التراندات في وسائل التواصل الاجتماعي... خطر حقيقي!
بعد أن سيطرت وسائل التواصل الاجتماعي على حياتنا، وتحديداً على حياة الأطفال والمراهقين، أصبح لوجودها تداعيات كبيرة وخطيرة. ولعل بعض آثارها دفعت دولاً عديدة إلى اتخاذ إجراءات للحد من سيطرتها على حياة الأطفال. وتعتبر أستراليا أولى الدول التي أصدرت قراراً يقضي بمنع المراهقين دون سن 16 عاماً من إنشاء حسابات في وسائل التواصل الاجتماعي. كما اتخذت فرنسا إجراءات صارمة لحماية المراهقين في وسائل التواصل الاجتماعي بفرض سن أدنى للوصول إليها هو 13 عاماً. وفي مختلف دول العالم، هناك قلق متزايد بشأن التأثيرات السلبية للعالم الرقمي على الصحة النفسية. وتعتبر التراندات التي يتبعها المراهقون بطريقة عشوائية من الأخطار الواضحة التي تستدعي حكماً اتخاذ إجراءات لتجنبها.

كيف تُشكّل التراندات خطراً على المراهقين؟
تُشكّل التراندات خطراً كبيراً على المراهقين الذين يمضون فترات طويلة من أوقاتهم بمتابعة وسائل التواصل الاجتماعي وعلى رأسها "تك توك". قد تبدو هذه التراندات سخيفة في الظاهر إلى جانب كونها خطيرة، إلا أن المراهقين لا يترددون في اتباعها، خصوصاً عندما تحقق انتشاراً واسعاً وكأنهم يجدون في ذلك مصدراً للقوة وإثباتاً لقدرات يتمتعون بها. لعبة كتم النفس أو لعبة الموت وأيضاً تراند سوبرمان وتراند الشريط اللاصق وترند سكيني توك وغيرها من التراندات تحدث انتشاراً واسعاً بين المراهقين فتشكل خطورة عليهم. ويجمع الخبراء على أن فئة المراهقين قد تكون أكثر هشاشة من الناحية النفسية ما يدفعهم إلى التأثر بهذه التراندات واتباعها بطريقة عشوائية رغم ما تشكله من خطورة عليهم، ورغم كل التحذيرات منها.
اللافت أن هذه التحديات تبدو سهلة للوهلة الأولى وهذا ما يشجع المراهقين على اتباعها، بما أنهم لا يلاحظون خطورتها.
يدعو الاختصاصي في المعالجة النفسية الدكتور أنطوان الشرتوني إلى تحصين الأطفال والمراهقين تجنباً للأخطار التي يمكن أن يتعرضوا لها جراء اتباع هذه التراندات. وفي سبيل تحقيق ذلك، يبرز دور الأهل الجوهري في هذا المجال لحماية الأطفال من أي خطر يمكن أن يحدق بهم بسبب وسائل التواصل الاجتماعي. ومن المهم أن يراقب الأهل أطفالهم وما يقومون به من نشاطات خلال اليوم لحمايتهم. أما مبدأ الخصوصية الذي يجري التركيز عليه فلا يشكل عائقاً أبداً، وإلا ثمة أخطار عديدة يمكن أن يتعرض لها الأطفال.
من جهة أخرى، يمكن توفير الحماية للمراهقين عبر تحديد الفترات التي يمضونها على وسائل التواصل الاجتماعي، وفق ما يشدد عليه الشرتوني، مشيراً إلى انه لا يمكن السماح للأطفال بتمضية أوقات غير محدودة على وسائل التواصل الاجتماعي من دون أي ضوابط.
في الوقت نفسه، من المهم توعية المراهق بسبل التمييز ما بين ما يعتبر مناسباً وما لا يبدو ملائماً أو صحيحاً، وبين ما يبدو خطيراً وبين ما يعتبر بسيطاً ولا خطورة فيه.
وإلى جانب دور الأهل، لا يمكن التغاضي عن دور المدرسة الأساسي في نشر الوعي بأخطار وسائل التواصل الاجتماعي على المراهقين، وبشكل خاص أخطار التراندات التي يتبعونها بطريقة عشوائية. فهي لا تشكل خطورة على صحتهم النفسية فحسب عبر زعزعة ثقتهم بأنفسهم والتأثير على هويتهم عبر تبني شخصيات تلغي شخصياتهم الحقيقية، والتسبب بالقلق والاكتئاب أحياناً، بل تشكل أيضاً خطراً على صحتهم الجسدية وعلى حياتهم أحياناً. فكثر تعرضوا للكثير من الأذى وسجلت وفيات أيضاً بين المراهقين بسبب هذه التراندات، ما دفع دولاً عديدة إلى التشدد في الإجراءات التي تتخذها لحماية الأطفال.
نبض