محطات المحروقات بين فوضى التراخيص ومتطلبات السلامة: مهلة جديدة لتنظيم نحو 1500 محطة غير قانونية

اقتصاد وأعمال 25-12-2025 | 12:04

محطات المحروقات بين فوضى التراخيص ومتطلبات السلامة: مهلة جديدة لتنظيم نحو 1500 محطة غير قانونية

في لبنان نحو 3500 محطة محروقات، يقدّر أن أقل من نصفها بقليل غير قانوني أو مخالف لشروط الترخيص...
محطات المحروقات بين فوضى التراخيص ومتطلبات السلامة: مهلة جديدة لتنظيم نحو 1500 محطة غير قانونية
صورة تعبيرية داخل محطة محروقات (مواقع).
Smaller Bigger

بين متطلبات السلامة العامة وفوضى التراخيص المتراكمة، تبدو محطات المحروقات في لبنان من أكثر القطاعات هشاشة وخطورة. فبدل أن يشكل تنظيم هذا القطاع أولوية بديهية في دولة تحترم الحد الأدنى من معايير الأمان، تحول إلى ملف مزمن شديد التعقيد، تتشابك فيه القوانين مع الإدارات، والسياسة مع الاستثناءات، والإهمال مع مخاطر مباشرة تطال حياة المواطنين.

 

في هذا السياق، جاء قرار محافظ مدينة بيروت مروان عبود تمديد المهلة الممنوحة لمحطات توزيع المحروقات السائلة غير المرخص لها، خطوة تعكس محاولة جديدة لإدارة أزمة متجذرة أكثر مما تشكل حلا جذريا لها. فالبلاغ الأخير لا يهدف إلى شرعنة المخالفات، بل هو فرصة إضافية لمعالجة واقع شاذ تراكم طوال عقود.

 

غير أن هذا التمديد لم يكن مفتوحا أو غير مشروط، إذ ألزم البلاغ المحطات المعنية التقدم بملف قانونية بناء لزوم طلب الترخيص وفق الأصول لدى الإدارة البلدية المختصة، وإرفاقه بتقرير صادر عن مكتب تدقيق فني معتمد ومسجل لدى إحدى نقابتي المهندسين في لبنان. كذلك اشترط التأكد من استيفاء المحطة وكل تجهيزاتها، ولاسيما الخزانات، شروط السلامة العامة والحماية من المخاطر والحرائق، وفقا لأحكام المرسومين المذكورين. 

 

وحذر البلاغ صراحة من أن عدم التزام هذه الشروط سيعرّض المحطات المخالفة للإجراءات القانونية المنصوص عليها، بما فيها الختم بالشمع الأحمر عند الاقتضاء.
خلف هذا القرار الإداري، تكشف الأرقام حجم الأزمة. ففي لبنان نحو 3500 محطة محروقات، يقدّر أن أقل من نصفها بقليل غير قانوني أو مخالف لشروط الترخيص.

 

بعض هذه المحطات لا يملك أي ترخيص منذ إنشائه، وبعضها الآخر أقيم على أملاك الغير أو على أملاك عامة. وتشير التقديرات إلى وجود نحو 1000 محطة مخالفة تعمل من دون تسديد رسوم أو ضرائب، وغالبا من دون التزام شروط السلامة العامة، فيما يقع عدد كبير منها وسط أحياء سكنية مكتظة، ما يجعلها تهديدا مباشرا لأمن السكان.

 

ويعود نحو نصف هذه المحطات المخالفة إلى إرث مرحلة الحرب الأهلية، حيث ساد التفلت من تطبيق القانون، فيما نشأ النصف الآخر في تسعينيات القرن الماضي نتيجة تساهل الدولة وإعطاء أذونات موقتة، أحيانا بغطاء سياسي. وقد زاد هذا الواقع تعقيدا، لاسيما أن عشرات المحطات أُنشئت استنادا إلى أذونات صادرة عن محافظين فقط، وسط حديث كان شائعا في تلك المرحلة عن أثمان مرتفعة دُفعت لتغطية المخالفات.

 

بعد كتاب وزير الطاقة والمياه جو صدّي في آذار الماضي، والذي طالب بإقفال المحطات غير القانونية، أصدر محافظ بيروت بلاغا يمهل أصحابها حتى 31/12/2025 لتسوية أوضاعهم "للمرة الأخيرة". عندها، تحركت نقابة أصحاب محطات المحروقات برئاسة جورج البراكس "لا اعتراضا على مبدأ التنظيم، بل انطلاقا من مقاربة تعتبر أن المسؤولية لا يمكن تحميلها لطرف واحد".

