بعد غياب لأكثر من 6 سنوات، عادت الحياة لتدبّ مجدداً في مشهد ريادة الأعمال في بيروت عبر "لايف بيتش إيفنت" (Life Pitch Event)، الحدث الذي جمع رواد أعمال لبنانيين مع نخبة من المرشدين والمستثمرين وصناديق رأس المال المغامر، في خطوة تؤكد أن بيروت لا تزال قادرة على استعادة دورها محطة أساسية للابتكار في المنطقة.

أُقيم الحدث في بيروت بشراكات مع عدد من أبرز صناديق الاستثمار ورؤوس الأموال المغامرة، وشكّل منصة حيوية لعرض أفكار الشركات الناشئة وربطها مباشرة بالمستثمرين وصنّاع القرار في منظومة ريادة الأعمال.

في مقابلة مع المديرة التنفيذية لمؤسسة LIFE زينا مهنا أوضحت أن فكرة هذه المبادرة انطلقت عام 2022 في دبي، حيث تم تنظيم أول Pitch Event بهدف دعم رواد الأعمال اللبنانيين أينما وجدوا.

وأشارت مهنا إلى أن المؤسسة تعتمد آلية اختيار دقيقة للشركات الناشئة، تقوم بها لجنة تضم مستثمرين وصناديق رأس مال مغامر ومستثمرين ملائكيين، على أن يحصل المشاركون بعد ذلك على تدريب وتوجيه مكثف قبل يوم الحدث.

وأضافت أن يوم الفعالية يشهد حضوراً واسعاً للمستثمرين، إذ يشكّل المستثمرون المحتملون ما بين 25 و30% من الحاضرين، ما يمنح رواد الأعمال فرصة حقيقية للتواصل المباشر وبناء علاقات تمويلية واعدة.

كما لفتت إلى أن "لايف بيتش إيفنت" نُظم سابقاً في دبي وباريس ولندن ونيويورك، وهذه هي المرة الأولى التي يُقام فيها في بيروت، بعد تنظيم تسعة أحداث منذ عام 2022، بمشاركة أكثر من ستين رائد أعمال لبنانياً.

وعن القطاعات المشاركة، أكدت مهنا أن المبادرة لا تركز على قطاع محدد، لكنها تشترط وجود مكوّن تكنولوجي في كل الشركات، مع تسجيل حضور لافت لشركات تنشط في مجالي التكنولوجيا المالية وحلول البرمجيات.

وتحدث المرشد في PVP ستيف خياط عن أبرز التحديات التي تواجه الشركات الناشئة في مرحلة ما بعد إطلاق المنتج الأولي.

وأوضح أن التحدي الأصعب يتمثل في جعل الشركة قابلة للتمويل على المدى الطويل، وليس فقط تأمين جولة تمويل واحدة، معتبرا أن الانتقال إلى عالم التمويل المؤسسي يتطلب جاهزية عالية من حيث الهيكل الإداري ونموذج العمل.

وأشار خياط إلى أن التركيز ينصب على مواءمة نموذج العمل مع نموذج الإيرادات، إذ غالبا ما تكون الفكرة مبتكرة، لكن آليات تحقيق العائد المالي لا تكون متناغمة معها، ما يضعف فرص النمو والاستدامة.

وأضاف أن منظومة الشركات الناشئة في المنطقة لا تزال في مرحلة التشكّل، مؤكداً أهمية الدور الذي تلعبه المسرّعات وحاضنات الأعمال، إلى جانب المبادرات الدولية، في إعداد رواد الأعمال للوصول إلى المستثمرين المؤسسين وهم في موقع قوة.

واستعرض مؤسس شركة Mohtawa  عماد دوغان قصة انطلاق شركته، مشيراً إلى أن الفكرة وُلدت من تجربة شخصية خلال عمله السابق في وكالات عالمية في دبي.

وقال إن التحدي الأكبر كان يتمثل في غياب المحتوى البصري الأصيل الذي يعكس هوية المنطقة، وهو ما دفعه إلى تأسيس منصة تجمع بين الذكاء الاصطناعي وسير العمل الإبداعي والمستقلين ومكتبات المحتوى التي تمثل المنطقة بدقة.

وأكد دوغان أن المشاركة في "لايف بيتش إيفنت" تشكل قيمة مضافة كبيرة، ليس فقط من حيث التواصل مع المستثمرين، بل أيضاً من حيث الانفتاح على الإعلام وبناء شبكة علاقات عالمية تعزز فرص النمو والتوسع.

و تحدث  مؤسس شركة Bilo نعمه جبيلي عن فكرته التي انطلقت من معاناة حقيقية في إدارة الحملات الإعلانية الخارجية.

وأوضح أن شركته عملت على تبسيط العملية بالكامل، وتحويلها إلى تجربة رقمية سهلة تعتمد على الذكاء الاصطناعي، تتيح للشركات اختيار المساحات الإعلانية وإطلاق الحملات بسرعة وفعالية.

وأشار إلى أن الشركة التي أُطلقت قبل خمسة أشهر فقط، تعمل اليوم مع شركات كبرى، وقد تجاوزت إيراداتها 150 ألف دولار، معتبرا أن المشاركة في "لايف بيتش إيفنت" أتاحت له عرض فكرته أمام كبار المستثمرين في مكان واحد، ما يعزز فرص الدعم والتوسع.

ويؤكد "لايف بيتش إيفنت" أنه ليس مجرد مساحة لعرض الأفكار، بل منصة استراتيجية تمكّن رواد الأعمال اللبنانيين من الوصول إلى المستثمرين الدوليين، وبناء علاقات مهنية فعالة، وتعزيز حضورهم على الساحة العالمية، في رسالة واضحة مفادها أن ريادة الأعمال في بيروت لا تزال نابضة بالحياة رغم كل التحديات.