قانون "الفجوة" فرض 30% على التحويلات... ماذا عن أموال المصارف في الخارج؟

اقتصاد وأعمال 30-12-2025 | 11:33

قانون "الفجوة" فرض 30% على التحويلات... ماذا عن أموال المصارف في الخارج؟

تؤكد المصادر أن "المصارف والفروع الموجودة خارج لبنان تعد مصارف مستقلة قانونياً ومالياً. فلا يوجد بنك خارج لبنان تابع بشكل كامل لبنك لبناني على نحو يجعله فرعاً خاضعاً له بكل أمواله.
قانون "الفجوة" فرض 30% على التحويلات... ماذا عن أموال المصارف في الخارج؟
مصرف لبنان. (مواقع)
Smaller Bigger

تحول ملف التحويلات المصرفية إلى الخارج بعد عام 2019 إلى أحد أكثر عناصر الأزمة المالية اللبنانية إثارة للجدل. إذ ثمة أسئلة كثيرة حيال مصير هذه التحويلات إلى الخارج، وحجم الأموال التي احتفظت بها المصارف في فروعها أو في المصارف المرتبطة بها في الخارج.

 

منذ فرض القيود غير المعلنة على السحوبات والتحويلات، برزت شبهات واسعة حول تهريب أموال إلى الخارج لصالح نافذين ومصرفيين، مقابل تجميد أموال صغار المودعين. غير أن مصادر  مصرفية تشير إلى أن قسما كبيراً من الأموال التي خرجت من لبنان بعد 2019 لم يكن غالبيتها تحويلات اعتباطية أو استنسابية، بل ارتبط بقروض حصلت عليها المصارف اللبنانية من مصارف أجنبية لتمويل التجارة الخارجية، وكانت تقابلها ودائع مخصصة لهذا الغرض. فمع انفجار الأزمة المصرفية وفقدان الثقة بالقطاع المالي اللبناني، اعتبرت هذه القروض الخارجية مستحقة فوراً، ما أجبر المصارف على استخدام جزء كبير من أموالها الموجودة في الخارج لتسديد التزاماتها تجاه المصارف الأجنبية. ونتيجة لذلك، لم تختف الأرصدة الخارجية بالكامل، لكنها تراجعت بشكل حاد، وسجل انخفاض ملموس في حجم الأموال العائدة للمصارف اللبنانية في الخارج.

الى ذلك، تؤكد المصادر أن "المصارف والفروع الموجودة خارج لبنان تعد مصارف مستقلة قانونياً ومالياً. فلا يوجد بنك خارج لبنان تابع بشكل كامل لبنك لبناني على نحو يجعله فرعاً خاضعاً له بكل أمواله، وتقتصر علاقة المصارف اللبنانية بهذه الكيانات الخارجية على الأرباح أو على نسبة المساهمة. إذ إن بعض المصارف اللبنانية تملك حصصاً في مصارف خارجية من دون أن تمتلكها بنسبة 100%. وبذلك، لا يمكن قانوناً التعامل مع أموال هذه المصارف المستقلة على أنها أموال مودعة أو محتجزة لصالح المصرف الأم في لبنان.

 

وفي السياق، يوضح رئيس لجنة الرقابة على المصارف السابق سمير حمود لـ"النهار" أن فروع المصارف اللبنانية كانت موجودة أساساً في دول مثل العراق وقبرص والأردن. غير أن هذه الفروع، وفق توصيفه، تحولت مع الوقت إلى عبء أكثر منها عامل دعم. وأكد أن "الأموال التي جمعت كودائع في تلك الدول أعيد توظيفها في لبنان. وعندما طالبت السلطات الرقابية في تلك الدول بتغطية الودائع بنسبة 100% نقداً ومودعة لدى المصارف المركزية المحلية، لم تكن المصارف اللبنانية قادرة على تأمين هذه السيولة. لذا، لم يكن لديها فائض أموال يتجاوز حجم الودائع المترتبة عليها في فروعها الخارجية، ما أدى إلى إغلاق عدد كبير من هذه الفروع، ولا سيما في العراق وقبرص".

