آسيا 02-09-2025 | 06:00

قمة شانغهاي... الصين تُظهر نفوذها وتُقدم نفسها كقائد عالمي بديل

من خلال هذه القمة، يقول محللون إن الصين تُظهر نفوذها وتحاول استغلال الاضطرابات التي يثيرها ترامب لتصوير  نفسها كقائد عالمي بديل
قمة شانغهاي... الصين تُظهر نفوذها وتُقدم نفسها كقائد عالمي بديل
شي ومودي وبوتين (أ ف ب)
Smaller Bigger

لم يكن بإمكان الرئيس الصيني شي جينبينغ أن يخطط للحظة أكثر ملاءمة من هذه فيما استقبل مجموعة كبيرة من كبار الشخصيات الأجنبية في الصين لعقد اجتماعات يأمل أن توحد القوى الإقليمية ضد النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة وسياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

 

يحضر 20 زعيماً أجنبياً قمة شنغهاي في الصين، من بينهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي. تستمر قمة شنغهاي يومين متتاليين ويليها استعراض عسكري يوم الأربعاء في بكين لإحياء الذكرى الثمانين لنهاية الحرب العالمية الثانية.

 

ومن خلال هذه القمة، يقول محللون إن الصين تُظهر نفوذها وتحاول استغلال الاضطرابات التي يثيرها ترامب لتصوير  نفسها كقائد عالمي بديل.

 

قائد عالمي بديل

قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن قمة تجمع أكثر من 20 زعيماً، معظمهم من آسيا الوسطى، تليها استعراض عسكري في بكين يعرض أحدث الصواريخ والطائرات الحربية الصينية، ليست مجرد استعراض، بل تظهر كيف يحاول شي تحويل التاريخ والدبلوماسية والقوة العسكرية إلى أدوات لإعادة تشكيل النظام العالمي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة.

 

وتعتبر بكين قمة شنغهاي في تيانجين فرصة لتظهر نفسها كركيزة للحكم العالمي على عكس إدارة ترامب الذي أضر برسومه الجمركية بالأصدقاء والأعداء على حد سواء في المنطقة، بحسب صحيفة "فاينانشيال تايمز".

 

وقال محللون إن بكين ترى في قيام ترامب بزعزعة النظام المتعدد الأطراف فرصة لإعادة تفسير النظام الدولي وتعزيز طموحها في إقامة عالم متعدد الأقطاب.

 

إضافة إلى ذلك، يعد المنتدى جزءاً أساسياً من حملة الصين لتظهر كشريك موثوق به وثقل موازن لعدم القدرة على التنبؤ بالولايات المتحدة، بحسب صحيفة "واشنطن بوست" التي رأت أن حضور مودي على وجه الخصوص - في أول زيارة له للبلاد منذ 7 سنوات - علامة فارقة في محاولة بكين لإصلاح العلاقات مع شريك أميركي مؤثر تم تنفيره بسبب الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب.

 

قوة للاستقرار الاقتصادي العالمي 

وفي الوقت الذي يشن فيه الرئيس الأميركي حرباً جمركية عالمية ويقضي على المساعدات الخارجية في إطار سياسته "أميركا أولاً"، صوّر الزعيم الصيني بلاده كقوة للاستقرار الاقتصادي العالمي وتعهد بمئات الملايين من الدولارات لدعم شركاء بكين، بحسب شبكة "سي إن إن".

دون أن يذكر الولايات المتحدة بالاسم، تعهد شي بمعارضة "الهيمنة" و"عقلية الحرب الباردة" و"ممارسات التسلط" في خطاب ألقاه أمام كبار القادة السياسيين من جميع أنحاء العالم.

 

وقال شي: "يجب أن ندعو إلى عالم متعدد الأقطاب متساوٍ ومنظم، وعولمة اقتصادية شاملة ومفيدة للجميع، وجعل نظام الحوكمة العالمية أكثر عدلاً وإنصافاً".

 

ويقول رئيس معهد طريق الحرير للدراسات والأبحاث وارف قميحة لـ"النهار": "ما نشهده في قمة شنغهاي ليس مجرد خطاب سياسي، بل خطوات عملية لإعادة صياغة معادلات النظام الدولي. الصين تعمل مع شركائها في المنظمة، ومع قوى أخرى مثل روسيا والهند، على بناء نموذج جديد للعلاقات الدولية يقوم على التعاون والتنمية المشتركة بدلاً من منطق الاستقطاب. كلمات الرئيس شي، التي شدد فيها على العدالة والانفتاح ورفض "التنمر الدولي"، تعكس بوضوح هذا المسار. لذلك يمكن القول إننا أمام بداية فعلية لتحول تدريجي في النظام العالمي، حيث لم تعد الولايات المتحدة اللاعب الوحيد، بل هناك قوى أخرى تتقدم لملء الفراغ وبناء توازن دولي أكثر تعددية".

