صلبان في افتتاح المتحف المصري الكبير؟ النهار تتحقق FactCheck

النهار تتحقق 05-11-2025 | 13:20

صلبان في افتتاح المتحف المصري الكبير؟ النهار تتحقق FactCheck

شكوى من "صلبان"، واتهامات "بالشرك بالله". ما القصة؟ 
صلبان في افتتاح المتحف المصري الكبير؟ النهار تتحقق FactCheck
لقطة من افتتاح المتحف المصري الكبير.
Smaller Bigger

علّقت حسابات على صورة من افتتاح المتحف المصري الكبير بمزاعم أنها تظهر "رفع صلبان خلال الاحتفال". الا أن هذا الزعم غير صحيح. FactCheck# 



"النّهار" دقّقت من أجلكم



تظهر الصورة فتيات وشبابا بالزي المصري القديم، تقدمتهم الفنانة المصرية الشابة هدى المفتي، وهي تحمل رمزاً. وعلّقت عليها حسابات (من دون تدخل): "تعر وصلبان وشرك بالله وتعظيم أصنام… أهذه اشياء تُحدث في بلد يفترض أنه مسلم؟".

 

الصورة المتناقلة بالمزاعم الخاطئة (اكس)
الصورة المتناقلة بالمزاعم الخاطئة (اكس)


 

ولكن هذا الزعم غير صحيح تماما.

 

 

فالرمز الذي كانت المفتي تحمله يُعرف باسم "عنخ"، وهو مفتاح الحياة في الحضارة المصرية القديمة، ويعني الحياة عند المصريين القدماء، على ما شرح لـ"النهار" الدكتور رمضان شعبان علي، مفتش آثار بمنطقة آثار مصر الوسطى بالهيئة العامة للآثار بوزارة السياحة المصرية.

 

وأوضح أن "الرسوم والنقوش المصرية القديمة تصور آلهة وملوكا يحملون هذه العلامة في أيديهم في حالات مختلفة". وقال: "آمن المصري القديم بالحياة بعد الموت، وكانت كل مفردات الحياة من حولهم مثالا صغيرا لهذه الرغبة الكامنة في نفوسهم".

 

ويُعتبر رمز الـ"عنخ" واحداً من أشهر تلك المفردات، التي ترمز للحياة الأبدية بعد الموت. وقد استخدم في كل شيء يخص حياة المصريين القدماء ورمزا في مقابرهم. فـ"الإله يهبها الأرواح البارة التي تبرأ في محاكمة أوزير"، ونجدها "مرتبطة بالماء التي تعني الحياة للمصري. ففي طقس التطهير، يتدفق الماء على هيئة علامة العنخ، وهنا ترمز للقوة السحرية والحياة التي لا تفنى".

 

وذكر مفتش الآثار بمنقطة مصر الوسطى أن أصل هذه العلامة أو هذا الرمز المألوف للغاية في الكتابة الهيروغليفية، غامض إلى حد ما. وتباينت الرؤى بشأن تحديد هويته الأصلية بين تعبيرات لرمزية جنسية تشير إلى الحياة الأولى الدنيوية، وبين ما اعتبر صورة تمثيلية لرباط النيل ومعناها أيضاً كرمز للحياة".

 

واللافت، بحسب الدكتور رمضان، أن باقة الزهور في اللغة المصرية تسمى "عنخ"، وتظهر في أيدي الرجال والنساء في الصور التمثيلية الجنائزية، لتشكل تورية مرئية تربط المتوفي بالآلهة ببراعة. وهناك أيضاً تفسير لأصل هذا الرمز يتمثل في كونه يمثل العناصر الواهبة للحياة (الهواء والماء).

وأشار الى أن المصري القديم لم ينس يوما أن هذه العلامة هي الهبة العظيمة، التي يعطيها الإله الإنسان. فنجد المعبودة حتحور تهب الحياة الملك امنحوتب الثاني، وتقرب علامة عنخ من أنفه. وكان المعبود أتون المتمثل في قرص الشمس، عندما يسطع، يمد البشر بالحياة، فصور الفنان المصري أشعة أتون منتهية بأيد تقبض بعلامة الحياة.


جدارية توضح استغانة اخناتون بالمعبود أتون من موقع meisterdrucke.ie لبيع التحف الفنية في النمسا
جدارية توضح استغانة اخناتون بالمعبود أتون من موقع meisterdrucke.ie لبيع التحف الفنية في النمسا


 

وتعد علامة عنخ من التمائم الأكثر شعبية، وهي تمثل الحياة الأبدية. كذلك ترمز للاتحاد بين الإله والإنسان والسماء والأرض، وتعد أيضاً سلطة الملك. وتمثل الحماية والحياة الأبدية، وهي من التمائم التي لها تأثير عند المصري القديم.

 


مفتاح الحياة "عنخ" في الفن المسيحي المصري 

وقد استخدم المسيحيون المصريون علامة "عنخ" في وقت مبكر كرمز لـ"الصليب المقدس". وامتد استخدامه بالمعنى ذاته في اللغة القبطية، التي هي المرحلة الرابعة والأخيرة من مراحل كتابة اللغة المصرية القديمة، بحسب الدكتور رمضان.


وشرح أن الفن القبطي استعار هذا الرمز واستخدمه كمدلول للحياة، نظرا إلى كونه يشبه الصليب شكلا، ثم جمع بينه وبين الصليب في صيغة زخرفية واحدة. واستمر استخدام تلك العلامة كما هي حتى نهاية القرن الرابع الميلادي. ثم تم تحويرها، وأطلقت عليها تسمية Ansata crux أو الصليب ذي العروة. واستمر تمثيلها في القرنين السادس والسابع الميلادي، وكانت ترمز لهزيمة الوثنية.

