بين الطب والهندسة... راما شاهين تبتكر علاجاً غير مسبوق للكسور
من رحم الشغف وفضول البحث العلمي، وُلد اختراع جديد على يد المهندسة راما شاهين، التي قررت أن تجمع بين عالمَي الطب والهندسة لتكتب قصة ابتكار غير مسبوق في سوريا.
كانت البداية فكرة بسيطة: كيف يمكن تسخير الأمواج فوق الصوتية في معالجة كسور العظام؟ سؤال حملته راما معها بعد نيلها الماجستير، لتدخل في رحلة بحث امتدت عامين، من 2021 حتى 2023، انتهت بابتكار جهاز يقدّم حلولاً عملية لثلاثة أنواع من الكسور: الحديثة، المتأخرة الالتئام والعديمة الالتئام.
من الفكرة إلى التجربة
اختارت راما مستشفى إبن النفيس في دمشق محطة أولى لتجاربها، حيث وضعت تصوّرها للجهاز، ثم طوّرته حتى خرج إلى النور بعد سلسلة اختبارات دقيقة.
يقوم الجهاز على تطبيق مسبار (بروب) على مكان الكسر، لتُحفّز الأمواج فوق الصوتية تدفّق الدم في البؤرة العظمية، وتسرّع نشاط الخلايا المسؤولة عن البناء العظمي.

نتائج غير مسبوقة
تكشف راما أن النتائج جاءت لافتة، ففي الكسور الحديثة، تسارع الالتئام بنسبة وصلت إلى 57% مقارنة بالعلاج التقليدي، في حين أنه في الكسور المتأخرة الالتئام (بعد ثلاثة أشهر من دون التحام)، ظهرت علامات الشفاء بفضل الجهاز. أما في الكسور العديمة الالتئام (بعد ستة أشهر من دون أي اندمال)، فقد نجح الجهاز في تحفيز التئام العظم خلال شهر فقط من الجلسات اليومية.
وتوضح أن الأهم في عمل الجهاز ليس النتائج فحسب، بل تطوير بروتوكولات علاجية دقيقة لكل نوع من الكسور، تأخذ في الاعتبار التردّد، الشدّة، نوع النبضة، وزمنها.

شهادة المريض
التجربة الإنسانية حملت بُعداً آخر لنجاح الجهاز. يروي المريض مروان جبين قصته قائلاً: "في عام 2022 تعرّضتُ لحادث استدعى إجراء أكثر من جراحة، لكن الكسر لم يلتئم رغم تركيب صفائح ومسامير. بعد عام من المعاناة، بدأت العلاج باستخدام الجهاز الجديد، وخضعت لنحو خمسين جلسة بشكل شبه يومي".
يتابع: "كنا نتابع الصور الشعاعية كل خمسة عشر يوماً، ولاحظنا تقدّماً واضحاً. اليوم، أحمد الله أنني عدتُ أمشي بشكل طبيعي بعد أن كان ذلك حلماً بعيد المنال".

ما بين الحلم والاختراع
بالنسبة إلى راما شاهين، لم يكن هذا الابتكار مجرد مشروع بحثي، بل رحلة تحدّ أثبتت أن الجمع بين العلم والشغف يمكن أن يفتح أبواباً غير مطروقة.
رحلة قد تكون بداية لمرحلة جديدة في الطب العظمي في سوريا، حيث يتحوّل جهاز صغير إلى أمل كبير لمرضى عاشوا طويلاً مع الألم.
نبض