 

وتعهد شي بتقديم 2 مليار يوان (280 مليون دولار) كمنح للدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون هذا العام، و 10 مليارات يوان (1.4 مليار دولار) إضافية كقروض إلى اتحاد بنوك منظمة شنغهاي للتعاون. كما دعا إلى إنشاء بنك تنمية لمنظمة شنغهاي للتعاون في أقرب وقت ممكن لدعم الأمن والتعاون الاقتصادي بين دول المنظمة.


ويقول قميحة لـ"النهار" إن الرئيس الصيني "قد دعا إلى بناء نظام عالمي متعدد الأقطاب قائم على العدالة والإنصاف، بعيداً عن عقلية الحرب الباردة وسياسة الهيمنة. وأعلن عن حزم دعم مالي تصل إلى مليارات اليوان لتعزيز التنمية والتعاون بين دول المنظمة، إلى جانب طرح فكرة إنشاء بنك للتنمية تابع لمنظمة شنغهاي"، ويشير إلى أن "كل ذلك يعكس مسعى صيني لتقديم الصين كقوة مسؤولة تسعى للتنمية المشتركة وتطرح بديلاً واقعياً للقيادة الأميركية التقليدية".

 

من قمة منظمة شنغهاي للتعاون في الصين (ا ف ب)
من قمة منظمة شنغهاي للتعاون في الصين (ا ف ب)

 

شقوق في الغرب

يبرز تناقض بين لقاء عدة زعماء في الصين والخلاف المتزايد داخل تحالف الولايات المتحدة مع الدول الأوروبية والآسيوية.

 

وتجلت بعض هذه الشقوق هذا الشهر عندما شعر القادة الأوروبيون، الذين استبعدوا من محادثات السلام، بالحاجة إلى التوجه سريعاً إلى واشنطن لإقناع ترامب بعدم الاستسلام لمطالب روسيا بشأن شروط السلام في أوكرانيا. كما أثار ترامب غضب حلفاء آسيويين الأسبوع الماضي عندما أشاد بالزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون خلال اجتماع في المكتب البيضاوي مع الرئيس الكوري الجنوبي لي جاي ميونغ.

ومع ذلك، ينظر العديد من حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا وآسيا إلى الصين على أنها تهديد خطير للتجارة العادلة والديموقراطية والاستقرار الإقليمي. وسيتم التأكيد على آخر هذه المخاوف، بحسب "نيويورك تايمز"، من خلال العرض العسكري الذي من المتوقع أن يعرض صواريخ جديدة مضادة للسفن يمكن نشرها في حرب على تايوان.

 

تعكس قمة شنغهاي والاستعراض العسكري الذي سيُقام الاربعاء محاولة صينية مدروسة لإعادة تشكيل النظام العالمي، عبر استثمار اضطرابات السياسة الأميركية وخلاف واشنطن مع حلفاء لها. شي يقدّم بلاده كقوة مسؤولة، شريكة في التنمية، وبديل موثوق لقيادة عالمية متعددة الأقطاب، بينما يشهد الغرب تصدعات متزايدة في تحالفاته التقليدية.

 

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

شمال إفريقيا 10/6/2025 7:23:00 AM
فرض طوق أمني بالمنطقة ونقل الجثتين إلى المشرحة.
سياسة 10/5/2025 3:09:00 PM
تابعت: "إن الدستور اللبناني يكفل المساواة بين اللبنانيين، مقيمين كانوا أم مغتربين. وتحقيق هذه المساواة يقتضي تعديل القانون الحالي بإلغاء المادة 112، بما يسمح لكل مغترب بالاقتراع في بلدته الأم".
مجتمع 10/4/2025 12:02:00 PM
من المتوقع أن تتأثر المنطقة اعتباراً من بعد ظهر الثلاثاء بمنخفض جوي متوسط الفعالية مركزه شمال غرب تركيا.
مجتمع 10/4/2025 3:23:00 PM
العملية تأتي في إطار الحملة الأمنية التي ينفذها الجيش في المنطقة لضبط المطلوبين ومواجهة التفلّت الأمني منذ ساعات الصباح الأولى.