قرار استثنائي يُعيد توازن العقار السعودي: أراضٍ سكنية بخصم 84%
تتخذ الحكومة السعودية خطوة استثنائية تعكس رؤية واضحة للتوازن الاقتصادي والاجتماعي، مع الإعلان عن منح المواطنين أراضي سكنية بخصم يصل إلى 84% مقارنة بأسعار السوق عبر الهيئة الملكية لمدينة الرياض.
هذا القرار يتجاوز حل الأزمة السكنية الموقتة، ليشكل أداة استراتيجية لإعادة ضبط سوق العقار، تعزيز الاستقرار الاجتماعي، ورفع جودة الحياة، بما يتوافق مع أهداف "رؤية السعودية 2030" في تطوير بيئة سكنية مستدامة وتحفيز الاقتصاد الوطني بطريقة متوازنة.
تفاصيل القرار
وفي إطار تنفيذ هذه المبادرة، أعلنت الهيئة إجراء القرعة الإلكترونية لشراء الأراضي عبر منصة التوازن العقاري، بسعر يبلغ 1500ريال للمتر المربع، بعدما تم تخصيص 10,024قطعة سكنية بإجمالي مساحات تصل إلى 6.38 ملايين متر مربع.
وتوزعت الأراضي على عدد من الأحياء من بينها القيروان، والملقا، والنخيل، والنرجس، ونمار، والرماية، والرمال، والجنادرية، بمتوسط مساحة 300 متر مربع للقطعة الواحدة، بما يلبي احتياجات البناء السكني للأسر السعودية ويعزز فرص تملك المسكن بأسعار مناسبة.
دعم التوازن العقاري
وتأتي هذه الخطوة تنفيذاً مباشراً لتوجيهات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ضمن حزمة من الإجراءات الهادفة إلى تحقيق التوازن العقاري، خصوصاً في مدينة الرياض التي شهدت تضخماً ملحوظاً في الأسعار خلال السنوات الماضية، وتركز هذه التوجيهات على زيادة المعروض من الأراضي السكنية المخططة والمطورة.
.jpg)
قرار جريء ومؤثر
وفي هذا السياق، يقول مستشار المركز العربي للدراسات والباحث في العلاقات الدولية أبو بكر الديب لـ"النهار"، إن قرار منح أراضي سكنية بخصم يصل إلى 84% يُعد من أكثر القرارات جرأة وتأثيراً في مسار السياسات الاقتصادية والاجتماعية في المملكة خلال المرحلة الراهنة، لافتاً إلى أن دلالاته تتجاوز البعد السكني إلى إعادة هندسة سوق العقار، وتعزيز الاستقرار الاجتماعي، ودعم مسار التحول الاقتصادي الشامل ضمن رؤية 2030.
ويضيف أن الخصم الكبير يعكس تحولاً في فلسفة إدارة السوق، إذ اختارت الدولة التدخل المباشر لتصحيح اختلالات تراكمت عبر سنوات، بدل الاكتفاء بدور المراقب.
ويوضح أن خفض تكلفة الأرض، التي تمثل ما بين 40% و60% من تكلفة المسكن النهائي، ينعكس تلقائياً على أسعار الوحدات السكنية، ويمنح الأسر، ولاسيما منها ذوي الدخل المتوسط والمحدود، فرصة حقيقية لاتخاذ قرار التملك.
ويشير إلى أن القرار يندرج ضمن منظومة متكاملة من السياسات العقارية شملت تعديل نظام رسوم الأراضي البيضاء، وتوسيع دور صندوق التنمية العقارية، إذ أن زيادة المعروض بأسعار مدعومة تساهم في تهدئة السوق، وتوجيه الاستثمار نحو الاستخدام الحقيقي للأراضي بدل الاحتفاظ بها كوعاء ادخاري، كما تنعكس إيجاباً على قطاعات المقاولات ومواد البناء والتمويل العقاري، بما يدعم النمو غير النفطي ويخلق دورة اقتصادية متوازنة.
وعلى المدى البعيد، يرى أن استقرار أسعار السكن يعزز تنافسية المدن السعودية، ويجعلها أكثر جذباً للكفاءات والاستثمارات، من خلال بيئة معيشية أكثر استدامة.
في المحصلة، يجسد هذا القرار نموذجاً للرؤية التنموية الذكية للدولة، التي تتخذ الإجراءات اللازمة لضبط السوق وحماية الاستقرار الاجتماعي.
ومع استمرار هذه السياسات المتوازنة، تبدو السوق العقارية السعودية مقبلة على مرحلة أكثر استقراراً وعدالة، تعزز حق المواطنين في التملك، وترسخ جودة الحياة ركيزة أساسية للتنمية الشاملة.
نبض