داعش يهدد الجيش السوري... حربنا ضده بدأت؟ النهار تتحقق FactCheck
المتداول: صورة تظهر، وفقاً للمزاعم، مسؤولين في تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) يتلون بياناً تضمّن تهديداً للجيش السوري، و"حربنا ضده بدأت".
الا أن هذا الزعم غير صحيح.
الحقيقة: لا دليل على ان البيان المتناقل أصدره "داعش". والصورة لقطة من فيديو يعود الى 2 آذار 2017، وهو لاعلان اربع جماعات جهادية ناشطة في منطقة الساحل اندماجها لتشكيل تنظيم موحد. FactCheck#
"النّهار" دقّقت من أجلكم
تظهر الصورة ثلاثة رجال ملتحين، وضعوا عمامات سود على رؤوسهم، وجلسوا جنبا الى جنب. وبدا امام واحد منهم كمبيوتر محمول. وكتبت اسماؤهم (من اليمين): القائد الحسن الانصاري، الشيخ أياد أبو الفضل، والقائد يحيى أبو الهمام. وقد انتشرت الصورة أخيرا في حسابات ارفقتها بما زعمت انه "بيان تهديد ووعيد اصدره داعش للجيش السوري الجديد". ومما جاء فيه: "اعلموا أن حربنا بدأت ضد الجيش السوري الجديد المرتد ولن نفرق في هذه الحرب، بين عسكري كبير وصغير، وبين من خرج من أجل المال ومن خرج منتصرا للباطل والضلال...".


خمسة قتلى من داعش في سوريا بضربات أميركية ردا على هجوم تدمر
جاء انتشار الصورة والبيان في وقت أسفرت ضربات أميركية ليلية على مواقع في سوريا عن مقتل خمسة عناصر على الأقل من تنظيم الدولة الإسلامية، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان السبت 20 كانون الاول 2025، بينما أكّد الأردن مشاركته فيها، بعد أسبوع على هجوم أسفر عن مقتل ثلاثة أميركيين في تدمر وسط سوريا، على ما أوردت وكالة "فرانس برس".
وبعد ساعات على الضربات الأميركية، أعلن الجيش الاسرائيلي أن قواته اعتقلت شخصا تشتبه في انتمائه إلى تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا في وقت سابق من هذا الأسبوع ونقلته إلى إسرائيل.
وفي حادثة هي الأولى منذ وصول الرئيس أحمد الشرع إلى السلطة بعد إطاحة الرئيس السابق بشار الأسد قبل أكثر من عام، قتل ثلاثة أميركيين في 13 كانون الأول/ديسمبر في تدمر (وسط)، في هجوم نسبته واشنطن ودمشق إلى تنظيم الدولة الإسلامية، من دون أن يتبناه الأخير.
وأعلنت الولايات المتحدة فجر السبت "ضرب أكثر من 70 هدفا في أنحاء وسط سوريا بواسطة طائرات مقاتلة ومروحيات هجومية والمدفعية" في ما وصفه الرئيس دونالد ترامب بأنه "ضربة انتقامية قوية جدا" ردا على الهجوم.
وبحسب وزارة الداخلية السورية، فإن منفذ الهجوم انضمّ في الأشهر الأخيرة إلى صفوف قوات الأمن، وكان من المقرر فصله بسبب حمله "أفكارا تكفيرية أو متطرفة".
ولكن هل أصدر داعش بيان تهديد للجيش السوري على خلفية هذه الاحداث؟
لا دليل على ذلك. ولم نعثر على هذا البيان منشوراً لدى مصادر ذات ثقة.
في الواقع، ينحصر انتشاره في وسائل التواصل الاجتماعي، بما ينذر بخطر التلفيق.
سياق مختلف للصورة
اضافة الى ذلك، فإن الصورة لها سياق مختلف تماما.
ويوصلنا اليها البحث العكسي منشورة في مواقع اخبارية بكونها لقطة من فيديو يعود الى 2 آذار 2017، وهو لاعلان اربع جماعات جهادية ناشطة في منطقة الساحل اندماجها لتشكيل تنظيم موحد.
