روسيا تتراجع في غرب آسيا... لكنها لن تغيب عن خطوط الغاز؟

دوليات 04-11-2025 | 06:00

روسيا تتراجع في غرب آسيا... لكنها لن تغيب عن خطوط الغاز؟

انسحاب روسيا من غرب آسيا قد يشكّل خطراً على مستقبلها في سوق الطاقة العالمية. ثمّة خطوط غاز يخطّط لمرورها من الخليج العربي عبر سوريا ومنها إما إلى تركيا أو إسرائيل ثم إلى أوروبا.
روسيا تتراجع في غرب آسيا... لكنها لن تغيب عن خطوط الغاز؟
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ ف ب).
Smaller Bigger

في ظل الزخم الديبلوماسي الذي يشهده الشرق الأوسط، ومنطقة غرب آسيا تحديداً، تغيب روسيا بشكل لافت لأوّل مرّة منذ عقود، بعدما كانت لاعباً مؤثراً في المعادلات السياسية والأمنية. يبدو وكأن قرار موسكو انسحابٌ حتى الحد الأدنى من الإقليم، والإبقاء على بعض النقاط العسكرية في سوريا والعلاقات الاستراتيجية مع إيران وتركيا والخليج العربي.

عوامل متعدّدة كانت خلف التوجّه الروسي. الحرب الأوكرانية والتركيز على الجبهة الغربية ومنطقة شرق أوروبا بشكل عام احتل أولويات موسكو السياسية والديبلوماسية والعسكرية والمالية. المتغيّرات في الشرق الأوسط، وتراجع نفوذ المحور الإيراني وسقوط نظام بشّار الأسد مقابل التوسّع الإسرائيلي والدور الأميركي المطلق، كانت عوامل إضافية دفعت روسيا للتراجع عن دورها.

ثمّة قناعة تشكّلت وترسّخت خلال السنتين الأخيرتين، مفادها أن الولايات المتحدة باتت اللاعب الأول والأوحد في غرب آسيا. ركائز نفوذ روسيا إما سقطت أو ضعفت، وقوّة إيران تراجعت، وميزان القوى بات يصب في صالح إسرائيل، فيما تحاول تركيا حجز مقعد لها ولكن "بضوء أخضر" وقرار أميركي واضح. وبالتالي صارت موسكو أمام مفترق طرق: الانسحاب أو التحرّك تحت غطاء واشنطن.

وثمّة قناعة أخرى تتشكّل في الإقليم: يبدو أن إسرائيل لن تتوقف عند الحدود التي وصلت إليها بتوغلاتها في لبنان وسوريا، وحالة الحرب مستمرّة في غرب آسيا. ويبدو أن اشتباكها مع إيران وارد، ما يوسّع رقعة الحرب ويطيل أمدها. تجد روسيا في هذه المشهدية فخاً، فاستمرار زخمها في المنطقة سيعني اقتحامها مشاهد الحرب وتورطها بالمعركة واتخاذ طرف، وبالتالي مزيد من الاستنزاف.

 

بوتين والشرع (أ ف ب).
بوتين والشرع (أ ف ب).

 

محلل الشؤون الخارجية والمتخصّص في شؤون أوروبا الشرقية وروسيا أولريتش بومان، يتحدّث لـ"النهار" عن موقع روسيا في غرب آسيا، فيقول إن موسكو "لا ترغب" بالانسحاب، بل "تريد" لعب أدوار "محورية" في المنطقة، ولهذا السبب استقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيره السوري أحمد الشرع رغم الخلافات السابقة بين الطرفين.
لكن بومان يقر بواقع غياب قدرات روسيا للحضور في ميادين غير أوكرانيا، وبخسارة روسيا العديد من الحلفاء في غرب آسيا، ويقصد نظام الأسد وضعف إيران، وبالتالي يرى أن موقع موسكو تراجع نسبياً في غرب آسيا. لكنه يشير إلى أن روسيا تسعى للحفاظ على حد أدنى من الوجود من خلال قواعدها في سوريا، وقد تمنح الشرع مكتسبات مقابل هذا الوجود.

 

روسيا وخطوط الغاز في غرب آسيا
انسحاب روسيا من غرب آسيا قد يشكّل خطراً على مستقبلها في سوق الطاقة العالمية. ثمّة خطوط غاز يخطّط لمرورها من الخليج العربي عبر سوريا ومنها إما إلى تركيا أو إسرائيل ثم إلى أوروبا. الهدف من هذه الخطوط استغناء أوروبا عن غاز روسيا بالكامل. هذه المشاريع كانت متوقفة حينما كان الأسد حاكماً لسوريا، لكنها عادت بقوّة مع سقوطه وتقدّم إسرائيل وتركيا في الداخل السوري.

يرى بومان هذه القضية محورية لروسيا و"سبباً" لعدم رغبتها بالانسحاب من غرب آسيا. "تريد" روسيا أن تحتفظ بموقفها وكلمتها في ملف خطوط الغاز، لكنها في الوقت نفسه غير قادرة على منع هذه المشاريع والطلب من الشرع رفضها، وبالتالي ستستمر في مفاوضة الشرع لحجز مقعد لها، وقد تعمل على تأخير وعرقلة هذه المشاريع، وفق بومان.

في المحصّلة، فإن موقع روسيا في غرب آسيا تغيّر مع عملية تبدّل موازين القوى التي قادتها الولايات المتحدة ومعها إسرائيل، وسقط بموجبها الأسد وتراجع نفوذ إيران. لكن روسيا تعيد ترتيب أوراقها مع الصين وفي شرق أوروبا، وقد لا تكون غائبة عن خطوط الغاز في سوريا التي تريد أوروبا من خلالها استبدال الغاز الروسي، وبالتالي عنوان المعركة المقبل قد يكون خطوط الطاقة.


الأكثر قراءة

كتاب النهار 11/3/2025 5:40:00 AM
يكفي الفلسطينيين إساءة الى لبنان الذي حضنهم، وإساءة الى اللبنانيين على مختالف فئاتهم ومكوناتهم
ثقافة 11/2/2025 10:46:00 AM
"والدي هو السبب في اكتشاف المقبرة، وكان عمره وقتها 12 عاماً فقط سنة 1922."
النهار تتحقق 11/3/2025 10:29:00 AM
تظهر المشاهد الرئيس عون في قاعة كبيرة، وسط أشخاص. وفي المزاعم، "كان يزور "معرض أرضي" في الضاحية". هل هذا صحيح؟ 
وُلدت دواجي في هيوستن بولاية تكساس لأسرة سورية، وقضت طفولتها بين الخليج والولايات المتحدة بعد انتقال عائلتها إلى دبي وهي في التاسعة من عمرها.