ستارمر يشتري مقاتلات نووية أميركية... الخبراء: خطوة سياسية لا عسكرية!
أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عن خطة لشراء 12 طائرة مقاتلة من طراز F-35A الأميركية، القادرة على حمل رؤوس نووية، في خطوة تصفها الحكومة في لندن بأنها "الأقوى في مسار تعزيز الموقف النووي البريطاني منذ جيل كامل". غير أن خبراء الأسلحة النووية يحذرون من أن هذه الخطة تفتقر إلى مبررات عسكرية منطقية، وتعكس محاولة سياسية لاسترضاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وفقاً لتقرير نشره موقع "ديكلاسيفايد يو كاي".
وأعلن ستارمر عن هذه الخطة بقمة الناتو في لاهاي، في حزيران/يونيو المنصرم، في أعقاب مخاوف متزايدة بشأن الالتزام الأميركي بالدفاع عن الحلفاء الأوروبيين وسط حال من عدم الاستقرار السياسي العالمي. تمثل هذه الخطوة عودة النشاط النووي الجوي للقوات الجوية الملكية البريطانية بعد انقطاع منذ التسعينيات.
المواصفات التقنية والتكاليف
ستشتري بريطانيا 12 طائرة F-35A من صنع "لوكهيد مارتن" الأميركية، قادرة على حمل قنابل نووية أميركية من طراز B61 التكتيكية. تختلف هذه الطائرات عن نموذج F-35B الذي تعتمد عليه البحرية الملكية بالفعل، حيث يتمتع النموذج A بقدرات أكبر على حمل الصواريخ. وستكون محطتها الرئيسية في قاعدة رويال إير فورس، وستشارك في مهمات الناتو المشتركة للطائرات النووية إلى جانب سبع دول أخرى، بينها الولايات المتحدة وألمانيا وإيطاليا.
تُقدّر تكاليف شراء الطائرات بنحو مليار جنيه إسترليني، وربما يصل الرقم الإجمالي المتوقع إلى نحو ملياري جنيه استرليني عند احتساب النفقات المرتبطة. غير أن حكومة ستارمر تؤكد أن هذا الاستثمار سيدعم نحو عشرين ألف فرصة عمل في المملكة المتحدة.

انتقادات الخبراء
أصدرت مؤسستا مراقبة الأسلحة النووية "Nuclear Information Service" و"Nukewatch UK" تقريراً مفصلاً في 5 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، يطعن بشدة في المبررات العسكرية للخطة. يؤكد التقرير أن القرار "اتُخذ لأغراض سياسية بدلاً من توفير قدرة عسكرية ستؤدي أي دور ذي معنى في الدفاع عن الناتو".
ويشير التقرير إلى أن القدرات النووية الجوية التي ستوفرها هذه الطائرات تكرّر ما تمتلكه دول أوروبية أخرى بالفعل، ما يعني أنه لا فجوة عسكرية حقيقية تحتاج هذه الطائرات لملأها. كما يحذر الخبراء من أن الطائرات ذات المدى المحدود قد لا تضمن النجاح في أي صراع فعلي، وهذا لن يعالج المخاوف الأوروبية بشأن التزام أميركا تجاه الناتو، لأن استخدام الأسلحة النووية سيكون مرتبطاً بالكامل بقرارات واشنطن.
ويرى الخبراء أن هذا القرار "يخاطر بتصعيد نووي قد يزيد من التهديدات الموجهة للمواطنين البريطانيين بدلاً من حمايتهم"، كما يقوّض معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.
وقال برنار جراي، مسؤول سابق رفيع في وزارة الدفاع البريطانية المسؤول عن شراء الأسلحة: "إذا لم يكن المال مشكلة، يمكننا اعتبار الثمن الذي يصل إلى ملياري جنيه استرليني رسالة شكر لـ 'العم سام'".
مسألة السيادة النووية
السمة الأساسية المقلقة لهذه الخطة أن استخدام الرؤوس النووية B61 المحمولة على طائرات F-35A سيخضع بالكامل لسلطة الرئيس الأميركي. بعبارة أخرى، لن تكون بريطانيا قادرة على استخدام هذه الأسلحة من دون موافقة واشنطن، وهذا يعني فقداناً كبيراً للسيادة النووية البريطانية.
هذا يختلف جذرياً عن نظام "ترايدنت" الحالي. وبينما يعتمد نظام "ترايدنت" على الولايات المتحدة في الدعم اللوجستي والصيانة الفنية، فإن القرار النهائي بشأن الإطلاق يبقى حصرياً بين يدي رئيس الوزراء البريطاني. أما مع طائرات F-35A، فالوضع مختلف تماماً، إذ لا يمكن استخدام الأسلحة من دون موافقة واشنطن.
يعتمد نظام "ترايدنت" الحالي على الولايات المتحدة في جوانب حيوية عديدة: الصواريخ نفسها من صنع أميركي، ويتم شراؤها بموجب اتفاقية "بولاريس" المعدّلة، والصيانة الدورية للصواريخ تتم بواسطة "لوكهيد مارتن"، والحاويات الخارجية المستخدمة في إنتاج الرؤوس النووية تُشترى من الولايات المتحدة. مع ذلك، تصنع بريطانيا رؤوسها النووية محلياً بخبرة بريطانية بحتة، وتسعى حالياً لتطوير رأس حربي جديد يُدعى "أستريا" من خلال برنامج الأسلحة النووية السيادي.
نبض