مع اقتراب الأعياد… جهود لتسهيل إخراج البضائع وتنشيط الأسواق
مع دخول لبنان موسم الأعياد، يعود الرهان على هذه الفترة كفرصة لتحريك عجلة الاقتصاد وتنشيط الأسواق، في ظل ركود يخيّم على معظم القطاعات. فالأعياد تشكّل تقليدياً محطة أساسية للتجار والمستوردين لتصريف بضائعهم وضخ سيولة في السوق، ما يمنح النشاط التجاري هامشاً من الانتعاش في نهاية عام مثقل بالأزمات.
إلا أن هذا الرهان يواجه تحديات جدية، في مقدّمها التأخير في إخراج البضائع من مرفأ بيروت ومطار رفيق الحريري الدولي، ما يهدد بوصول السلع المرتبطة بالأعياد متأخرة إلى الأسواق.
وتزداد المخاوف مع تكدّس البضائع وتعقيدات الإجراءات، الأمر الذي يضع المستوردين أمام خطر تفويت الموسم وتحمّل أعباء إضافية لا قدرة للكثيرين على استيعابها.
في المقابل، برزت خطوات تنظيمية تهدف إلى تسريع وتيرة العمل وتخفيف الضغط، من بينها تمديد ساعات العمل في مرفأ بيروت لمواكبة الارتفاع المتوقع في الحركة التجارية خلال موسم الأعياد ونهاية العام.
وعلمت "النهار" أن إدارة مرفأ بيروت تقوم بجهود شخصية وتواصل مع المعنيين لإيجاد حل لهذا الموضوع.

هل تُحل المشكلة؟
في هذا السياق، يؤكّد رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي، في حديثٍ لـ"النهار"، أنّ "في المرفأ لا توجد فقط الإدارة والجمارك، بل هناك عدّة أجهزة ينبغي أن تعمل معاً، من بينها القوى الأمنية ومراقبو الوزارات، وغياب التنسيق في ما بينها ينعكس سلباً على سير العمل"، موضحاً أنّه سعى إلى اعتماد العمل على مدار 24 ساعة في مرفأ بيروت خلال فترة الأعياد، ولا سيّما لتسهيل إخراج البضائع، "فتمّ تمديد الدوام حتى الساعة السادسة مساءً، وهو أمر إيجابي".
ويؤكد بحصلي أنه "حتى في حال تمديد العمل في المرفأ حتى الساعة السادسة مساءً، فإن الأمر يبقى منقوصاً إذا لم يصدر قرار مماثل عن القيادات الأمنية للإبقاء على فتح البوابات الأمنية حتى التوقيت نفسه".
ويشير إلى أنه "لا يمكن الجزم بأن فتح المرفأ حتى السادسة مساءً قد يحلّ المشكلة بالكامل"، لافتاً إلى تداول مقاطع مصوّرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي تُظهر مئات الحاويات المتوقفة عند بوابات المرفأ، قبل أن تعالج هذه الإشكالية لاحقاً.
ويشدّد بحصلي لـ"النهار" على أن "الجهود مستمرة من مختلف الجهات لتذليل العقبات وتسهيل إخراج البضائع".
ويكشف أنه تلقّى، في المقابل، شكاوى من عدد من أعضاء نقابة مستوردي المواد الغذائية تفيد بعدم إنجاز معاملات التخليص لبضائعهم حتى اليوم، مؤكداً ضرورة "وضع الأمور كما هي، من دون تجميل أو تضخيم".
ويوضح بحصلي أن "غياب أي جهة من الجهات المعنية، كعدم توافر مراقبي وزارة الاقتصاد في بعض الأحيان، يفرغ تمديد ساعات العمل من مضمونه"، لافتاً إلى أن "البضائع تحتاج أولاً إلى أخذ عينات وإرسالها إلى المختبرات، وبالتالي فإن غياب الموظفين المعنيين يجعل فتح المرفأ لساعات إضافية إجراءً غير كافٍ".

"تأثير سلبي"...
بدورها، أوضحت إدارة واستثمار مرفأ بيروت في بيان، أن "نظام CAMA التابع للمرفأ يعمل بشكل طبيعي من دون أي أعطال، وأن جميع "العمليات التشغيلية" تتم بشكل منتظم".
وأكدت الإدارة أنها "ملتزمة بضمان استمرارية العمل وسير العمليات بالشكل الطبيعي".
إلى ذلك، يعود بحصلي ويشير إلى أنّ "التأخير ينعكس سلباً على التجّار، ولا سيّما في ما يتعلّق بالأصناف المرتبطة بموسم الأعياد، إذ إنّ عدم إنجاز التخليص في الوقت المناسب قد يؤدّي إلى خسائر كبيرة".
ويؤكّد أنّ "الصرخة التي أطلقتها النقابة تأتي في هذه المرحلة الحسّاسة تحديداً"، لافتاً إلى أنّ "التأخير لا يعني بالضرورة ارتفاعاً في الأسعار أو انقطاعاً في السلع، بل يهدّد مصالح عدد من التجّار في حال لم تُنجز المعاملات ضمن المهل المطلوبة".
انقطاع المواد الغذائية؟
تتزايد التساؤلات حول ما إذا كان التأخير في إخراج البضائع من المرفأ والمطار قد ينعكس انقطاعاً في بعض المواد الغذائية من الأسواق، أو يؤدّي إلى ارتفاع أسعارها مع اقتراب موسم الأعياد. في هذا الإطار، يشدد نقيب أصحاب السوبرماركت نبيل فهد لـ"النهار" على أن "لا خشية إطلاقاً من انقطاع المواد الغذائية من الأسواق"، موضحاً أنّ "التأخير الذي حصل اقتصر على بعض المواد الطازجة التي تتطلّب وصولاً سريعاً، ولا سيّما عبر المطار".
ويوضح أنّ "المخزون متوافر وجميع السلع مؤمّنة"، لافتاً إلى أنّ "الأسعار لم تشهد أي ارتفاع، بل على العكس، تشهد الأسواق منافسة قوية انعكست تخفيضات وعروضاً واسعة".
ويؤكد فهد أنّ "وسائل التواصل الاجتماعي تعكس حجم العروض والتخفيضات الكبيرة القائمة حالياً"، مشيراً إلى أنّ "بعض الفئات التي يزداد عليها الطلب في موسم الأعياد، مثل الحبش والمشروبات الروحية والشوكولا والمكسّرات والأجبان، تشهد بدورها حسومات ملحوظة وانخفاضات كبيرة في الأسعار".

وعليه، يبقى موسم الأعياد محطة مفصلية للاقتصاد اللبناني، بين آمال معلّقة على تحريك الأسواق وتحديات تفرضها التعقيدات الإدارية واللوجستية.
فنجاح هذه المرحلة لا يقتصر على تمديد ساعات العمل أو اعتماد إجراءات مرحلية، بل يرتبط أيضاً بتعزيز التنسيق بين الجهات المعنية، بما يساعد على تسهيل انسياب البضائع في الوقت المناسب ويخفّف الضغوط عن القطاعات التجارية في مرحلة اقتصادية حسّاسة.
نبض