تواصل دولة الإمارات ترسيخ موقعها واحدة من أكثر البيئات الاقتصادية جذباً للاستثمار، عبر تحديث منظومتها التشريعية بما يواكب التحولات العالمية في أنماط الأعمال والتمويل.

وفي هذا السياق، أصدرت حكومة الإمارات مرسوماً بقانون اتحادي بتعديل بعض أحكام قانون الشركات التجارية، في خطوة استراتيجية تستهدف تعزيز تنافسية بيئة الأعمال، ورفع كفاءة الإطار القانوني المنظم للشركات، وتوسيع الخيارات المتاحة أمام المستثمرين والشركاء، وفقاً لبيان صادر عن المكتب الإعلامي للحكومة.

نقلة نوعية 

ويُعد هذا التعديل نقلة نوعية على مستوى العوائد الاقتصادية والاستثمارية، إذ يفتح آفاقاً أوسع لتدفقات رؤوس الأموال، ويخفض أخطار ممارسة الأعمال، ويعزز قدرة الاقتصاد الوطني على تنويع مصادر نموه.

الإمارات، (وكالات)

أبرز التعديلات

ومن أبرز التعديلات استحداث مفهوم "الشركة غير الربحية"، وهو إطار قانوني جديد يُمكن الكيانات ذات الأهداف الاجتماعية والتنموية من العمل ضمن بيئة مؤسسية واضحة ومرنة، عبر إعادة استثمار صافي أرباحها في تحقيق الأغراض التي تأسست من أجلها من دون توزيع تلك الأرباح على الشركاء أو المساهمين.

وعلى صعيد حوكمة الشركات وجاذبية رأس المال الخاص، أتاح المرسوم  خيارات متقدمة في هيكلة رأس المال من خلال السماح بتعدد فئات الأسهم والحصص، وتنوع حقوق التصويت وتوزيع الأرباح وأولوية الاسترداد والتصفية، وفق ما يُحدده عقد التأسيس أو النظام الأساسي، لتمثل هذه الخطوة تطوراً مهماً لبيئة الأعمال الإماراتية.

وفي مجال التمويل، أجاز المرسوم للشركة المساهمة الخاصة طرح أوراقها المالية للاكتتاب الخاص في إحدى الأسواق المالية داخل الدولة، وفق ضوابط تصدرها الجهات المختصة، من دون الحاجة إلى التحول إلى شركة مساهمة عامة، ويُساهم هذا المسار في توفير مصادر تمويل جديدة، ودعم نمو هذه الشركات وتوسعها.

كما نظم المرسوم انتقال الشركات ونقل قيدها بين إمارات الدولة والمناطق الحرة المالية مع بقاء الشخصية الاعتبارية، وحدد إجراءات واضحة لذلك، بما يعزز حرية حركة الأعمال داخل الدولة، ويحد من النزاعات التجارية، ويحمي حقوق أصحاب حصص الأقلية، مع إقرار آليات تعاقدية حديثة لإدارة الحصص والأسهم، مثل حق الانضمام إلى صفقة البيع وحق الإلزام بالبيع، إضافة إلى تنظيم التصرف في الحصص عند وفاة الشريك أو المساهم، ما يعزز استقرار الشركات واستمراريتها.

قفزة وطفرة حقيقية

 يؤكد الخبير والمحلل المالي والاقتصادي وعضو المجلس الاستشاري الوطني لمعهد (CISI) في الإمارات وضاح الطه لـ"النهار" أن تعديل قانون الشركات التجارية يُعد قفزة نوعية وطفرة حقيقية في بيئة الأعمال في الدولة، ويأتي ضمن مسار متسارع لتحديث التشريعات الاقتصادية.

ويضيف أن التطور في هيكلية رأس المال وملكية الأسهم، بما يتيح إصدار فئات متعددة من الأسهم، يقرب بيئة الأعمال الإماراتية من الممارسات المعمول بها في الأسواق المتقدمة، فضلاً عن استحداث مفهوم الشركات غير الربحية الذي يمثل إضافة مهمة للاقتصاد الوطني، ويعزز أثرها الاقتصادي والاجتماعي المستدام.

كما يلفت إلى أن التعديلات تشمل تعزيز معايير الحوكمة والإفصاح لمديري الشركات، وهو ما يدعم الاستقرار المؤسسي، مع منح الشركات المساهمة الخاصة مرونة أكبر في التمويل عبر إتاحة خيار الاكتتاب الخاص من دون الحاجة إلى التحول إلى شركات عامة، ما يدعم نموها وتوسعها، لذلك تعكس هذه التعديلات فهماً دقيقاً للتحولات العالمية في بيئة الأعمال، واستجابة تشريعية تعزز جاذبية الإمارات الاستثمارية للمستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء.

وبشكل عام يساهم هذا التعديل في ترسيخ بيئة قانونية أكثر مرونة وشفافية، قادرة على دعم الابتكار والاستثمار الطويل الأجل، وتعزيز جاذبية الإمارات للمستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء، بما يدعم مسار تنويع الاقتصاد الوطني ويعزز تنافسيته إقليمياً وعالمياً.