بعد وفاة ميرال البلوشي... ما هي التشوّهات الخلقية التي يمكن أن تصيب الرئة؟
أصبحت الطفلة ميرال البلوشي رمزاً للصمود والنضال في مواجهة المرض الذي رافقها منذ ولادتها. لكنها خسرت المعركة في مواجهة الفشل الرئوي رغم سعي أهلها إلى توفير العلاج لها في سلطنة عمان. وكان الأطبّاء قد اكتشفوا إصابتها بمرض اعتلال الأنسجة الرئوية بعمر الـ9 أشهر الذي يُعد من الأمراض النادرة التي تصيب الرئتين عند الولادة. وقد تطوّرت حالتها لتؤدّي إلى تليّف وتلف تدريجي في الحويصلات الهوائية ما أدى إلى صعوبات في التنفس وإلى قصور في الرئتين.
عن المشكلات الرئوية الخلقية تحدث الطبيب الاختصاصي في الأمراض الرئوية لدى الأطفال في المركز الطبي للجامعة اللبنانية الأميركية الدكتور إدوار صياد.
ما الأمراض الخلقية التي تصيب الرئتين؟
تُعدّ الأمراض الخلقية التي تصيب الرئتين نادرة إجمالاً. فقد تكون هناك حالة من 100 ألف ربما، إلا أنها موجودة. وبحسب صياد، قد تكون هناك مشكلة عدم اكتمال الرئة خلال الحمل، فيولد الطفل برئة غير مكتملة أو أيضاً مع تكيّس في الرئة بحيث لا تعمل بطريقة صحيحة ويكون هناك خلل في وظيفة الرئة. وإن كان جزء من الرئة لا يعمل، أو فيه تكيّس، يمكن أن يتعرّض الطفل إلى التهابات متكرّرة ومشكلات لكنه يعيش لفترة أطول مقارنة بالحالات التي يكون فيها كامل الرئة متضرراً. ويمكن أن يكون هناك نوع من التليّف في الرئة من الخارج فيسبّب التهابات ومشكلات عديدة فيها. ومن المشكلات الجينية التي يمكن أن ترتبط بالرئة في الطفولة، تلك التي يكون فيها خلل في إفرازات المادة المسؤولة عن وظيفة الرئة الطبيعية. وفي معظم الحالات التي تكون فيها مشكلات من هذا النوع، يكون زرع الرئة الحل الوحيد المتاح لأنه ما من علاجات خاصة.
وثمة حالات يكون فيها المريض بحالة جيدة ويعيش في السنوات الأولى، لكن عندما يزيد الجهد والنشاط الجسدي، أو عندما يتنفس بمعدلات كبرى أو يصاب بالتهاب رئوي أو أنفلونزا، تسوء حالته وتنخفض معدلات الأوكسيجين لديه. وهذا ما يؤثر مع الوقت على وظيفة القلب أيضاً مع زيادة الضغط على شريان الرئة.
ويؤكد صيّاد أنه ما من علاجات متاحة لهذه الحالات، والزرع هو الحل الوحيد.
هل تُعدّ عملية زرع الرئة لطفل سهلة؟
تُعدّ عملية زرع الرئة لطفل في غاية الصعوبة، خصوصاً أنه يصعب توفير رئة من طفل، إذ يجب زرع رئة لطفل تكون من طفل وفق معايير معينة ومقياس يلائم جسمه. وهذا ما قد لا يكون سهلاً. يضاف إلى ذلك أن الرئة تسمح للطفل بالعيش لسنوات عديدة، لكنها لا تعيش إلى الأبد، فعمرها محدود. ويتطلب ذلك أيضاً الكثير من المتابعة الدقيقة والمكثفة طوال أشهر أو سنوات. وهي جراحة دقيقة تتطلب جراحين متخصّصين في المجال ومكلفة جداً، إذ يمكن أن تصل كلفتها إلى مليون دولار، علماً بأنها لا تجرى في المنطقة، بل فقط في مراكز معينة في أوروبا والولايات المتحدة . وبالتالي من يجريها يجب أن يعيش في البلد الذي يخضع فيه للجراحة لأشهر عديدة حتى يتعافى وتصبح حالته تحت السيطرة. أما في ما عدا ذلك، فلا حلّ للطفل سوى اللجوء إلى الأوكسيجين والعلاجات التي تساعد على ضبط الأعراض عندما تسوء حالته.
هل يمكن لأدوية تتناولها الحامل أن تسبّب مشكلات من هذا النوع؟
في الحالات التي تكون مشكلة الرئة مرتبطة بالتكوين، أحياناً، يكون السبب مرتبطاً بتناول الحامل أدوية، إلا أن كل الأدوية التي كانت تسبب مثل هذا التشوّه وتمنع اكتمال النموّ أصبحت ممنوعة تماماً في مختلف أنحاء العالم. أما في باقي الحالات، فيمكن أن تكون المشكلة مرتبطة بخلل جيني أو وراثي وتكون حدتها متفاوتة عندها. مع الإشارة إلى أنه عندما تكون المشكلة وراثية، هذا لا يعني بالضرورة، بحسب صياد، أن تظهر أعراض واضحة على الأهل، بل من الممكن أن يحمل كل منهما طفرة جينية تسهم في ظهور المشكلة لدى الطفل. من هنا أهمية الفحوص الجينية لتحديد الأسباب والمشكلات التي يمكن أن تحصل.
نبض