الصورة تثير الاهتمام، لأن من يظهر فيها هو رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، وكان يرتدي دشداشة بيضاء، وفي قدميه شبشب. ولكن هل هذه اللقطة صحيحة أم زائفة؟ تردّد السؤال، في وقت بات التشكيك ضروريا في زمن التزييف بواسطة الذكاء الاصطناعي والبرامج الرقمية. وجاءت نتيجة البحث والتدقيق ان هذه الصورة صحيحة، ولا تلاعب فيها، وان اقتطعت من صورة أعرض تعود الى 19 ايار 2008، وتظهر بري خلال اجتماع للمعارضة في العاصمة القطرية الدوحة. FactCheck# 

 

 

"النّهار" دقّقت من أجلكم

 

 

زاوية الصورة جانبية، وبدا فيها الرئيس بري جالساً على كنبة، بينما ارتدى دشداشة بيضاء وانتعل شبشباً، وامسك بسبحة حمراء بيده اليسرى. وقد شقّت هذه اللقطة غير المعهودة طريقها الى وسائل التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية، مثيرة تساؤلات عن صحتها، وهل هذا هو الرئيس بري بالفعل؟ وما سياق صورته، في ما لو صحت؟  

 

الصورة المنشورة في وسائل التواصل الاجتماعي

 

حقيقة الصورة

بحث عكسي، وتكفي نقرة ليتبين لنا ان الصورة حقيقية، ولا تلاعب فيها. 

 

في الواقع، ستجدون نسختها الكاملة مؤرشفة في موقع وكالة غيتي ايماجيز Getty Images في 19 ايار 2008، مع شرح انها تظهر "رئيس مجلس النواب اللبناني رئيس حركة أمل الشيعية نبيه بري (في الوسط) يتحدث إلى زعيم المعارضة المسيحية العماد ميشال عون (الى اليمين)، بينما يبتسم ممثل حزب الله النائب محمد رعد (الى اليسار) خلال اجتماع للمعارضة في الدوحة، في 19أيار 2008".

 

تصوير: حسان ابراهيم Hassan Ibrahim/ أ ف ب.

 

الصورة مؤرشفة في موقع وكالة غيتي ايماجيز في 19 ايار 2008

 

وقد نشرت الوكالة يومذاك صورتين أخريين لبري خلال ذلك اللقاء. وبدا ايضا عون في واحدة منهما.

 

وكتبت الوكالة مع الصور: "اقترحت قطر تشكيل حكومة وحدة وطنية كوسيلة محتملة للخروج من الأزمة الحالية في لبنان، في اليوم الثاني من محادثات تهدف إلى حل المأزق السياسي المستمر في لبنان، والذي اندلع في قتال طائفي مميت، وشهد سيطرة حزب الله المدعوم من سوريا وإيران وحلفائه موقتًا على مساحات شاسعة من غرب بيروت".

 

والمقصود بذلك ما عُرِف بأحداث 7 ايار 2008، يوم انتشر حزب الله بسلاحه في الداخل اللبناني، لحماية شبكة اتصالاته، وكادت تندلع حرب أهلية. 

 

ثلاث صور مؤرشفة في موقع وكالة غيتي ايماجيز في 19 ايار 2008

 

صورة لبري مؤرشفة في موقع وكالة غيتي ايماجيز في 19 ايار 2008

 

 

في الواقع، نشرت جريدة "النّهار" صورة الرئيس بري المقتطعة في الصفحة الاولى من عددها الصادر في 20 ايار 2008، مع خبر في الصدارة بعنوان:

محاولات الدوحة لاستدراك الانهيار تواصلت وآخر مهلة الثانية بعد ظهر اليوم

مفاجأة المعارضة في اليوم الثالث

إطاحة الثلث المعطل ومشروع بطرس صيغة لحكومة 16 - 11 - 3 وانتخاب فوري 

 

 

لقطة للصفحة الاولى من عدد النهار الصادر في 20 ايار 2008

 

وجاء في خبر "النّهار" يومذاك ان المعارضة دفعت مؤتمر الحوار الوطني اللبناني المنعقد في الدوحة في يومه الثالث أمس (19 ايار 2008)، إلى مشارف الانهيار بخطوة فاجأت الراعي القطري نفسه واللجنة الوزارية العربية، فضلا عن فريق الغالبية. وكاد البيان الذي أصدرته ظهر أمس، عقب اجتماع لقادتها وسائر اعضاء الوفود الممثلين لقواها في المؤتمر، ان يتسبب بأزمة كبيرة بين الجانب القطري والمعارضة، لولا حرص الدوحة على استنفاد كل الفرص للخروج من المؤتمر بنتائج ايجابية. ذلك أن البيان اعتبر رفضا مباشرا وواضحا للعرض الذي قدمه مساء الاحد أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وجاءت صيغة الرفض في الشكل والمضمون لتطرح تساؤلات عن مغزى هذا الموقف الذي اعتبر تجاوزا غير مألوف لأصول التفاوض من جهة، والمراعاة البلد الراعي والمضيف المؤتمر الحوار من جهة أخرى". 

