مع التقدّم في العمر، تبدأ العظام بفقدان كثافة المعادن العظمية، المؤشّر الأساسي لقوتها، ما يجعلها أكثر عرضة للكسر.
لكنّ الأبحاث تشير إلى أنّ تحميل الهيكل العظمي بقوة كافية قد يساعد في الحفاظ على صلابته، ويبدو أنّ القفز يشكّل وسيلة فعّالة لتحقيق ذلك.
القفز ودوره في تعزيز العظام
توضح بام بروزينا، أستاذة التغذية وفسيولوجيا التمارين في جامعة ميزوري، أنّ "القليل من القفز مرّتين أو ثلاث مرات أسبوعياً قد يُحدث فارقاً كبيراً في صحة العظام".

وقد أثبتت دراسات عدة أنّ القفز يزيد من كثافة العظام في عنق عظم الفخذ، وهو من أكثر مناطق الورك عرضة للكسور. كما بيّنت مراجعة لـ 18 تجربة شملت أكثر من 600 مشارك تحسّناً بنسبة 1.5% في كثافة المعادن العظمية بعد ستة أشهر من تمارين القفز.
المشي مهم ولكن لا يكفي
رغم فوائده العامة، لا يُعتبر المشي كافياً لبناء عظام أقوى، وفق ما تشير كيري وينترز- ستون، أستاذة في جامعة أوريغون للصحة والعلوم. فالعظم يحتاج إلى تحميل مفاجئ ومختلف ليستجيب، مع ضرورة وجود عضلات قوية في الساقين والوركين والظهر لدعم المفاصل أثناء القفز.
محاذير القفز
ترى إميلي شتاين، المديرة المشاركة لبرنامج صحة العظام في مستشفى الجراحة الخاصة في نيويورك، أنّ القفز قد لا يكون آمناً لكبار السنّ أو لذوي المشكلات في التوازن، مشيرة إلى أنّ فائدته "ضئيلة جداً" مقارنة بأدوية ترقّق العظام.
وتضيف ويندي كورت، أستاذة الطب في جامعة كولورادو، أنّ القفز لا يمكن أن يكون بديلاً عن العلاج الدوائي، كما قد لا يتحمّله من يعانون من آلام المفاصل.

نتائج الدراسات السريرية
أثبتت التجارب السريرية بعض الفوائد. ففي دراسة صغيرة، قفزت 60 امرأة قبل سنّ انقطاع الطمث 10 أو 20 مرة يومياً على مدى أربعة أشهر، فازدادت كثافة المعادن العظمية في الوركين.
وفي تجربة أخرى استمرّت 12 شهراً، سجّل رجال في منتصف العمر يعانون انخفاضاً في كتلة العظام تحسناً ملحوظاً بعد ممارسة القفز أو تمارين المقاومة. وأظهرت النتائج أنّ العظم يستجيب بشكل أفضل عندما تُفصل بين القفزات فترات قصيرة من الراحة.
نصائح القفز لسلامة العظام
توصي بروزينا بممارسة تمارين القفز مرّتين أو ثلاثاً أسبوعياً، بين 40 و100 قفزة في الجلسة، سواء في المكان أو جانبياً أو من صندوق، مع زيادة الكثافة تدريجياً والتركيز على هبوط ثابت بالقدمين. وتوضح وينترز- ستون أنّ الفائدة تكمن في أثر الهبوط على الأرض، وليس في القفز بالحبل الذي يخفّف التلامس.

التمارين المكمّلة للقفز السليم
يشدد الباحثون على أنّ أي تحسّن يتطلّب ستة أشهر إلى عام من التمارين. وينصحون بالبدء أولاً بتمارين المقاومة لتقوية عضلات الورك والعمود الفقري، مثل القرفصاء والاندفاعات، إضافة إلى الضغط والرفعة المميتة.
هشاشة العظام والقفز
تحذّر بيليندا بيك، أستاذة فزيولوجيا التمارين في جامعة غريفيث الأوسترالية، من ممارسة القفز من دون إشراف طبي للمصابين بهشاشة العظام، إذ قد يؤدي إلى كسور. وتوصي بالبدء بتمارين أقل حدّة مثل إسقاط الكعب، وبعد استشارة الطبيب.

أنواع الرياضة التي تبني العظام
تظهر الدراسات أنّ لاعبي الجمباز وكرة السلة والطائرة يتمتعون بكثافة عظمية أعلى بفضل تكرار القفز والهبوط. أما الأنشطة مثل التنس والغولف والبيكلبول، فهي تضيف تنوعاً حركياً مهماً، في حين أنّ ركوب الدراجات والسباحة لا يحققان التأثير الأرضي نفسه رغم فوائدهما الصحية.
وتختم كورت باعتبار أنّ العظام تظل قادرة على التكيّف مع الضغط حتى في مراحل العمر المتقدمة، وتقول: "الهيكل العظمي سيبذل كل ما يمكن لحماية نفسه من الكسور".
نبض