في أعقاب اعتماد إصلاح دستوري مثير للجدل في باكستان، يحذّر خبراء من حدوث تغييرات جذرية في المشهد السياسي والعسكري والقضائي في خامس أكبر دولة من حيث عدد السكان في العالم.

ما هي التغييرات التي تنتظر الرئيس وقائد الجيش؟

أقر مجلسا البرلمان التعديل الدستوري السابع والعشرين وأصدره الرئيس بعد ساعات قليلة، وهو يمنح الأخير حصانة مدى الحياة.

لم يكن آصف علي زرداري، المتهم بقضايا فساد عديدة، يتمتع بالحصانة إلا طوال فترة ولايته الرئاسية. لكنه صار الآن يحظى بالحماية من أي ملاحقة قانونية. غير أن الحصانة لن تشمل أي منصب عام آخر يتولاه مستقبلاً.

تشمل الحصانة مدى الحياة أيضاً رئيس أركان الجيش الحالي عاصم منير الذي يعد الرجل الأقوى في باكستان.

وينص التعديل على أن أي ضابط عسكري تتم ترقيته إلى رتبة "مشير"، وهي رتبة نالها منير بعد النزاع القصير مع الهند في أيار/مايو الماضي، يحتفظ برتبته والامتيازات التي تصاحبها مدى الحياة ويكون محصناً من الملاحقة الجنائية.

لم تُمنح هذه الرتبة إلا لضابط عسكري آخر في تاريخ باكستان، هو الديكتاتور أيوب خان الذي وصل إلى السلطة في تشرين الأول/أكتوبر 1958 بعد انقلاب.

ويقول المحامي أسامة مالك، المقيم في إسلام آباد، لوكالة فرانس برس "تُمنح هذه الحصانة عادة في الأنظمة الملكية المطلقة، وليس للقادة المنتخبين الذين يجب محاسبتهم وفق ما تقتضيه الديموقراطية. لم نشهد هذا قط في ظل حكومات مدنية، بل فقط في ظل الأحكام العرفية".

وينص التعديل أيضا على إنشاء منصب جديد هو "قائد قوات الدفاع" يسند إلى عاصم منير، ويضعه فوق رؤساء أركان القوات البحرية والجوية.

ويرى مالك أن "البنية التنظيمية للجيش بكاملها قد تغيّرت، ما سيؤدي إلى انقسامات داخلية خطيرة".

علم باكستان (تواصل اجتماعي)

ماذا عن القضاء؟

تم إنشاء محكمة جديدة، هي المحكمة الدستورية الاتحادية.

وستصبح المحكمة الهيئة الوحيدة القادرة على تناول المسائل الدستورية، بعدما كانت حتى الآن من اختصاص المحكمة العليا التي جُرِّدت من صلاحياتها.

ويخشى الخبراء أيضا من تقويض استقلال القضاء، اذ سيُسمح للسلطة التنفيذية بنقل قضاة المحاكم العليا في البلاد.

- ما ردود الفعل؟ -

استقال حتى الآن اثنان من قضاة المحكمة العليا.

وكتب القاضي منصور علي في كتاب استقالته إلى الرئيس الباكستاني "التعديل السابع والعشرون يشكل إهانة لدستور باكستان".

وأضاف "من خلال تمزيق وحدة أعلى محكمة في البلاد، فإنه يقوض استقلال ونزاهة القضاء".

أدى قضاة المحكمة الدستورية الاتحادية الجدد اليمين الدستورية الجمعة بحضور الرئيس ورئيس الوزراء شهباز شريف ومسؤولين عسكريين رفيعين من بينهم عاصم منير.

ويعتقد الخبراء أن هذه التعديلات القضائية قد يكون لها تأثير على التعامل مع  نحو مئتي قضية مرفوعة ضد زعيم حزب المعارضة عمران خان.

وسُجن رئيس الوزراء السابق بعد أن خسر دعم الجيش القوي، بحسب محللين، فيما ينفي الأخير أي تدخل في السياسة.

واحتجّت المعارضة، ممثلة بحزب "حركة الإنصاف الباكستانية"، في الجمعية الوطنية أثناء التصويت على التعديل، ووصفته بأنه "ضربة قاضية لاستقلال القضاء وحسن سير الديموقراطية".

ماذا بعد ذلك؟

سيكون رئيس الأركان عاصم منير قادرا على البقاء على رأس الجيش حتى عام 2030، بعدما كان مقررا أن يغادر منصبه عام 2027.

وتقول الباحثة السياسية عائشة صديقة التي وضعت كتابا عن الجيش الباكستاني، لوكالة فرانس برس إنه "بفضل دوره الجديد كقائد لقوات الدفاع، سيبقى في منصبه لخمس سنوات حتى تشرين الثاني/نوفمبر 2030، ما سيعطيه الفرصة للإشراف على الانتخابات المقبلة عام 2029".