إنقاذ النحل بـ"الأغذية الخارقة"... مكمّل مبتكر يُعزّز تكاثر المستعمرات

صحة وعلوم 08-10-2025 | 07:58

إنقاذ النحل بـ"الأغذية الخارقة"... مكمّل مبتكر يُعزّز تكاثر المستعمرات

وسط هذا الجو المشحون بالقلق على مستقبل النحل حول العالم، جاء الحلّ المبتكر، إذ قام العلماء بتعديل نوع آمن من الخميرة (Yarrowia lipolytica) لإنتاج مزيج من ستة ستيرولات أساسية يحتاجها النحل.
إنقاذ النحل بـ"الأغذية الخارقة"... مكمّل مبتكر يُعزّز تكاثر المستعمرات
نحل العسل أثناء عودته إلى الخلية محملاً بحبوب اللقاح، في مشهد يجسد الدور الحيوي لهذه الملقحات في استمرارية الزراعة والتوازن البيئي
Smaller Bigger

أعلن فريق من جامعة أوكسفورد، بالتعاون مع حدائق كيو الملكية وجامعة غرينيتش والجامعة التقنية في الدنمارك، ابتكار غذاء خاص للنحل قد يساعد في وقف الانهيار الكبير في أعداده.

تعتمد فكرة الابتكار الجديد على إنتاج مكمل غذائي مصمم بدقة يحتوي على عناصر أساسية، توجد عادة في حبوب اللقاح، لكن النحل أصبح يفتقدها في بيئته الطبيعية بسبب تغير المناخ والزراعة المكثفة. والنتيجة أن هذا الغذاء الجديد حسّن بشكل ملحوظ قدرة مستعمرات النحل على التكاثر، كما أظهرت التجارب التي وثقتها ورقة بحثية نشرت أخيراً في مجلة "نيتشر".

دور حيوي
وتتضح أهمية هذا الابتكار عند النظر إلى الدور الحيوي للنحل، إذ يعزى ما بين 5 و8 في المئة  من إجمالي الإنتاج الزراعي العالمي بشكل مباشر إلى التلقيح الذي يقوم به النحل والفراشات وملقحات أخرى.

ورغم أن هذه النسبة تبدو صغيرة نسبياً، فإن قيمتها الاقتصادية هائلة، إذ تقدر بما يتراوح بين 235 و577 مليار دولار سنوياً، وفق بيانات الهيئة الحكومية الدولية للعلوم والسياسات في مجال التنوع البيولوجي.

ورغم الأهمية الكبرى للنحل، تشير الدراسات إلى انخفاض أعداد أنواع النحل المسجلة عالمياً بنحو 25 في المئة منذ تسعينيات القرن الماضي، فيما تكشف بيانات الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة أن نحو 10 في المئة من الأنواع الأوروبية مهدّدة بالانقراض. 

وتتداخل أسباب هذا التراجع، إذ تشمل فقدان الموائل والتنوع الزهريّ، الاستخدام المكثّف للمبيدات، تفشّي الطفيليات والأمراض، فضلًا عن تغيّر المناخ الذي يفاقم مشكلات سوء التغذية الموسميّ.

تجربة لتربية نحل العسل داخل أقفاص خاصة في مختبر جامعة أوكسفورد، حيث يخضع النحل لاختبارات التغذية بالمكمّلات الجديدة - (كارولين وود/جامعة أكسفورد)
تجربة لتربية نحل العسل داخل أقفاص خاصة في مختبر جامعة أوكسفورد، حيث يخضع النحل لاختبارات التغذية بالمكمّلات الجديدة - (كارولين وود/جامعة أكسفورد)



غذاء خارق لمواجهة الخسائر
وسط هذا الجو المشحون بالقلق على مستقبل النحل حول العالم، جاء الحلّ المبتكر، إذ قام العلماء بتعديل نوع آمن من الخميرة (Yarrowia lipolytica) لإنتاج مزيج من ستة ستيرولات أساسية يحتاجها النحل.