 

وقال رمضان إن "الصليب لم يستخدمه المسيحيون صراحة كرمز للمسيح والخلاص حتى عهد قسطنطين، ومعنى ذلك أن المسيحيين تبنوا علامة "عنخ" على أنها صليب. وربما لجأ القبطي الى ذلك على سبيل الخداع هروبا وخوفا من الاضطهاد، لذا استخدمه لأنه يتشابه في شكله مع علامة الصليب".

 

وانتقل مفتاح الحياة من الفن المسيحي إلى الفن الإسلامي أيضاً. وظهر خلال العصر الفاطمي على طبق من الخزف ذي البريق المعدني، صُوّر عليه كاهن مسيحي مصري بثوب مطرز يحمل مصباحا أو مبخرة، وعلى الجانب الأيسر منه، شكل زخرفي تم تفسيره أنه شجرة سرو أو مفتاح الحياة الرمز المصري القديم.

 

طبق من الخزف خلال حكم الفاطميين لمصر (الموقع الرسمي لمتحف متروبوليتان للفنون-meisterdrucke.ie)
طبق من الخزف خلال حكم الفاطميين لمصر (الموقع الرسمي لمتحف متروبوليتان للفنون-meisterdrucke.ie)

 

تمجيد للأصنام؟

وبالنسبة الى المزاعم أن احتفال افتتاح المتحف شكل تمجيدا للأصنام، فإنها خاطئة ايضاً. وقد عبّر شيخ الأزهر الشريف الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب عن اعتزازه بما تزخر به مصر من كنوز الحضارة والتَّاريخ وتراثها الإنساني الفريد.

 

وأكد في بيان نشرته الصفحة الرسمية لمشيخة الأزهر على موقع فايسبوك بتاريخ 31 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، "ضرورة استلهام مشاعر الفخر من هذا الإنسان المصري القديم الذي أدهشَ العالم بحضارة استثنائية لا تزال أسرارها في مختلف الفنون عصيةً على الفَهم والإدراك، رغمَ ما توصَّل إليه إنسان اليوم من تقدمٍ تقنيٍّ وتكنولوجيٍّ مذهل".

 

لقطة لبيان الشيخ الطيب
لقطة لبيان الشيخ الطيب



عرض مبهر

وفي عرض مبهر، افتُتح المتحف المصري الكبير في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، بمشاركات من كلّ أنحاء العالم، من طوكيو إلي ريو دي جانيرو ونيويورك.

وأمام واجهته المهيبة الممتدة على هضبة الجيزة، حيث تُظلّل الأهرامات الرمال الذهبية التي كشفت لنا بشوقٍ وكرمٍ كنوز القدماء، وقف الحضور. 

وكان الزعماء والقادة المشاركين تسلموا مجسّماً صغيراً للمتحف المصري الكبير، وكلّ مجسم يحمل اسم دولة ليضع قادتها قطع بلادهم بأيديهم رمزاً لمشاركتهم احتفالية الافتتاح. ووضع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي القطعة الأخيرة التي تُمثّل مصر، معلناً الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير.

 

 

 

 

واعتبر السيسي أنّ "المتحف المصري الكبير صورة مجسّمة تنمّ عن مسيرة شعب سكن أرض النيل منذ فجر التاريخ، فكان ولا يزال الإنسان المصري دؤوباً، صبوراً، كريماً، بنّاءً للحضارات صانعاً للمجد، معتزاً بوطنه، حاملاً راية المعرفة ورسولاً دائما للسلام"، مؤكّداً أنّ "مصر ظلّت على امتداد الزمان واحة للاستقرار وبوتقة للثقافات المتنوعة وراعية للتراث الإنساني".

ولفت إلى أنّ "المتحف شهادة حية على عبقرية الإنسان المصري الذي شيّد الأهرام ونقش على الجدران سيرة الخلود، شهادة تروي للأجيال قصة وطن ضربت جذوره في عمق التاريخ الإنساني، ولا تزال فروعه تُظلّل حاضره ليستمر عطاؤه في خدمة الإنسانية".

 

الخلاصة: ما حمله مشاركون في احتفال افتتاح المتحف المصري الكبير ليس صلبانا، بل علامة "عنخ"، التي ترمز للحياة الأبدية. واحتفت مؤسسة الأزهر الشريف بالمتحف، مؤكدة أنه يزخر بتراث إنساني.

 
العلامات الدالة

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 11/4/2025 6:56:00 PM
شقيق الضحية: "كان زوجها يمسك دبوسا ويغزها في فمها ولسانها كي لا تتمكن من تناول الطعام".
ثقافة 11/2/2025 10:46:00 AM
"والدي هو السبب في اكتشاف المقبرة، وكان عمره وقتها 12 عاماً فقط سنة 1922."
لبنان 11/3/2025 11:23:00 PM
الفيديو أثار ضجة وغضباً بين الناشطين، حيث اعتبر كثيرون أن استخدام الهواتف والإضاءة الساطعة داخل هذا المعلم السياحي يؤثر على السياح هناك.
لبنان 11/4/2025 8:47:00 AM
دعت هيئة قضاء جبيل القوى الأمنية المختصة إلى التحرّك الفوري واتخاذ الإجراءات اللازمة لمحاسبة الفاعلين