
بعد أن ظلت مدفونةً تحت الأرض لأكثر من 70 مليون عام، كشفت بيضة متحجّرة عن سرّ مذهل: جنين ديناصور محفوظ بحالة استثنائية. وصف العلماء هذا الاكتشاف بأنه من أغرب ما شهدته علوم الأحافير (البليونتولوجيا)، إذ يقدّم لمحة نادرة عن كيفية استعداد هذه المخلوقات القديمة للفقس. فما الذي يجعل هذا الاكتشاف استثنائيًا إلى هذا الحدّ؟ وكيف يمكن أن يكشف عن الروابط الخفيّة بين الديناصورات والطيور الحديثة؟
اكتُشف جنين ديناصور، عمره 70 مليون عام، وهو محفوظ بدقّة عالية في داخل بيضة متحجّرة. ويُعدّ هذا الاكتشاف واحداً من أهمّ الاكتشافات لأكثر أجنّة الديناصورات حفظاً بشكل جيّد، مما يعطي لمحة نادرة عن تطوّر وتفريخ مخلوقات ما قبل التاريخ.
تسلّط الحفريّة التي عُثر عليها في ولاية ميسوري الضوء على العلاقة ما بين الديناصورات والطيور الحديثة، وتكشف عن أوجه الشبه المثيرة في التطوّر الجنيني.
اكتشاف الجنين وعودة إلى زمن الديناصورات
تُعدّ بيوض الديناصورات المتحجّرة نادرة للغاية، والعثور في داخلها على جنين سليم أمرٌ استثنائي، لذا تقدّم هذه العيّنة لقطة من حياة ما قبل التاريخ مجمّدة في الزمن.
يعطي الجنين، الذي كان لا يزال في االبيضة عند تحجّره، نظرة إلى كيفيّة استعداد بعض الديناصورات للفقس. وتشبه وضعيّة الجنين الملتفّ وضعيّة أجنة الطيور الحديثة، وهو تشابهٌ أثار المزيد من النقاشات حول مدى القواسم المشتركة بين الديناصورات والطيور.
اكتُشفت الحفرية في ولاية ميسوري، وهي منطقة لا ترتبط عادةً باكتشافات الديناصورات المهمة. لكن المنطقة كانت ذات يوم جزءاً من ساحل ما قبل التاريخ، مما يُشير إلى أن البيضة ربما دفنت في الرواسب التي حفظتها لملايين السنين.
ماذا يقدّم هذا الاكتشاف في تطوّر الديناصورات؟
تُظهر وضعيّة الجنين في داخل البيضة، والمعروفة بوضعية الانطواء أو التقوقع، تشابهاً لافتاً مع ما نراه لدى أجنّة الطيور الحديثة، حيث يضع الجنين رأسه تحت الجناح لتسهيل عملية الفقس. ويُشير هذا التشابه إلى احتمال تبنّي الديناصورات سلوكيّات مشابهة حتى قبل الولادة، مما يُعزّز من الأدلة على الروابط التطوريّة بين الديناصورات والطيور.
ويأمل الباحثون في أن تساهم التحليلات الإضافية لهذا الجنين المتحجّر في كشف المزيد من الأسرار حول تكاثر الديناصورات ونموّها، إذ تبرز تساؤلات مهمة: هل أظهرت أنواع أخرى من الديناصورات سلوكيات شبيهة بسلوكيات الطيور؟ وما الذي قد تكشفه هذه السلوكيات عن تطوّرها؟
نظرة إلى حياة ما قبل التاريخ
يسلّط هذا الاكتشاف الضوء أيضاً على أهمية استمرار البحث في مجال علم الأحافير. فمع تحسّن تقنيات التنقيب واكتشاف المزيد من الحفريات، من المرجّح أن يتوصّل العلماء إلى المزيد من الاكتشافات الرائدة المتعلّقة بحياة الديناصورات.
وعلى الرغم من أن هذا الديناصور لم يفقس قط، فإن بقاياه المتحجّرة منحت المجتمع العلمي لمحة نادرة لا تقدّر بثمن عن حياة ما قبل التاريخ. وستستمر دراسة هذا الجنين في إثراء الأبحاث حول تكاثر الديناصورات ونموّها وتحوّلها إلى طيور.