 

رغم الخسائر، يؤكد حمود أن بعض المصارف الكبرى أفادت من بيع فروعها الخارجية، وأبرز المستفيدين، كان بعض المصارف اللبنانية الكبيرة حضوراً في الخارج. إذ جرى بيع فروع في تركيا، مصر، والأردن، بما أتاح تحقيق سيولة إضافية ساهمت في تحسين وضعهما النقدي حتى اليوم، مقارنة بمصارف أخرى لم تمتلك هذا الخيار.

 

دور مصرف لبنان وتسوية الاعتمادات

يؤكد حمود أن "الأموال الموجودة في الخارج لم تكن كافية لتغطية الاعتمادات المستندية المفتوحة، إذ إن الأرصدة لدى المصارف المراسلة لم تكن تغطي أحجام هذه الاعتمادات. عندها، تدخل مصرف لبنان وأقرض المصارف لتسديد هذه الالتزامات، ما وفر لها هامش راحة كبير من ناحية السيولة، وخصوصاً للمصارف الكبرى".

 

هذا التدخل أدى محاسبياً إلى إظهار انخفاض في ديون بعض المصارف "رغم أن هذه الديون لم تنخفض فعلياً، بل جرى تسويتها محاسبياً نتيجة الأموال الموضوعة لدى مصرف لبنان. أما المصارف التي حولت جزءا من ديونها إلى الخارج، فقد استخدمت السيولة المتوافرة لديها لإقفال الاعتمادات، مع المحافظة، في الوقت عينه على جزء من أموالها الخارجية.

 

توازياً، فتح القضاء ملف التحويلات إلى الخارج، ولا سيما بعد قرار القاضي شعيب المطالب بإعادة الأموال التي جرى تحويلها بعد اندلاع الأزمة. بيد أن التجاوب مع هذا القرار بقي جزئياً ومحدوداً، وفق مصادر مطلعة، ولم يتحول إلى مسار شامل".

 

وتبرز إشكالية قانونية أساسية تتمثل في غياب قانون واضح يحدد آلية طلب كشوفات الحسابات، لا سيما أن عدد الحسابات المعنية قد يصل إلى الآلاف. فالقاضي، وفق الأصول القانونية، لا يستطيع طلب كشف حساب من دون مبرر قانوني محدد، وفق ما يقول حمود الذي يضيف "من هنا، ترى المصارف أنها قد تتجاوب مع مصرف لبنان إذا طلب هذه الكشوفات في إطار صلاحياته الرقابية، لكنها تتحفظ على تسليمها مباشرة للقضاء، ما يخلق حالة من التجاذب حول مفهوم هذه الكشوفات وحدود استخدامها".

في المحصلة، لا شك أن المصارف اللبنانية حولت أموالاً إلى الخارج بعد اندلاع الأزمة، وأن تمييزاً واضحاً حصل بين المودعين، حيث سمح لقلة بإجراء التحويلات فيما رفضت طلبات الغالبية الساحقة من المودعين، فيما فرض قانون الفجوة المالية ضريبة بنسبة 30% على الأموال التي حولت إلى الخارج، سواء من قبل أصحاب المصارف أو مديريها أو المودعين المحظيين.

 

وتشير المعطيات المتوافرة إلى أن الجزء الأكبر من هذه التحويلات لم يكن لمصلحة أفراد، بل استخدم في تسديد ديون مستحقة على المصارف اللبنانية تجاه المصارف الأجنبية ضمن تسهيلات ائتمانية (Lines of Credit) وفي حال عدم الوفاء بهذه الالتزامات حينها، كانت المصارف اللبنانية ستواجه إقفالا كاملاً لحساباتها لدى المصارف المراسلة، ما كان سيؤدي إلى شلل تام.

 

 

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

العالم العربي 12/29/2025 6:20:00 PM
القادة هم: أبو عبيدة ومحمد السنوار ومحمد شبانة ورائد سعد وأبو عمر السوري.
اقتصاد وأعمال 12/29/2025 5:34:00 AM
"بات من مصلحة المكلفين التصريح عن مداخيلهم وتسديد الضرائب ضمن المهل القانونية، تفاديا لرفع السرية المصرفية عن حساباتهم"
النهار تتحقق 12/27/2025 11:17:00 AM
لحظة إنقاذ في الحرم المكي استثنائية، "بطولية" في وصف مستخدمين. ماذا عرفنا عن هذه الصورة؟ 
لبنان 12/29/2025 12:37:00 PM
سمير جعجع دعا إلى عدم التصويت لمحور الممانعة أو "التيار الوطني الحر"