجمعة الماضي، وأسفرت عن مقتل خمسة أشخاص وجرح أكثر من 200 بجروح صنف بعضها بالخطرة، حالة من الصدمة في البلاد. الجريمة التي تبين أن مرتكبها من أصول مهاجرة زادت من حدة الاضطرابات التي تشهدها ألمانيا بعدما طرحت قبل أيام الثقة بالحكومة الفيدرالية في ظل محاولة اليمين المتطرف استغلال الأزمات لتأليب الرأي العام، وسعيه حالياً لاستغلال الواقعة بتفسيرات متسرعة واتهامات خطيرة ضد المهاجرين. فما هي عواقب حادثة ماغديبورغ على ألمانيا؟ 
البديل يستغل الحادثة
  ومن بين القراءات والردود التي أثيرت، يبدو واضحاً أن هذه الحادثة ستكون لها عواقب وخيمة على السياسة والمجتمع رغم أنه ليس من السهل فهم هذا الحدث الفظيع الصادم مع تولد قناعة لدى الأغلبية بأنه ليس عملاً إرهابياً، بل ينم عن دافع سياسي غير أخلاقي، والاستثناء أن الجاني من أصول مهاجرة والأمور مختلفة معه تماماً ولا تتناسب مع النمط الذي ساد سابقاً عند تنفيذ هجمات إرهابية في البلاد وتبناها تنظيم"داعش"، فالمنفذ طبيب ولديه تصريح إقامة ويعيش في البلاد منذ 20 عاماً ومندمج بشكل جيد ومعروف لدى السلطات. وذكر أنه كان غير راض عن معاملة اللاجئين السعوديين في ألمانيا، والمملكة كانت قد أرسلت تحذيراً خاصاً لألمانيا عن المشتبه به وطالبت بتسليمه، إلا أن السلطات لم تستجب لطلبها.
وبينت تعليقات أنه وبغض النظر عن الدافع الفردي للجريمة، اتضح أن الجاني، الطبيب النفسي، أصبح شخصاً غير متزن وجريمته التي هزت المجتمع الألماني ككل ستفاقم المشكلة وهي فتحت جراحاً قديمة لم تلتئم بعد، وأعادت إلى الأذهان الجريمة الإرهابية التي حصلت في سوق ميلادي برليني عام 2016 وأودت حينها بحياة 13 شخصاً وأصابت العشرات بجروح خطيرة. 
واعتبر الباحث السياسي ماركو بوك في حديث إلى "النهار"، أن من الناحية السياسية الوقع مضاعف، لا سيما أن البلاد تتهيأ لانتخابات برلمانية عامة مبكرة في شباط (فبراير) 2025 وسط منافسة محتدمة، وسيستغل اليمين الشعبوي والمتطرف الجريمة لإثارة حالة الغضب لدى الرأي العام، وتعزيز الشعور السائد بالخوف من التدهور الاقتصادي وتداعيات استمرار الحرب ضد أوكرانيا وأعبائها على كاهل المواطن، عدا عن الخشية من الاغتيالات أو توسعها، كما وأن أحزاب الوسط ستجد نفسها مضطرة إلى ترميم الوضع وإيجاد الإجابات بسرعة بعدما أضحت في وضع مربك للغاية لأن المرتكب يمتلك تاريخ هجرة، وهو ما يحاول حزب البديل استخدامه لمصلحته. 
ورأى بوك أن "الأحزاب التقليدية محرجة بعد هذه الجريمة، وعليها معالجة حال انعدام الثقة المتزعزعة أساساً وسط جمهورها، لا سيما أن الكثير من حملات التضليل والاستقطاب ونشر الكراهية ستخاض ضد الأجانب"، موضحاً أن "الولايات الشرقية وبينها سكسونيا التابعة لها مدينة ماغديبورغ هي نقطة ساخنة للتعبئة اليمينية المتطرفة. ولم يتردد البديل في طلب عقد جلسة خاصة للبوندستاغ"، في إشارة إلى وجود صلة مباشرة بين الهجرة ومنفذ الهجوم. 
إلى ذلك، كانت الأجواء حذرة في ساحة كاتدرائية ماغديبورغ مساء السبت أثناء حفل التأبين وإضاءة الشموع للضحايا، وأفاد  المركز المتخصص والاستشاري لمنع العنف والمتطرف"سلام سكسونيا أنهالت" شبكة "أم دي آر" الإخبارية، بحصول هجمات كبيرة في المدينة على أشخاص من ذوي المظهر الأجنبي، وتحدث لاجئون عن تعرضهم لاعتداءات جسدية وتم دفعهم وإهانتهم أو البصق عليهم، وفي إحدى الحالات تعرض شخص للضرب من قبل مجموعة مواطنين غاضبين، ناهيك بترداد شعارات يمينية متطرفة ومعادية للأجانب في الوقفة التضامنية، ما دفع بعدد من المشاركين إلى المغادرة احتجاجاً.  