 

وفي حين يردّ البعض إعطاء المحطات مهلة إضافية لتسوية أوضاعها إلى ضغوط سياسية، نفى البراكس الأمر نفيا قاطعا، مؤكدا لـ"النهار" أن "الهدف الأساسي هو تنظيم القطاع وجعل جميع المحطات ملتزمة القانون"، موضحا أن "معالجة الملف لا يمكن أن تتم فورا، لوجود ملفات عالقة يعود بعضها إلى أكثر من 35 سنة، وكانت مطروحة أمام النيابة العامة".

 

كذلك لفت إلى أن "العديد من المحطات انتهت صلاحية تراخيصها وتحتاج إلى تجديد، فيما هناك طلبات قيد الدرس لا يمكن بتها دفعة واحدة".

 

وشدد على أن هدف النقابة هو أن "يصبح جميع أصحاب المحطات قانونيين بنسبة 100%"، داعيا إلى "التمهل وتحديد مهل زمنية تتيح لأصحاب المحطات إعادة تقديم طلباتهم وملفاتهم، وتسوية أوضاعهم، وتجديد تراخيصهم أو تصحيح المخالفات وفقا للقوانين المرعية الإجراء"، مؤكدا أن "الهدف هو التنظيم لا التصعيد".

 

وأكد أن النقابة "تعمل على مساعدة الدولة في تنظيم القطاع رسميا ومنهجيا، في ظل واقع الإدارات الرسمية ونقص الموارد البشرية".

 

وفي ما يتعلق بعدد المحطات المخالفة، أشار إلى عدم وجود رقم دقيق حاليا، موضحا أن مسحا شاملا سيجرى في مختلف المناطق اللبنانية لتحديد المرخص لها وتلك العاملة من دون رخصة، وهو أمر يتطلب وقتا، غير أن التقديرات الرسمية تشير إلى وجود نحو 1500 محطة غير قانونية".

 

إلى ذلك، يبرز عامل إضافي يزيد المشهد اختلالا، ويتعلق بشرط المسافة بين المحطات. فالمرسوم 5509 ينص صراحة على ألا تقل المسافة بين محطتين من الصنف الأول عن 800 متر شعاعا دائريا، وهو شرط لم يحترم في عدد كبير من الحالات. وبالنظر إلى ضيق مساحة لبنان والكثافة المفرطة للمحطات، دعا البراكس إلى تعديل هذه المسافة لتصبح 2000 متر. مستندا في ذلك إلى دراسة أعدتها النقابة، تضمنت مقارنات دولية تُظهر حجم الخلل في القطاع. ففي لبنان نحو 3500 محطة على مساحة 10,452 كلم²، بينما تضم أوروبا نحو 120 ألف محطة على مساحة 10,530,000 كلم²، أي محطة واحدة لكل 88 كلم². أما على مستوى السكان، ففي لبنان محطة واحدة لكل 1,428 نسمة، مقابل محطة واحدة لكل 6,204 نسمة في أوروبا.

 

وختم البراكس مؤكدا أن "عدد محطات المحروقات في لبنان بات يفوق حاجة البلاد الفعلية، ما يستوجب فرز تلك القائمة وتنظيم أوضاعها، بحيث يمنح الترخيص فقط لمن يستوفي الشروط القانونية، فيما تفقد المحطات المخالفة شرعيتها. وبعد تحديد العدد الفعلي لتلك القانونية، يجب تجميد أعطاء أي تراخيص جديدة".

الأكثر قراءة

العالم العربي 12/23/2025 10:17:00 PM
أحد أبرز القادة العسكريين الذين قادوا مساعي توحيد المؤسسة العسكرية الليبية وعززوا علاقاتها الإقليمية والدولية.
المشرق-العربي 12/24/2025 10:00:00 AM
أراد يسوع بيت لحم بدون حواجز ولا قيود. أرادها مدينة تصدّر السلام من هذه البقعة الجغرافية إلى كل العالم.
المشرق-العربي 12/24/2025 12:33:00 PM
القوة مؤلفة من سيارتين إحداهما من نوع هايلكس والأخرى هامر عسكرية
شمال إفريقيا 12/24/2025 10:42:00 AM
مضى الحداد، الذي ينحدر من مدينة مصراتة ذات الثقل في صنع قرار غرب ليبيا، خلال السنوات الأخيرة عكس التيار، متمسكاً بحلم "توحيد المؤسسة العسكرية".