حقيقة الأم السودانية التي حاولت حماية أطفالها من المسلحين في الفاشر... النهار تدقق FactCheck
المتداول: فيديو يظهر، وفقاً للمزاعم، "أماً سودانية وهي تحاول حماية أطفالها من رصاص" مسلحين في الفاشر غرب السودان أخيراً.
الا أنّ هذا الزعم غير صحيح.
الحقيقة: هذه المشاهد لا علاقة لها بالمستجدات الاخيرة في الفاشر، لكونها قديمة، اذ تعود آثارها الى 12 ايلول 2025. FactCheck#
"النّهار" دقّقت من أجلكم
ينتشر الفيديو على نطاق واسع. وتظهر فيه امرأة جلست مع ثلاثة أطفال ارضا على العشب، بينما كان أحدهم يكلمها. وانتفضت خائفة في مكانها كلما تردد صوت الرصاص، معانقة الاطفال. ووفقاً للمزاعم، "كانت هذه الام تحاول حماية أطفالها"، و"ما الذنب التي اقترفته هذه المرأة السودانية واطفالها؟"، و"قوات الدعم السريع ترهب المواطنين".
لا حول ولا قوة إلا بالله ما ذنبها و أطفالها …..
— أحداث الشرق الأوسط (@MiddleEast_ev) October 29, 2025
ما يحدث في السودان تعدى كل الخطوط الحمراء
قوات الدعم السريع ترهب المواطنين العاديين … pic.twitter.com/H5KqWWte2u

مجازر وعمليات قتل في الفاشر
جاء تداول الفيديو في وقت أفادت تقارير شهود وناشطون محليون ومنظمات دولية وصور اقمار صناعية بحصول "مجازر" وعمليات قتل واسعة النطاق طالت مدنيين في الفاشر غرب السودان، على ما ذكرت وكالة "فرانس برس".
وقال قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، أمس الأربعاء، إنه "يتأسف لأهل الفاشر" بعد "الكارثة التي حصلت لهم"، مشيرا الى أن سيطرة قواته على المدينة هي لصالح "وحدة السودان" التي ستحصل "سلما أو حربا".
وقال في خطاب بثّ بعد ثلاثة أيام من سيطرة قواته على المدينة، آخر معاقل الجيش في إقليم دارفور بغرب البلاد، إنّ "تحرير الفاشر تحوّل لصالح وحدة السودان، ونحن نقول وحدة السودان سلما أو حربا".
وتحدثت منظمة الصحة العالمية عن تقارير بشأن مقتل أكثر من 460 شخصا في مستشفى في الفاشر، بينما تتواصل "المجازر"، وفقا لصور الأقمار الاصطناعية التي حلّلها مختبر الأبحاث الإنسانية التابع لجامعة ييل.
وأعلن المدير العام لمنظمة الصحة التابعة للأمم المتحدة تيدروس أدهانوم غيبريسوس أن المنظمة "مستاءة ومصدومة بشدة لمعلومات تحدثت عن مقتل أكثر من 460 مريضا وأشخاص يرافقونهم في المستشفى السعودي للتوليد في الفاشر بالسودان، إثر الهجمات الأخيرة وخطف عاملين في مجال الصحة".
وأكد تقرير لمختبر الأبحاث الإنسانية (هيومانيتاريان ريسيرتش لاب) في جامعة ييل، مدعوم بمقاطع فيديو وصور بالأقمار الاصطناعية، "الأدلّة على استمرار المجازر خلال الساعات الـ48 التي أعقبت سيطرة قوات الدعم السريع" على الفاشر.
وشملت الانتهاكات عمليات إعدام بالقرب من مستشفيين من بينهما المستشفى السعودي، و"مسارا منهجيا من التطهير العرقي".
ولا تزال الاتصالات عبر الأقمار الاصطناعية مقطوعة، باستثناء لدى قوات الدعم التي تسيطر على شبكة ستارلينك. كذلك، لا يزال الوصول إلى الفاشر محظورا رغم الدعوات إلى فتح الممرات الإنسانية. وبالتالي، بات من الصعب جدا التواصل مع مصادر محلية مستقلة.
ومنذ الأحد، نزح أكثر من 36 ألف شخص جراء أعمال العنف في الفاشر، غالبيتهم باتجاه ضواحيها وإلى مدينة طويلة الواقعة على بعد 70 كيلومترا إلى الغرب والتي تعد أكبر منطقة استقبال في البلاد، وفقا للأمم المتحدة، إذ تضم أكثر من 650 ألف نازح.
وأظهرت صور نادرة التقطتها وكالة "فرانس برس" في طويلة، نازحين يحملون أمتعتهم على ظهورهم ورؤوسهم. وكان بعضهم ينصبون خيما، فيما بدا آخرون مصابين.
غوتيريش يدعو إلى “إنهاء حصار” الفاشر في غرب السودان بعد مقتل 460 شخصا في مستشفى
سودانية نازحة من الفاشر تصف عمليات القتل الميدانية بعد سقوط المدينة
حقيقة الفيديو
الا ان الفيديو المتناقل لا علاقة له بهذه المستجدات، وفقا لما يتوصل اليه تقصي حقيقته.
فالبحث عنه، بتجزئته الى صور ثابتة (Invid)، يوصلنا اليه منشوراً بنسخة أطول (56 ثانية) في حساب أحمد مورنو دجوما Ahmat Mourno Djouma في تيك توك، ahmat.mourno.djou3@، في 12 ايلول 2025، من دون اي تعليق عليه، او تفاصيل عن مشاهده.
@ahmat.mourno.djou3 #CapCut ♬ الصوت الأصلي - محمد_الشيخ_عبدالله{محب_نورين}

