"طالبان اليابان"... تاكايتشي بين طيفي آبي وترامب

غالباً ما حرصَت على حمل عصيّ عدة قبل ذهابها إلى الحفلات الموسيقية. لقد دفعتها حماستها الزائدة إلى تحطيم عدد منها وهي تقرع الطبول. لاحقاً في مسيرتها، حطّمت ساناي تاكايتشي، أول يابانية ستتولى رئاسة الحكومة عما قريب، أرقاماً قياسية عدة، من بينها أطول فترة في وزارة الداخلية.
"المرأة الحديدية"
تقول تاكايتشي إن ملهمتها هي مارغريت تاتشر، رئيسة الوزراء البريطانية السابقة صاحبة لقب "المرأة الحديدية". وتحاول تاكايتشي نقل حزبها، "الديموقراطي الليبرالي"، إلى اليمين مجدداً. فقد مال إلى يسار الوسط في ظل قيادتي فوميو كيشيدا وشيغيرو إيشيبا، رئيسي الحكومة السابقين.
وكان لكيشيدا توصيف آخر للفائزة برئاسة الحزب: "طالبان تاكايتشي". سبب ذلك أفكارها المحافظة، حتى في ما يخص حقوق النساء. ترفض تاكايتشي احتفاظ النساء المتزوجات بأسماء عائلاتهن الأساسية لأن ذلك "يقوّض" التقاليد اليابانية. وترفض أيضاً خلافة النساء في السلالة الإمبراطورية الممتدة على مدى نحو 2700 عام.
للتشابه بين تاكايتشي (64) وتاتشر حدود. ففي السياسات النقدية على الأقل، ثمة فرق كبير بينهما. أيدت تاتشر الفوائد المرتفعة، بينما كانت تاكايتشي، من بين أربعة متنافسين على رئاسة الحزب، المرشحة الوحيدة التي دعت إلى إعادة السياسة الشديدة التيسير في ظل قيادة مرشدها المعنوي شينزو آبي، رئيس الحكومة الراحل. وخرج "دويتشه بنك" من تداولات الين الطويلة الأجل عقب نتائج انتخابات الحزب يوم السبت، بعدما أشار إلى "انعدام اليقين الشديد" حيال أولويات تاكايتشي.
طيفا آبي وترامب
تشبه تاكايتشي آبي في نقاط أخرى. هي تؤيد تخفيف القيود الدستورية المفروضة على تعزيز قدرات الجيش الياباني، كما تؤمن بنظرية "السلام عبر القوة"، وهي من الشعارات المفضلة لدى الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يُتوقع أن يزور اليابان أواخر الشهر الحالي. مشكلتها في هذا السياق أن "سانسيتو"، الحزب اليميني المتشدد الذي يجذب إليه متململين من "الديموقراطي الليبرالي"، يعتمد على شعار مشابه: "اليابان أولاً".
بهذا المعنى، قد يكون فوز تاكايتشي وصعود سوشي كاميا، زعيم "سانسيتو"، جزءاً من صعود التأثير الترامبي عالمياً. "إنه يحدث في كل مكان، وهو يحدث في اليابان أيضاً"، على ما لاحظه خبير السياسات اليابانية في جامعة كولومبيا جيرالد كورتيس. لكن مجدداً، بإمكان "الظواهر الترامبية" أن تتصادم. تريد تاكايتشي إعادة دراسة مذكرة تفاهم تم توقيعها مؤخراً بين الولايات المتحدة واليابان حيث فرضت الأولى 15 في المئة من الرسوم على السلع اليابانية مقابل خطوات يابانية عدة من بينها استثمار نحو 550 مليار دولار في الداخل الأميركي.
كيفية تخطي الطرفين لهذه العقبة ستخضع للمراقبة – تماماً كما الحال مع مراقبة زيارتها القريبة المحتملة لضريح ياسوكوني الذي يضم رفات ملايين الجنود اليابانيين، منهم مدانون بجرائم حرب. واعتمد آبي أيضاً هذه السياسة التي أثارث حفيظة دول عدة في طليعتها كوريا الجنوبية والصين.
مزيج متفجر
تظل العقبة الأولى أمام تاكايتشي داخلية: كيفية جمع الأجنحة المتفرقة داخل الحزب الحاكم، وكيفية حشد التحالفات داخل البرلمان الياباني، خصوصاً بعدما خسر الحزب الغالبية في كلا المجلسين. عندما تضاف إلى ذلك المخاوف من سياساتها النقدية، تكون تاكايتشي أمام مزيج متفجّر.
وهذا المزيج خطير إلى درجة أن الصحافي في مجلة "ذا ديبلومات" جيو كاماتا حذّر تاكايتشي من أنها ستشبه رئيسة وزراء بريطانية أقل حظاً بكثير من تاتشر: ليز تراس.