ترامب يُربك التجارة العالمية في 2025... فهل تستمر الضبابية بعدها؟

اقتصاد وأعمال 22-12-2025 | 11:02

ترامب يُربك التجارة العالمية في 2025... فهل تستمر الضبابية بعدها؟

دفعت هذه الإجراءات قادة العالم إلى الإسراع نحو واشنطن سعيا ‏إلى إبرام اتفاقيات لخفض الرسوم
ترامب يُربك التجارة العالمية في 2025... فهل تستمر الضبابية بعدها؟
رسوم ترامب الجمركية على شركاء تجاريين للولايات المتحدة أربكت ‏الأسواق المالية (مواقع)‏
Smaller Bigger

أطلقت عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض عام ‏‏2025 شرارة عام محموم بالنسبة للتجارة العالمية مع موجات من ‏الرسوم الجمركية على شركاء تجاريين للولايات المتحدة رفعت ‏التعريفات على الواردات إلى أعلى مستوياتها منذ الكساد الكبير ‏وأربكت الأسواق المالية وأدت إلى جولات مفاوضات حول اتفاقيات ‏تجارية واستثمارية.‏


ومن المرجح أن تظل سياساته التجارية، ورد الفعل العالمي عليها، في ‏صدارة المشهد خلال 2026، لكنها ستواجه تحديات كبيرة.‏


‏* ما الذي حدث في 2025؟
ذكر مختبر الميزانية في جامعة ييل أن تحركات ترامب، الهادفة على ‏نطاق واسع إلى إحياء قطاع التصنيع الآخذ في التراجع، رفعت ‏متوسط معدل الرسوم الجمركية إلى ما يقرب من 17 بالمئة بعد أن ‏كانت أقل من ثلاثة بالمئة في نهاية عام 2024. وتدر الرسوم ‏الجمركية حاليا إيرادات قدرها نحو 30 مليار دولار شهريا للخزانة ‏الأميركية.‏


ودفعت هذه الإجراءات قادة العالم إلى الإسراع نحو واشنطن سعيا ‏إلى إبرام اتفاقيات لخفض الرسوم، غالبا مقابل تعهدات باستثمارات ‏بمليارات الدولارات داخل الولايات المتحدة. وجرى التوصل إلى ‏اتفاقيات إطارية مع مجموعة من كبار الشركاء التجاريين، من بينهم ‏الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وسويسرا واليابان وكوريا الجنوبية ‏وفيتنام ودول أخرى.‏


لكن من اللافت أنه لم يتم التوصل بعد إلى اتفاقية نهائية مع الصين، ‏رغم جولات متعددة من المحادثات ولقاء مباشر بين ترامب والرئيس ‏الصيني شي جينبينغ.‏


وانتقد كثيرون الاتحاد الأوروبي بسبب موافقته على رسوم جمركية ‏قدرها 15 بالمئة على صادراته وتقديم تعهد غامض باستثمارات ‏ضخمة في الولايات المتحدة. ووصف رئيس وزراء فرنسا آنذاك، ‏فرانسوا بايرو، تلك الاتفاقية بأنها شكل من أشكال الخضوع و"يوم ‏كئيب" للتكتل. وقال آخرون إنها الصفقة "الأقل سوءا" بين الخيارات ‏المطروحة.‏


ومنذ ذلك الحين، تمكّن المصدّرون والاقتصادات الأوروبية عموما ‏من التكيف مع المعدل الجديد للرسوم، بفضل إعفاءات متنوعة ‏وقدرتهم على إيجاد أسواق بديلة. وقدر بنك سوسيتيه جنرال الفرنسي ‏أن الأثر المباشر الإجمالي للرسوم يعادل نحو 0.37 بالمئة فقط من ‏الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة.‏


وفي الوقت نفسه، تحدّى الفائض التجاري للصين رسوم ترامب ‏ليتجاوز تريليون دولار، مع نجاح بكين في تنويع تجارتها بعيدا عن ‏الولايات المتحدة ودفع قطاع التصنيع لديها إلى مستويات أعلى على ‏سلسلة القيمة، واستخدام النفوذ الذي اكتسبته بسبب المعادن الأرضية ‏النادرة لمواجهة الضغوط الأميركية والأوروبية لكبح فائضها. وهذه ‏المعادن مهمة للبنية الأمنية للغرب.‏


وتوقع كثير من الاقتصاديين حدوث كارثة اقتصادية وارتفاع التضخم ‏نتيجة لرسوم ترامب، لكن الملفت أن هذا لم يحدث.‏


وشهد اقتصاد الولايات المتحدة انكماشا متواضعا في الربع الأول ‏وسط اندفاع لاستيراد السلع قبل دخول الرسوم حيز التنفيذ، لكنه ‏سرعان ما تعافى ويواصل النمو بوتيرة تفوق الاتجاه العام، مدفوعا ‏بطفرة استثمار ضخمة في الذكاء الاصطناعي وبإنفاق استهلاكي ‏قوي.‏


‏ ورفع صندوق النقد الدولي رفع توقعاته للنمو العالمي مرتين في ‏الأشهر التي تلت إعلان ترامب عن رسوم "يوم التحرير" في نيسان/ ‏أبريل، مع تراجع حالة الضبابية وإبرام اتفاقيات لخفض الرسوم التي ‏أُعلن عنها في البداية.‏

 