 

فماذا حصل في الساعات التي سبقت صدور هذا البيان ؟

في المعلومات التي توفرت لـ "النهار" عن اللقاءات والاجتماعات منذ مساء الاحد، ان الوفود المشاركة في الحوار تفرقت ليل الأحد على خلفية سلبية عكسها الحديث الذي أدلى به العماد ميشال عون الى محطة "أو. تي في" للتلفزيون، والذي وضع عبره سقفاً تصعيديا، خصوصا انه جاء بعد تهديد عون بمغادرة قطر. واثار هذا الموقف استياء رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني. وعلم بالامر رئيس مجلس النواب نبيه بري، فطلب من معاونه السياسي النائب علي حسن خليل الادلاء بحديث خفف فيه وطأة موقف عون. كما دعا بري عون الى لقاء يضمهما.

في غضون ذلك، كان رئيس الوزراء فؤاد السنيورة غادر فندق الشيراتون" لتناول العشاء لدى صديق له في الدوحة. فتلقى اتصالا من الشيخ حمد، الذي دعاه للعودة الى الفندق لأمر مهم. وعقد اثر ذلك اجتماع ضم الشيخ حمد والرئيسين بري والسنيورة والعماد عون والنائب سعد الحريري سعد الحريري، الى الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى ووزير الخارجية الاماراتي عبدالله بن زايد. واستمر هذا الاجتماع حتى ساعة متقدمة من ليل الاحد- الاثنين. وفيه قدم رئيس الوزراء القطري اقتراحا مفاده الذهاب الى انتخاب رئيس الجمهورية الجديد فورا، على أن يحال مشروع قانون الانتخاب الذي وضعته اللجنة الوطنية لقانون الانتخاب برئاسة الوزير السابق فؤاد بطرس على مجلس النواب ويكون المجلس سيد نفسه بالنظر، ولكن بعد تأليف حكومة الوحدة الوطنية. أما الحكومة، فتؤلف على قاعدة توزيع يعتمد اعطاء الغالبية 16 مقعدا والمعارضة 11 مقعدا ورئيس الجمهورية ثلاثة مقاعد، مما يعني اعطاء المعارضة الثلث المعطل ويبقى للأكثرية حق تسمية رئيس مجلس الوزراء من صفوفها.


وعقب هذا الاجتماع، عقدت قيادات الغالبية اجتماعا استمر حتى الفجر، ودرست خلاله الاقتراح القطري من مختلف جوانبه واحتمالاته وقررت استكمال البحث صباح أمس على ان تعطي جوابها الجانب القطري في الثانية عشرة ظهرا. وقبل ان تحسم الاكثرية جوابها، صدر بيان المعارضة الذي اعتبرت انه اعاد الامور الى نقطة الصفر". 

 

وقد صدر هذا البيان اثر اجتماع انعقد في جناح الرئيس بري، وضم العماد عون، والنائب محمد رعد، والنائب الياس سكاف، والنائب أغرب بقرادونيان وجميع أعضاء وفود قوى المعارضة...". 

 

ونشرت جريدة "النهار" في الصفحة الخامسة من عددها ذاك صورا عدة للقاءات المسؤولين اللبنانيين في الدوحة. وفي واحدة منها (في الاسفل الى اليمين)، بدا بري بالدشداشة في مقر اقامته، والى يساره النواب ميشال عون وايلي سكاف وهاغوب بقرادونيان، والى يمينه النائب محمد رعد والوزير المستقيل محمد فنيش.  

 

صور نشرتها النهار في عددها الصادر في 20 ايار 2008

 

 

وتُوّج مؤتمر الحوار الوطني اللبناني الذي استضافته العاصمة القطرية من 16 أيار 2008 الى 21 منه، بتوقيع  القوى السياسية اللبنانية "اتفاق الدوحة"، الأربعاء 21 منه. 

 

وأوجد الاتفاق الذي أنجز بين أقطاب الفريقين بضمانات عربية حلا لانتخاب رئيس للبلاد وتشكيل حكومة وحدة وطنية والاتفاق على قانون انتخابي. كذلك حدد آلية للبحث في قضية السلاح خارج الشرعية (يعني أساسا سلاح حزب الله)، محددا أسسها، وبأنها انطلقت في الدوحة، وسيستكملها رئيس الجمهورية بمشاركة الجامعة العربية.

 

برّي رفع جلسة مجلس النواب بسبب عدم اكتمال النصاب

 

عن كثب-الجيش اللبناني يسلك طريقا سياسيا وعرا لحصر السلاح بيد الدولة