قفزة قياسية في صادرات السعودية إلى سوريا... ما الأسباب؟
ارتفعت صادرات السعودية إلى سوريا بأكثر من الضعف خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2025، وسجلت 1.2 مليار ريال سعودي (نحو 320 مليون دولار)، مقابل 558 مليون ريال (نحو 148.9 مليون دولار) فقط خلال عام 2024 بأكمله، بحسب بيانات الهيئة العامة للإحصاء السعودية، فما هي أسباب هذه القفزة القياسية في الصادرات السعودية إلى سوريا، وما هي أبرز المنتجات السعودية الواردة إلى سوريا، وبكم يقدر حجم الصادرات السورية إلى السعودية، وكيف تعزز سوريا حصتها من الميزان التجاري مع المملكة؟
4 أسباب لمضاعفة الصادرات السعودية إلى سوريا
يقول الخبير في الاقتصاد السوري الدكتور عمار يوسف لـ"النهار" إن أبرز أسباب مضاعفة الصادرات السعودية إلى سوريا أن السوق السورية على مدى سنوات طويلة في حكم النظام السابق كانت تعتبر الواردات السعودية مجرد كماليات غير مسموح باستيرادها، رغم أن جودة المنتجات السعودية عالية وأسعارها مناسبة، خصوصاً الأغذية بشكل عام مثل الألبان والأجبان والزيوت، وهذه المنتجات كانت السوق السورية متعطشة لها.
ويضيف أن سوريين كثيرين يعيشون في السعودية ويدركون تماماً مدى جودة أسعار البضائع السعودية ورخصها، لذلك عندما تم فتح سوق الاستيراد وتوفير الدولار وتسهيل تحويله، تم التوجه إلى السوق السعودية مباشرة؛ لأنها تتميز بجودة عالية وأسعار مقبولة قد تنافس المنتجات السورية نفسها، كما تتميز السعودية بصناعات اللدائن والبلاستيك والحبيبات بجودة عالية؛ لإنها بالأساس مشتقات نفطية غير متوافرة بكثرة في السوق السورية.
.jpg)
ويشرح يوسف أن السبب الرابع هو تعطش السوق السورية لاستيراد مواد البناء والمواد الكمالية الداخلة في صناعة العقار مثل الدهانات والكيماويات، ومشتقات زيوت السيارات من السعودية التي تتمتع بخبرة واسعة في هذا القطاع الصناعي.
وبسؤاله عن الصادرات السورية إلى السعودية، يقول الخبير في الاقتصاد السوري إنها لا تزال محدودة، ومقتصرة على الخضروات والفواكه الموسمية، ولا توجد بيانات رسمية لها لأن حجمها صغير جراء الحرب، وذلك لسببين الأول هو حاجة السوق السورية لهذه المواد وبالتالي عدم توافر م كميات للتصدير، ثانياً إساءة النظام السابق إدارة ملف التصدير والملف الزراعي بشكل عام وتدمير القطاع الزراعي.
200 مليون دولار صادرات سوريا إلى السعودية
ويتوقع يوسف أن يصل حجم الصادرات الغذائية السورية إلى السعودية إلى 200 مليون دولار، كما تصدر سوريا إلى السعودية الصناعات النسيجية ولكن بهامش بسيط؛ لأن المنتجات السورية غير قادرة على منافسة البضائع التركية والمصرية والصينية بسبب ارتفاع سعرها وتكاليف إنتاجها العالية، رغم أن المنتجات السورية تتمتع بسمعة طيبة في الأسواق السعودية. ويرى يوسف أنه "يمكن لسوريا تعزيز حصتها من الميزان التجاري مع السعودية، من خلال إعادة تفعيل القطاع التجاري والصناعي والاقتصاد الزراعي والصناعات المعتمدة على الزراعة، لكن كل ذلك أمور مستقبلية".
وفي السياق نفسه، يقول أمين سر جمعية حماية المستهلك في سوريا، والخبير الاقتصادي عبد الرزاق حبزة لـ"النهار" إن الصادرات السعودية كانت قائمة أيام النظام السابق ولم تنقطع، لكنها كانت محدودة، وبعد الانفتاح الحالي صار هناك تقارب سياسي واقتصادي جيد بين القيادة السورية وقيادات المملكة العربية السعودية سمح بدخول المستثمرين إلى الأسواق من الجانبين.
ويوضح حبزة أسباب ميل الميزان التجاري بين البلدين لمصلحة السعودية، وأبرزها توقف الإنتاج خلال العقد الماضي، وتعطل المعامل، وتراجع الحاصلات الزراعية، وزيادة التكلفة ودخول منافسين إلى السوق السورية، وكل ذلك حد من الصادرات السورية إلى السوق السعودية، آملاً خلال الفترة اللاحقة بأن ترتفع الصادرات السورية إلى السعودية ودخول المنافسة مع الأسواق الثانية التي تتمتع بتكلفة أقل، لأن تكلفة الإنتاج في سوريا لا تزال مرتفعة بسبب العقوبات وسوء التنظيم.
ويكمل حبزة:" نحن ننتظر دخول استثمارات سعودية كبيرة إلى السوق السورية تتركز حالياً في دمشق في مجالات الإسمنت والبناء وتشغيل المصانع والبتروكيماويات والصناعات البلاستيكية والأدوية ومدخلات الإنتاج في الهواتف والسيارات والأدوية".
ويكشف حبزة أن خريطة الاستثمار الأجنبي في سوريا اختلفت أخيراً، فأصبحت السعودية في المرتبة الأولى بعد أن كانت في المرتبة الثانية بعد تركيا والأردن.
نبض