وكتب موقع "Le Monde" الفرنسي مع الصورة: "لقطة شاشة من الفيديو الذي نشرته وكالة الأنباء الموريتانية ANI في 2 آذار (2017)، ويظهر فيه إياد أغ غالي (في الوسط)، محاطاً من اليسار بمحمدو كوفا، ويحيى أبو الهمام، والحسن الأنصاري، وعبد الرحمن الصنهاجي، معلنين تأسيس "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين".
يومذاك، نشرت قناة "فرانس 24" لقطات من هذا الفيديو في حسابها في يوتيوب، في 3 آذار 2017، بعنوان "مالي: شخصيات جهادية تتحد تحت راية جديدة في منطقة الساحل". وقدمت فيه شرحاً عن هذه الشخصيات.
الخميس 2 آذار 2017، نقلت وكالة الانباء الموريتانية الخاصة (ايه ان آي) ان (ANI) اربع جماعات جهادية ناشطة في منطقة الساحل، بينها تنظيما المالي اياد اغ غالي، والجزائري مختار بلمختار، أعلنت في فيديو اندماجها لتشكيل تنظيم موحد، على ما ذكرت وكالة "فرانس برس".
وتم تشكيل تنظيم جديد باسم "جماعة نصرة الاسلام والمسلمين"، بقيادة اياد اغ غالي، على ما اعلنت وكالة نواكشوط للانباء، التي اكدت لوكالة "فرانس برس" انها تلقت الفيديو مساء الاربعاء (1 منه)، لكنها لا تنوي نشره على الانترنت.
واوضحت الوكالة ان التنظيم الجديد يضم جماعات أنصار الدين (اغ غالي) والمرابطون (مختار بلمختار) وإمارة منطقة الصحراء (القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي)، وكتائب ماسينا (بول امادو كوفا الناشط في وسط مالي).
ونشر موقع الوكالة لقطة أفاد بأنها من الفيديو بدا فيها اغ غالي متوسطا "امراء" التنظيمات الاخرى "يحيى أبو الهمام أمير منطقة الصحراء، ومحمدو كوفا أمير كتائب ماسينا، والحسن الأنصاري نائب أمير +المرابطون+"، اضافة الى "أبو عبد الرحمن الصنهاجي، قاضي منطقة الصحراء".
وتعذر على مراسل وكالة "فرانس برس" مشاهدة الفيديو، لكنه سمع في التسجيل الصوتي الذي اطلع عليه صوتا عرف عنه بانه لاياد اغ غالي، معلنا اندماج التنظيمات.
واكد اغ غالي، وهو من الطوارق، ان الجماعة الجديدة تبايع زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، وأمير القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي أبو مصعب عبد الودود، وأمير حركة طالبان افغانستان الملا هيبة الله. واشاد بزعيم القاعدة اسامة بن لادن، الذي قتل في هجوم لفرقة كوماندوس اميركية في باكستان في ايار 2011.
وتعذر الحصول على معلومات عن تاريخ تسجيل الفيديو. وقال مدير وكالة نواكشوط محمد محمود ابو المعالي لوكالة "فرانس برس": "اكد لنا مصدرنا انه تم تصويره أخيرا".
وكانت المجموعات كافة على علاقة بالقاعدة، وساهمت في سلسلة هجمات عنيفة ادت الى خروج شمال مالي عن سيطرة الحكومة لمدة عام تقريبا بعد ربيع 2012، وفقاً للوكالة الفرنسية. ولاحقا طرد المسلحون المتشددون من المنطقة نتيجة عملية عسكرية بقيادة فرنسية.
ورغم ذلك، بقيت مناطق واسعة في شمال مالي تشهد هجمات مجموعات جهادية، وباتت الحكومات التي تكافح الجهاديين تعتبرها منصة لشن الهجمات على بلدان اخرى في المنطقة.
تقييمنا النهائي: اذا، ليس صحيحاً ان الصورة المتناقلة تظهر مسؤولين في تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) يتلون بياناً تضمّن تهديداً للجيش السوري. في الحقيقة، لا دليل على ان البيان المتناقل أصدره "داعش". والصورة لقطة من فيديو يعود الى 2 آذار 2017، وهو لاعلان اربع جماعات جهادية ناشطة في منطقة الساحل اندماجها لتشكيل تنظيم موحد.
نبض