جدل "الفجوة المالية" في لبنان: كيف تحصل على وديعتك بسندات؟

اقتصاد وأعمال 22-12-2025 | 17:14

جدل "الفجوة المالية" في لبنان: كيف تحصل على وديعتك بسندات؟

من هو المدين الحقيقي؟ هل هو المصرف نفسه، أم كيان خاص ينشأ لمعالجة الأزمة، أم الدولة، أم مصرف لبنان؟ وما هي طبيعة السند؟
جدل "الفجوة المالية" في لبنان: كيف تحصل على وديعتك بسندات؟
جمعية مصارف لبنان. (أرشيف)
Smaller Bigger

يطرح مشروع قانون الفجوة المالية خيار منح المودعين الذين تفوق ودائعهم 100 ألف دولار سندات مالية يصدرها البنك المركزي، مدعومة بموجوداته وأملاكه. هذه السندات يُفترض أن تشكل أداة تعويض للمودعين، على أن تكون قابلة للتداول في الأسواق المالية. غير أن هذا الخيار يثير إشكاليات جوهرية تتعلق بطبيعة هذه السندات، وضماناتها، وآليات سدادها، ومدى حماية حقوق المودعين، خصوصاً في ظل ما يُعرف بقانون الفجوة المالية.

 

ما هي هذه السندات؟ وهل تُعتبر ضمانة لاسترجاع الوديعة؟
السندات تعني أن المودع لا يسترد أمواله فوراً، بل يحصل على ورقة مالية تمثل وعداً بالسداد في المستقبل. قيمة هذا الوعد، وقابليته للتنفيذ، تتوقفان كلياً على مضمون القانون الذي ينظمه، وعلى الجهة الملتزمة بالسداد، وعلى الموارد الفعلية المتاحة.

 

الإشكالية الأساسية أن ما يُطرح حتى الآن لا يقدم إجابات واضحة. فمن غير المحدد بدقة:
من هو المدين الحقيقي؟ هل هو المصرف نفسه، أم كيان خاص ينشأ لمعالجة الأزمة، أم الدولة، أم مصرف لبنان؟ وما هي طبيعة السند؟ هل هو دين واجب السداد في تاريخ محدد، أم أداة مرتبطة بالاستردادات، أم أداة تمتص الخسائر وتعامل كأنها في آخر سلّم الأولويات؟

 

غياب هذه التحديدات ليس تفصيلاً تقنياً، بل مسألة مصيرية. فالسند الذي لا يحدّد مدينه بوضوح، ولا يبين مرتبته القانونية، يمكن في لحظة الضغط أن يعامل كأضعف مطالبة، أي كآخر من يُدفع له، أو لا يُدفع له أصلاً.
هذه السندات ستكون قابلة للتداول في الأسواق، أي أن المودع يستطيع بيعها والحصول على سيولة فورية ولكن بقيمة يمكن أن تكون أقل من قيمتها الاسمية. وبهذا ينتقل العبء بالكامل إلى المودع، فإذا باع السند بخسارة، يكون قد تحمّل عملياً اقتطاعاً من وديعته بقراره الشخصي، من دون أن تتحمل الدولة أو المصارف مسؤولية مباشرة عن هذه الخسارة.

 

مصرف لبنان. (أرشيف)
مصرف لبنان. (أرشيف)

 

أما سعر السند في السوق، فلن يحدّده نص قانوني بل مستوى الثقة. فإذا اقتنع السوق بوجود ضمانات فعلية، قد يكون السعر مرتفعاً نسبياً. وإذا غابت الثقة ينخفض السعر، وقد تتكبد الودائع خسائر كبيرة.
الأخطر أن آلية التعثر غير واضحة أيضاً. ماذا يحدث إذا توقفت المدفوعات؟ هل يحق لحامل السند اللجوء إلى القضاء؟ هل تُعاد الجدولة تلقائياً؟ هل هناك قواعد واضحة لتقاسم الخسائر؟ في غياب هذه الإجابات، يتحول كل استحقاق إلى أزمة جديدة ومفاوضات سياسية بدل أن يكون مساراً قانونياً منظماً.

