النهار

قلق غروب الشمس: اضطراب يرافق خفوت ضوء النهار
فرح نصور
المصدر: النهار
رسم غروب الشمس لوحات خلابة بألوان آسرة تُظهر إبداع الخالق. ويشكِّل موعداً للمناسبات والجلسات الصيفية التي تليق بأجوائه المتلاعبة بين النهار والليل. وعلى رغم من جمال هذه الظاهرة، يثير خفوت ضوء النهار واختفاؤه شعوراً سلبياً لدى البعض. ويُسمّى ذلك "قلق غروب الشمس".
قلق غروب الشمس: اضطراب يرافق خفوت ضوء النهار
تعبيرية.
A+   A-


يرسم غروب الشمس لوحات خلّابة بألوان آسرة تُظهر إبداع الخالق. ويشكِّل موعداً للمناسبات والجلسات الصيفية التي تليق بأجوائه المتلاعبة بين النهار والليل. وعلى رغم من جمال هذه الظاهرة، يثير خفوت ضوء النهار واختفاؤه شعوراً سلبياً لدى البعض. ويُسمّى ذلك "قلق غروب الشمس".

ضمن هذه الحالة، يمتزج في مشاعر أولئك الأشخاص، الاكتئاب والقلق والخوف، مع الفراغ أو الندم أو الذنب حينما يأزف موعد انتقالهم من النهار إلى الليل. وفي حين تختلف تلك المشاعر بين شخص وآخر، إلّا أنّ هناك شعوراً عاماً بخسارة الوقت وفقدان السيطرة. فبرأيهم، طالما أنّ الجو مشرق بالخارج، فإن الفرصة سانحة للإنجازات، لكن حينما تغرب الشمس، ينهار كل شيء.

وجدت دراسة بعنوان " The effects of worry proneness on diurnal anxiety: An ecological momentary assessment approach"، منشورة على موقع "ريسرتش غايت"، أنّ القلق لدى الأشخاص العاديين يكون في ذروته صباحاً ثم ينخفض ببطء. في المقابل، أبلغ مشاركون في الدراسة ممن رُصدت لديهم مستويات عالية من القلق، أنهم يفتقدون لذلك الإيقاع الطبيعي، بل إنهم أحسوا بقلق مستمر طوال اليوم.

وخلُص بحث آخر أُنجز في السنة الجارية وحمل عنوان   Diurnal variation in anxiety and activity is influenced by chronotype and probable anxiety-related disorder status، إلى أنّه قد تكون لساعة جسمك الشخصية علاقة بهذا القلق. وقد لوحظ أن  الأشخاص الليليين الذين ينشطون في المساء، يعايشون مشاعر التوتر وتسارع الأفكار في فترة ما بعد الظهر وما يليها.

وكذلك رأت دراسة  عنوانها Circadian symptom fluctuations in people with anxiety disorders   أن الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات القلق، تميل أعراضهم إلى الاحتدام في فترة ما بعد الظهر أو في المساء.

ما الذي يسبب "قلق غروب الشمس"؟

الدكتور ماريو عبود- معالج نفسي ومستشار لدى "الهيئة الطبية الدولية" ومنظمة "أطباء بلا حدود".

يتخذ القلق أشكالاً عدّة. إذ يشعر الفرد بعدم الرضا غالباً، ويترجمه بعدم الإنجاز والفراغ. ويندرج قلق غروب الشمس ضمن تلك الأشكال. وبشكل أساسي، يتكفّل الليل والظلام بحدّ ذاتهما، بتحريك مشاعر الخوف والقلق، لا سيما الأطفال.

ثمة أسباب عدّة تقف خلف هذه الحالة. ويسهم "القلق التوقعي"، أي حينما تهجس حاضراً بشأن المستقبل، في تلك الأفكار. فمع انتهاء اليوم، تتذكر كل ما فعلته وما لم تتوصل إلى فعله. وتعلم أنّ لديك مهاماً جديدة في اليوم التالي، فيبدو الحمل أثقل. وقد يكون الذنب الناتج من عدم الإنتاجية عاملاً مهماً، بمعنى أنه قد يعطي شخصاً ما شعوراً بأنه لم يبذل جهداً كافياً خلال اليوم، ويشعر بالقلق والندم لتفكيره بإضاعة الوقت، والشعور بالخوف من تفويت الفرصة. وهنالك أيضاً من يسعون إلى تحقيق الكمال في أعمالهم، لأنهم معرَّضون بشكل خاص لهذا النوع من القلق والضغوط الداخلية.