وفي هذه الثواني الاضافية، أمكن مشاهدة يد تمتد لتمسك بيد الطفل الصغير المذعور الذي كانت المرأة تحتضنه (التوقيت 0.31)، تخفيفاً من خوفه.

ونستنتج من خلال جولة في حساب دجوما أنه مقاتل يظهر في العديد من الفيديوات، لا سيما في صفحته في الفايسبوك، مرتديا ثيابا عسكرية، وواقفا قرب جيبات مسلّحة، ووسط مقاتلين آخرين.
وعلّق العديد من المستخدمين على فيديواته بعبارات داعمة لـ"المشتركة (القوة المشتركة بين الجيش والشرطة والأمن...) سم الجنجويد" (المليشيات المرتبطة بقوات الدعم السريع)، بما يُفهم أن دجوما من المشتركة.
ولم يمكن معرفة أي شيء عن مقطعه المتعلق بالمرأة، باستثناء توضيح تركه حساب العقرب الافريقي في قسم التعليقات: "لقيناها في نص المعركة يا ناس... حتى الرصاص اللي سامعينها دي اشتباك مباشر... وخليناها زي ما لقيناها بخير وعافية".
ايا يكن، فإن نشر الفيديو في ذلك التاريخ القديم، اي في 12 ايلول، يعني ان لا علاقة له بالتطورات العسكرية الميدانية الاخيرة في السودان، لا سيما في الفاشر.
تحول مفصلي
وشهدت الحرب التي اندلعت في السودان منذ أكثر من عامين تحولا مفصليا الأحد 12 تشرين الاول 2025، مع سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر، ما أتاح لها الامساك بإقليم دارفور في غرب البلاد، مع تركز المعارك في إقليم كردفان المجاور، على ما ذكرت وكالة "فرانس برس".
وأدت الحرب التي اندلعت في منتصف نيسان 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة حليفه السابق محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي، إلى تقسيم البلاد إلى مناطق نفوذ بين الطرفين.
وبعد السيطرة على الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، باتت قوات الدعم السريع تستحوذ على غرب البلاد وأجزاء من الجنوب، بينما يمسك الجيش بالشمال والشرق والوسط بما في ذلك الخرطوم.
وأسفرت الحرب عن مقتل عشرات آلاف الأشخاص، ودفعت الملايين إلى النزوح، بينما بات نحو 25 مليون شخص يعانون الجوع الحاد، وتسببت بـ"أسوأ أزمة إنسانية في العالم" بحسب وصف الأمم المتحدة.
وأثارت سيطرة قوات الدعم على الفاشر مخاوف الخبراء من تقسيم جديد للسودان وتكرار المجازر التي شهدها إقليم دارفور في مطلع القرن الحالي.
تقييمنا النهائي: اذاً، ليس صحيحاً ان الفيديو المتناقل يظهر "اماً سودانية وهي تحاول حماية أولادها من رصاص" مسلحين في الفاشر غرب السودان أخيراً. في الحقيقة، هذه المشاهد قديمة، اذ تعود آثارها الى 12 ايلول 2025.
نبض