 

كذلك، لا تزال أدوار الجهات الرقابية غير محددة بدقة، سواء في ما يخص تنظيم التداول أو حماية المودعين من المضاربات والسوق السوداء. فالتدخل في التسعير قد يخلق تشوّهات، وترك السوق من دون ضوابط قد يعرّض المودعين للاستغلال.

ما هي سندات المودعين فوق 100 ألف دولار؟
يطرح مشروع قانون الفجوة المالية حلاً يقضي بإعطاء المودعين الذين تتجاوز ودائعهم 100 ألف دولار سندات مالية بدل استعادة أموالهم نقداً. ببساطة، هذا يعني أنك لا تسترجع وديعتك، بل تحصل على ورقة تقول إن هناك وعداً بالدفع في المستقبل.

 

فكرة السندات
-تهدف إلى تعويض المودعين بدل السداد النقدي الفوري.
-تصدر عن البنك المركزي ومدعومة بموجوداته وأملاكه.
-يُفترض أن تكون قابلة للتداول في الأسواق المالية.

طبيعة السند
-لا يستعيد المودع أمواله فوراً، بل يحصل على ورقة مالية تمثل وعداً بالسداد في المستقبل.
-قيمة وعد السداد تعتمد على نص القانون، والجهة المصدرة، والموارد المتاحة فعلياً.

غياب الوضوح القانوني

ويطرح خبير المخاطر المصرفية والباحث الاقتصادي الدكتور محمد فحيلي التساؤلات-المعطيات الآتية: 

-المدين الحقيقي غير محدّد: هل هو المصرف، أم كيان خاص لمعالجة الأزمة، أم الدولة، أم مصرف لبنان؟
-طبيعة السند غير محدّدة: هل هو دين ثابت، أم مرتبط بالاستردادات، أم أداة تمتص الخسائر وتكون في آخر سلّم الأولويات؟
-عدم تحديد المدين والمرتبة القانونية قد يؤدي إلى اعتبار السند أضعف مطالبة عند الضغط المالي أو حتى عدم دفعه.

قابلية التداول وسعر السوق
-يمكن للمودع بيع السند في السوق للحصول على سيولة، ولكن بسعر أقل من القيمة الاسمية.
-السعر الفعلي يعتمد على ثقة السوق بالضمانات، وليس على نص قانوني.
-أي انخفاض في السعر يعني تحمل المودع خسارة مباشرة من ودائعه.

 

آلية التعثر غير واضحة
ماذا يحدث إذا توقفت المدفوعات؟ هل يمكن اللجوء إلى القضاء؟ هل تعاد الجدولة تلقائياً؟ هل هناك قواعد واضحة لتقاسم الخسائر؟
غياب هذه الإجابات يجعل كل استحقاق عرضة للأزمة والمفاوضات السياسية بدل إدارة قانونية منظمة.
دور الجهات الرقابية
-لم يتم تحديد مسؤوليات لجنة الرقابة على المصارف أو هيئة مراقبة الأسواق المالية بدقة.
-تنظيم التداول وتسعير السندات غير واضح.
-تدخل خاطئ في السوق قد يخلق تشوّهات، وترك السوق من دون ضوابط قد يؤدي لاستغلال المودعين.

الأكثر قراءة

لبنان 12/20/2025 11:49:00 PM
 برز كلام رئيس الحكومة نواف سلام امس عقب استقباله في منزله في قريطم رئيس الوفد المفاوض في لجنة الميكانيزم السفير سيمون كرم.
سياسة 12/21/2025 4:36:00 PM
أكد أنه ليس بحاجة لشهادة حسن سلوك من أي كان
سياسة 12/22/2025 12:03:00 AM
هل نحن فعلاً في عهد سينجح في محاربة الفساد والفاسدين مهما علا شأنهم؟