الجاني" إرهابي"
في غضون ذلك، برزت مقاربات وفيها أن مرتكب الجريمة يعتبر  من مؤيدي حزب البديل من أجل ألمانيا، وقصته تظهر أن أفكاره تتماشى تماما مع الأخير ونظريات المؤامرة والاختزالات الشعبوية والتحريض، ويدعي أن سياسة الحدود المفتوحة كانت خطة ميركل لأسلمة أوروبا، وهو عدو متعصب ضد الإسلام والأوضاع في وطنه الأم السعودية وصديق لأفكار إيلون ماسك المتطرفة. وبدلا من إلقاء نظرة متمايزة على المنفذ وجريمته بصفته ناشطاً مناهضاً للإسلام. والمرتكب معروف من الجمهور منذ فترة طويلة، وأجرى مقابلات وكشف عن موقفه المتطرف، وفي نهاية المطاف انقلب على البلد الذي فر إليه وطلب اللجوء فيه، وأكثر من ذلك، في رأي الجاني، لا تفعل ألمانيا شيئاً لمواجهة الأسلمة أو حتى الترويج لها بشكل واع. 
  وأصدرالمجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا بياناً أعرب فيه عن تعاطفه مع أهالي الضحايا والجرحى، وتمنى في الوقت نفسه على السلطات والمسؤولين التعامل بالحكمة المناسبة مع مثل هذه الأحداث.

ومن الناحية الأمنية، برزت تساؤلات عن انسلال الرجل من بين شقوق الجهات الأمنية رغم كل ما أفيد عن أنه تمت خلال تشرين الثاني (نوفمبر) مراجعة الترتيبات والتنسيق للمفهوم الأمني في البلاد في ظل المعلومات والتحذيرات من أعمال جرمية وشيكة. وفي هذا الصدد، أوضحت وزيرة الداخلية الاتحادية أنه سيتم تعزيز الإجراءات الأمنية بحسب الوضع في كل منطقة.  

الأكثر قراءة

العالم العربي 10/17/2025 6:20:00 AM
"وقهوة كوكبها يزهرُ … يَسطَعُ مِنها المِسكُ والعَنبرُوردية يحثها شادنٌ … كأنّها مِنْ خَدهِ تعصرُ"
ثقافة 10/17/2025 6:22:00 AM
ذلك الفنجان الصغير، الذي لا يتعدّى حجمه 200 ملليليتر، يحمل في طيّاته معاني تفوق حجمه بكثير
ثقافة 10/17/2025 6:23:00 AM
القهوة حكايةُ هويةٍ وذاكرةٍ وثقافةٍ عريقةٍ عبرت من مجالس القبائل إلى مقاهي المدن، حاملةً معها رمزية الكرم والهيبة، ونكهة التاريخ.
ثقافة 10/17/2025 6:18:00 AM
من طقوس الصوفيّة في اليمن إلى صالونات أوروبا الفكرية ومقاهي بيروت، شكّلت القهوة مساراً حضارياً رافق نشوء الوعي الاجتماعي والثقافي في العالم.