وبينما لا يزال التضخم في الولايات المتحدة مرتفعا إلى حد ما جزئيا ‏بسبب الرسوم، يتوقع اقتصاديون وصانعو سياسات الآن أن تكون ‏الآثار أكثر اعتدالا وأقصر زمنا مما كان يُخشى، مع تقاسم كلفة ‏الرسوم على الواردات عبر سلسلة الإمداد بين المنتجين والمستوردين ‏وتجار التجزئة والمستهلكين.‏

 

 

خلال إعلان ترامب عن الرسوم الجمركية الجديدة المفروضة على ‏الدول (رويترز)‏
خلال إعلان ترامب عن الرسوم الجمركية الجديدة المفروضة على ‏الدول (رويترز)‏

 

 

‏* ما الذي يجب متابعته في 2026 ولماذا هو مهم؟
أحد أكبر أوجه الغموض في 2026 هو ما إذا كان سيُسمح باستمرار ‏الكثير من الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب. فقد بدأت المحكمة ‏العليا في الولايات المتحدة في أواخر عام 2025 نظر طعن على ‏الأساس القانوني الجديد الذي استندت له الرسوم "المضادة" على ‏السلع من دول بعينها، وكذلك الرسوم المفروضة على الصين وكندا ‏والمكسيك المرتبطة بتدفق عقار الفنتانيل إلى الولايات المتحدة، ومن ‏المتوقع صدور قرار في أوائل عام 2026.‏


وتؤكد إدارة ترامب أنها تستطيع استخدام سلطات قانونية أخرى أكثر ‏رسوخا للإبقاء على الرسوم إذا خسرت الدعوى. لكن تلك المسارات ‏أكثر تعقيدا وغالبا ما تكون محدودة النطاق، لذا فإن خسارة الإدارة ‏أمام المحكمة العليا ربما تدفع إلى إعادة التفاوض على الاتفاقيات التي ‏أُبرمت حتى الآن أو تفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الضبابية بشأن ‏مصير الرسوم.‏


وبالقدر نفسه تقريبا من الأهمية لأوروبا ما يحدث في علاقتها ‏التجارية مع الصين، التي كانت لسنوات وجهة موثوقة لصادراتها.‏


وساعد تراجع قيمة اليوان والانتقال التدريجي للشركات الصينية إلى ‏مستويات أعلى على سلسلة القيمة مُصدري الصين. وفي المقابل، ‏واجهت الشركات الأوروبية صعوبة في تحقيق طفرات جديدة في ‏سوق صينية محلية آخذة في التباطؤ.‏


‏ ومن الأسئلة الرئيسية في 2026 ما إذا كانت أوروبا ستلجأ قي نهاية ‏المطاف إلى الرسوم الجمركية أو إلى إجراءات أخرى للتعامل ما بدأ ‏بعض مسؤوليها يصفونها بأنها "اختلالات" في العلاقات التجارية بين ‏الصين والاتحاد الأوروبي.‏


وتلوح أيضا في الأفق مساعي تثبيت اتفاق بين الولايات المتحدة ‏والصين بوصفها ملفا كبيرا أيضا. فالتهدئة الهشة التي جرى التوصل ‏إليها في محادثات هذا العام ستنتهي في النصف الثاني من 2026، ‏ومن المقرر مبدئيا أن يلتقي ترامب وشي مرتين خلال العام.‏


وأخيراً، فإن اتفاقية التجارة الحرة مع أكبر شريكين تجاريين للولايات ‏المتحدة، كندا والمكسيك، ستخضع للمراجعة في 2026 وسط غموض ‏بشأن ما إذا كان ترامب سيسمح بانتهاء الاتفاقية أو سيحاول إعادة ‏صياغتها بما يتوافق بقدر أكبر مع ما يفضله.‏



ماذا يقول المحللون؟
قال كريس إيجو كبير مسؤولي الاستثمار في كور إنفستمنتس ورئيس ‏معهد الاستثمار في شركة أكسا لإدارة الاستثمارات في اتصال حول ‏توقعات 2026 "يبدو أن الإدارة (الأميركية) تتراجع عن موقفها ‏الأكثر تشددا بشأن الرسوم الجمركية من أجل تخفيف بعض مشكلات ‏التضخم والأسعار".‏


وأضاف "لذا فإن القلق أقل بالنسبة للأسواق. وربما يكون ذلك مفيدا ‏بشكل طفيف لتوقعات التضخم إذا جرى خفض الرسوم أو على الأقل ‏لم تُرفع أكثر".‏


وقبيل انتخابات التجديد النصفي بالولايات المتحدة في وقت لاحق من ‏العام، قال إيجو "الحرب التجارية التصادمية مع الصين لن تكون ‏جيدة، فالتوصل إلى اتفاقية سيكون أفضل سياسيا واقتصاديا لتوقعات ‏الولايات المتحدة".‏

الأكثر قراءة

لبنان 12/20/2025 11:49:00 PM
 برز كلام رئيس الحكومة نواف سلام امس عقب استقباله في منزله في قريطم رئيس الوفد المفاوض في لجنة الميكانيزم السفير سيمون كرم.
سياسة 12/21/2025 4:36:00 PM
أكد أنه ليس بحاجة لشهادة حسن سلوك من أي كان
سياسة 12/22/2025 12:03:00 AM
هل نحن فعلاً في عهد سينجح في محاربة الفساد والفاسدين مهما علا شأنهم؟