جرى تجفيف الخميرة وتحويلها إلى مسحوق أضيف إلى غذاء المستعمرات خلال تجارب استمرت 3 أشهر داخل بيوت زجاجية محكمة. كانت النتيجة لافتة، والمستعمرات التي تناولت الغذاء الجديد ربّت يرقات أكثر بـ15 مرة مقارنة بالمستعمرات التي اعتمدت على الغذاء التقليدي، واستمرت في إنتاج الحضنة حتى نهاية التجربة، بينما توقفت المستعمرات الأخرى بعد ثلاثة أشهر.

والأهم أن تركيب اليرقات التي تغذّت على هذا الغذاء كان مطابقاً تقريباً لما يوجد في المستعمرات التي تعتمد على حبوب اللقاح الطبيعية، ما يعني أن المكمّل نجح في تعويض ما فقده النحل من الطبيعة.

وفي هذا السياق، قالت البروفيسورة جيرالدين رايت من جامعة أوكسفورد، في بيان صحافي، إن الدراسة الجديدة تظهر كيف يمكن للعلم المساعدة في مواجهة أزمات بيئية ملموسة، موضحة أن العناصر الغذائية التي يحتاجها النحل للبقاء لا تتوفر طبيعياً بكميات كافية، لكن التكنولوجيا الحديثة جعلت من الممكن توفير بدائل غذائية مكتملة تعوّض ما فقده النحل من الطبيعة.

 وشبّهت المؤلفة الرئيسية للدراسة الدكتورة إيلينور مور الفرق بين الأغذية التقليدية والمكمّل الجديد بالفرق بين وجبة صحية متوازنة يتناولها الإنسان ووجبة تفتقر إلى عناصر أساسية. وأكدت أن هذه التقنية تتيح تقديم غذاء "مصمم للنحل تحديداً"، ما يساعد المستعمرات على البقاء والتكاثر بشكل أفضل.

 

جينيفر تشينيلز، الباحثة في مختبر أوكسفورد للنحل، أثناء وزن أنابيب الغذاء المخصصة لاختبارات نحل العسل ضمن دراسة المكملات الجديدة - (كارولين وود/جامعة أكسفورد)
جينيفر تشينيلز، الباحثة في مختبر أوكسفورد للنحل، أثناء وزن أنابيب الغذاء المخصصة لاختبارات نحل العسل ضمن دراسة المكملات الجديدة - (كارولين وود/جامعة أكسفورد)


خسائر فادحة
تأتي هذه النتائج في وقت حسّاس، إذ شهد مطلع 2025 تقارير صادمة عن خسائر واسعة في مستعمرات نحل العسل في الولايات المتحدة، حيث وصلت في بعض الحالات إلى ما بين 60 و100 في المئة، مع تسجيل متوسّط خسارة وطنيّ يناهز الـ 53 في المئة، وفق مسوح مفتّشي المناحل.

هذه الموجة ربطت بتداخل عوامل عدة، من بينها مقاومة الطفيليات للأدوية، وزيادة الأحمال الفيروسية، وضعف تغذية النحل. من هنا تبرز أهمية الاكتشاف الجديد، إذ يقدّم أداة عملية لسدّ فجوات التغذية، ويعزز صمود المستعمرات، ما يمنح الأمل في كبح التراجع المتسارع، وحماية ركيزة أساسية للأمن الغذائي العالمي والتنوع البيئي.

    
العلامات الدالة

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 10/8/2025 3:44:00 AM
أقدم شقيق النائب الأردني السابق قصي الدميسي على إطلاق النار من سلاح رشاش تجاه شقيقه عبد الكريم داخل مكتبه، ما أدى إلى وفاته على الفور.
اقتصاد وأعمال 10/8/2025 7:17:00 PM
ما هو الذهب الصافي الصلب الصيني، ولماذا هو منافس قوي للذهب التقليدي، وكيف سيغير مستقبل صناعة المجوهرات عالمياً، وأهم مزاياه، وبماذا ينصح الخبراء المشترين؟
اسرائيليات 10/9/2025 3:20:00 PM
جلس في أحد المقاهي البيروتية واحتسى فنجان قهوة بين الزوار المحليين.