وقد تسهم أسباب بيولوجية مثل نقص هرمون ميلاتونين [الذي ينظم النوم] لدى الأشخاص الذين يعانون من الأرق؛ في ظاهرة التوجس من غروب الشمس لأنهم يعرفون ما سينتظرهم ليلاً. ويمكن للكبار في السن أن يعانوا من هذه الحالة لشعورهم بمرور اليوم دون القيام بأي شيء، أو مثلاً حينما يقضي أولادهم النهار لديهم ويغادرون ليلاً، مما يشعرهم بالقلق والتفكير بالمستقبل والماضي.
وفي إطار مماثل، إذا كان الشخص يعيش وحيداً، سيدفعه ذلك إلى الشعور أكثر بالقلق والأفكار السلبية.

ولنتذكر أن هنالك فائدة كبيرة للشمس بالنسبة إلى صحة الفرد النفسية والجسدية. إذ يؤدي التعرّض إليها لإفراز نوع من هرمونات السعادة. ومع نهاية اليوم، يختفي هذا الشعور. 

وغالباً، يكون الأشخاص الأكثر قلقاً، أشدّ عرضة عرضةً للشعور بعدم الارتياح مع غروب الشمس. 

كذلك، حينما تكون مشغولاً يتضاءل وقت القلق، لكنّه لا يختفي أبداً. وفي المقابل، حينما تحلُّ استراحتك من العمل، على الأرجح عند غروب الشمس، يظهر القلق. وقد تؤدي فترة التحرر من الالتزامات إلى جهل ما يتوجب فعله بعدها. وإذا كنت منهكاً من يوم مرهق، فقد لا يتبقى لديك أي طاقة لاتخاذ قرار بشأن ما ستطبخه للعشاء أو لتحفيز نفسك على الذهاب في نزهة.

كيف تتعامل مع قلق غروب الشمس؟

- مارس اليقظة الذهنية للتخلص من أفكار مثل "أنا لا أفعل ما يكفي".
- ابقَ مشغولاً وخطّط للأشياء التي تستمتع بها بمجرد انتهاء عملك، مثل التواصل الاجتماعي أو ممارسة الرياضة.
- مارس التمارين الرياضية بعد العمل، لأن أحد أفضل علاجات القلق على المدى القصير هو التمارين الهوائية.
- ضع أهدافاً يمكنك العمل عليها كل مساء.
- اعترف بالقلق لنفسك. وحاول فحص ما تفعله أثناء القلق، ثم جرّب ان تشتغل على معرفة كيفية إدارته. 
- جِد روتيناً يومياً يساعدك في الانتقال من النهار إلى الليل، ويمنحك شعوراً بالهدف. وقد يشمل ذلك إرساء عادة ليلية حتى يعرف عقلك أن يوم العمل قد انتهى، سواء تمثّل ذلك بالاستحمام لمدة 15 دقيقة، أو استخدام الزيوت الأساسية، أو تدوين اليوميات أو التأمّل.
- مارس تمارين التنفس أو التأمّل، وتجذّر بالشعور الآني.
- بعد العمل، جرّب طرقاً لتخفيف التوتر مثل تدوين المذكرات، تشغيل الموسيقى، الخروج، أو مجرد الاستلقاء للانتقال إلى المساء والشعور بمزيد من الاستقرار.

الأكثر قراءة

المشرق العربي 12/8/2024 10:25:00 AM
أفاد "موقع فلايت رادار" لتتبع الطائرات بأن طائرة سورية يشتبه في أنها تقل بشار الأسد غادرت مطار دمشق قبل دخول المعارضة.
فن ومشاهير 12/8/2024 7:50:00 AM
كتب زيدان عبر حسابه الرسمي في فايسبوك: "أقولها بالفم الملآن كم كنت واهماً… ربما كنا أسرى لثقافة الخوف... أو ربما خشينا من التغيير لأننا كنا نتصور أن ذلك سيقود إلى الدم والفوضى".

اقرأ في النهار Premium